ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي إمام وخطيب مسجد قباء، بمعرض كن داعياً بالأحساء، يوم الأحد 16- ذو القعدة - الجاري، محاضرة بعنوان» الإيمان وأثره في حياة الإنسان « وابتدأ فضيلته حديثه بمدركات من عرفها نال بها حياة مطمئنة سعيدة ومنها : 1 أعظم ما يجعل حياة الإنسان مطمئنة علمه بالحياة، وينبغي أن يُعلم أن الحياة الدنيا هيّنة على الله دلّ على ذلك العقل والنقل، أما العقل : فقد دلّ هوان الدنيا على الله أنه جلّ وعلا أذن قدرا أن يُعصى فيها، فلا يستطيع أحد أن يعصي الله إلا بإذنه، وبقدره، وهذا من أعظم الدلائل على هوان الدنيا على الله، ولو كانت الدنيا ذات كرامة على الله لما أذن الله قدرا أن يُعصى فيها، هذا الدليل العقلي أما الدليل النقلي : فإن الله جل وعلا يقول : (وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ * وَزُخْرُفا) قال بعدها ( وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ) . 2 أن يُعلم أنه قد قضى الله أنه لا راحة للمؤمن حتى يلقى الله، فتبقى المصيبة كل المصيبة من يلقى الله ولا يرتاح فالله جل وعلا قد كتب وقضى أنه لا يمكن أن ينال أحد من أهل الدنيا الراحة الكبرى حتى يلقى ربه. 3. من المدركات أن الله جل وعلا جعل علما وجعل عملا بذلك العلم، فإن لم يكن العلماء العاملون أولياء لله فليس لله وليّ، وعلى النقيض من ذلك يكون أبعد الخلق عن الله من كان عياذا بالله يملك العلم ولا يعمل به البتة. 4 أن الدنيا طُبعت على كدر، وأن الله جلّ وعلا يقول وقوله الحق : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) فإذا جمع الإنسان هذا كله تهيأ له بعد ذلك أن يعرف كيف يكون أثر الإيمان على حياته» وأضاف المغامسي موضحا الطرائق العلمية الموصولة إلى الإيمان المؤثر في الحياة فقال :»1.الإيمان به جل وعلا و المعرفة به أو العلم به تبارك اسمه وجل ثناؤه هي القوت الحق للقلوب، لأن من عرف الله جل وعلا يخطو أول خطوة في الطريق إلى لذة الإيمان، والوصول إلى أثر الإيمان في القلوب، وحكم الله جل وعلا بأن العبد ميت ما لم يعرف ربه، قال الله : (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ). 2.الافتقار لله جل وعلا والانكسار إليه هو أعظم براهين ثبوت اليقين والإيمان في قلب العبد المؤمن . 3. محبة أن يُعَظّم الله، وهذا من أعظم قرائن الإيمان، يحكم على عبد ما بأن إيمانه قد قارب الكمال إذا كان يحب المواطن التي يعظم الله جل وعلا فيها، فإذا كان العبد يحب أن يعظم الله إما على يديه أو على يدي غيره، أو يحب أن يرى مشهدا أو مقاما أو مكانا أو حالة يعظّم الله جل وعلا فيها فيسعد إذا رأى ذلك قلبه، هذا والله قد عرف الله حقا ولو أن تدخل مسجدا فترى فيه رجلا، وقد يكون هذا الرجل عند الناس من الوضعاء كالعمال مثلا -وفق المعايير الدنيوية - فتراه يصلي ويذكر الله فتفرح أن هناك من يذكر الله، ويعبده ويرجوه ويسأله، هذا من أعظم الدلائل على أنك تعرف قدر الله تبارك وتعالى، وعلى النقيض يكون حال القلب حال خوف ووجل من سخط الله وغضبه، إذا رأى من يعصي الله جل وعلا ويعاند ويكابر في طاعته لربه خوفا من أن يناله غضب الله جل وعلا وسخطه « 4 .لذة الإحسان، فإن الإحسان إلى الخلق من قلب استقر فيه توحيد الله الحق، هذا من أعظم ما يجعل المؤمن قريبا من الله وإيمانه له أثر عظيم في حياته، فلذة الإحسان ينبغي أن يستشعرها المؤمن على النحو التالي:ينبغي أن تعلم كلما زاد يقينك بأمانة أحد وعلمك بوفائه وقدرته على رد الجميل تجد في نفسك حبا للإحسان إليه، شئت أم أبيت، لأنك ترى أنك إذا أحسنت إلى أمير تدخر هذا الأمير لحالك الأيام، وإذا أحسنت إلى غني ترى أنك تدخر هذا الغني لأيام فقر تخشاها، وترى الطالب يحسن لمعلمه خوفا من تقصير في امتحان فيدخر تلك الابتسامة أو ذلك المعروف في ذلك المعلم ليوم يخشى أن تكون ورقته بين يدي المعلم، ولنصطلح على تسمية هذه الأشياء بالودائع تودع لمظنة حال يرتقبها العبد، من خير الحافظين ؟ الله، الله يقول : (فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) .العاقل الذي يعرف الله حقا من يحب أن يكثر من الودائع عند الله ليوم يلقى الله. 5 مما يجعل لإيمان المؤمن أثرا في حياته تأمله فيما كتب الله جل وعلا من عظيم النعمة وجليل القدر لبعض أوليائه، فإن التأمل في هذا يعين الإنسان في أن يعظِم توكله على ربه، ويعظِم يقينه بخالقه، فعلم العبد أن الأمر كله بيده يقدم من يشاء بفضله ويؤخر من يشاء بعدله ولا يسأله مخلوق عن علة فعله، كما لا يعترض ذو عقل بعقله . 6. إن من أعظم قرائن الإيمان خلوص النصح للمؤمنين، قال الله جل وعلا : (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ{21} وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، إلى أن وقع من قومه ما وقع من قتله، أكرمه الله جل وعلا بدخول روحه الجنة لا جسده قال : (قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ{26} بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)، قال ابن عباس وغيره من أئمة التفسير : « نصح قومه حيا وميتا «. 7. علم العبد أن المصدر الأعظم لأن يزيد الإيمان في قلبه هو كتاب الله جلّ وعلا، وكتاب الله جل وعلا لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق مزين بالتوحيد، فتدبر القرآن حقا من أعظم ما يمكن أن يزيد المؤمن إيمانا ويقينا بربه تبارك وتعالى، قال الله جل وعلا : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ). المدينة