يعد الغطاء النباتي ورطوبة التربة من أبرز العوامل التي تكبح جماح التصحر في أي جزء من الأرض، ولما للغطاء النباتي من أهمية كبرى في مكافحة التصحر فقد سنّت بعض الدول قوانين صارمة ضد أي تعدٍ على الغابات والمسطحات الخضراء. أشارت دراسات حديثة إلى أن اتساع التصحر بسبب التعدي قد يقلل بإذن الله من متوسط هطول الأمطار ويزيد من حرارة الطقس في أي بقعة من بقاع العالم. أوضح باحثون في البيئة والمناخ أن سبب التصحر الذي بدأ في السبعينيات الميلادية في كثير من دول إفريقيا وآسيا يرجع إلى التخريب المستمر للبيئة النباتية وأهلك الحرث والرعي الجائر والحروب التي عطلت التنمية بشكل عام والتنمية الزراعية بشكل خاص ودهورت التربة وبثت السموم التي يمتد أثرها عقوداً طويلة. ففي السنوات العشرين الماضية زاد معدل العواصف الغبارية، خاصةً في المملكة العربية السعودية، حتى أصبح صفة تتصف بها بلادنا التي كانت في وضع أفضل قبل حروب الخليج. فعلا سبيل المثال، تشير إحدى الإحصائيات التي قام بجمعها المؤرخ صالح الربيعان، إلى أن نسبة الغبار شمال المنطقة الوسطى القصيم زادت من ثمانية أيام في عام 1403 إلى 82 يوما عام 1428، أي أن العواصف الرملية زادت بمقدار ثمانية أضعاف ما كان عليه الحال في 1403. وأسباب ازدياد عدد الأيام الغبارية في المملكة العربية السعودية تعود بالدرجة الأولى للحروب التي مرت بالعراق حيث لم تكن العواصف الرملية بهذه النسبة حينما كان العراق ضمن مناطق الهلال الخصيب الذي يمتد من إيران شرقاً إلى الشام غربا، ثم إلى الرعي الجائر وقطع الشجرة والتمدد العمراني وإنشاء الطرق وتحكم بعض الدول المجاورة في المياه التي تصل إلى العراق عن طريق نهري دجلة والفرات حتى بدأ منسوب هذين النهرين بالانخفاض نتيجة كثرة السدود في مناطق مصب النهرين، ولم يقتصر أثر هذا التصحر على العراق، بل شمل حتى الدول المجاورة مثل شرق سورية والأردن حتى أصبحت صحاري هذه الدول نفاثة ومُصدرة للغبار الذي يصلنا عبر الرياح الشمالية والشمالية الشرقية. ومن نتائج الغبار والتي تؤرق المختصين: 1- ازدياد معدل الإصابة بأمراض الحساسية والربو وأمراض العيون. 2- ارتفاع في درجات الحرارة. 3- تسارع الرياح التجارية التي تعد أحد أبرز أسباب الجاف في معظم مناطق شبه الجزيرة العربية نتيجةً لصدها للرياح الرطبة القادمة من بحر العرب وبذلك تبعدها إلى الجنوب. 4- تملح التربة وتفككها. 5- اتساع رقعة التصحر وظهور كثبان رملية جديدة. 6- انعدام شبه متكرر للرؤية وتأثر قطاع النقل والسفر وطمر الطرق بالرمال خاصةً الطرق التي تربط بين وسط وشرق وجنوب شرق البلاد، مثل طريق الدمام وطريق حرض، وتحتاج إلى عملية إزالة الكثبان الرملية في كل مرة تنشط بها الرياح. 7- تعطل الأعمال نتيجة سواء الأحوال الجوية. 8- استمرار التصحر وزحف الرمال سيجعل محافظات المنطقة الشرقية ومحافظات جنوب شرق الرياض تحت الرمال مع مرور الزمن. ولذلك لا بد من وضع حلول لكبح هذه الظاهرة أو على الأقل التقليل منها، وذلك عن طريق: 1- تضافر الجهود بين الدول المعنية بهذه المشكلة وهي دول الشام والعراق ودول الخليج العربي لوضع حلول عاجلة للحد من هذا التصحر. 2- الاستزراع والتشجير قدر الإمكان والتشجيع على ذلك. 3- تثقيف العامة بأهمية الحفاظ على البيئة والعواقب التي تترتب على تدهور البيئة النباتية. 4- سن قوانين صارمة ضد أي تعدٍ على البيئة ومتابعة ذلك جيداً. 5- الاستعانة بالدول المتقدمة لمكافحة التصحر وإيجاد الحلول. 6- الاستفادة من مياه البحار قدر الإمكان لمكافحة التصحر. وأخيراً، فالمناخ عنصر مؤثر في الحياة اليومية لجميع الكائنات، لذا يجب الحذر من سلبياته والعواقب الوخيمة، لا سمح الله . ((الاقتصادية ))