لم يكد «عبيد القحطاني» يفيق من مصيبة فقد شقيقه حتى فوجئ بأنه مطالب بسداد مبلغ 350 ألف ريال.وعلى رغم الظروف المعيشية السيئة التي كانت تمر بها الأسرة، إلا أن الراتب الشهري ل «عبيد» كان يقوم بضروريات الحياة، ولكن الأمور تحولت إلى الأسوأ منذ سجنه. بدأت مأساة عبيد وأسرته عندما وقعت حادثة مرورية لشقيقه سعود (رحمه الله)، الموظف سابقاً في إدارة سجون محافظة ظهران الجنوب منذ نحو أربعة أعوام، إذ اصطدمت سيارته بسيارة أخرى كانت تستقلها أسرة مكونة من ثلاث نساء وطفلين كان أحدهما يقود السيارة، ولقي الجميع حتفهم فوراً، وشكلت على إثر ذلك لجنة قررت أن «سعود» هو المتسبب في الحادثة. وبناء على ذلك التقرير، أصدرت محكمة الأمواه على عبيد بدفع الدية كاملة، كما شمل الحكم كذلك والدته ذات ال81 عاماً، وجده دشن الصويان البالغ من العمر 135 سنة. أغلقت الأبواب في وجه الأسرة، وتحمل عبيد المصيبة مستعيناً على ذلك بالله، إلا أنه عجز عن توفير مبلغ الدية، ما جعل السلطات الأمنية تبادر بسجنه إلى حين توفير المبلغ. ويقول عبيد: «صدر حكم ضدي بصفتي وكيل أخي المتوفى رحمه الله منذ نحو أربع سنوات في حادثة مؤلمة ليس لنا فيها ذنب، وقامت لجنة غير متخصصة ولا مؤهلة بتحميل شقيقي المسؤولية الكاملة عن الحادثة»، موضحاً أن اللجنة تجاهلت وقائع أخرى كان لها دور في وقوع الحادثة، وفي مقدمها مشروع كان ينفذ في الطريق، إضافة إلى أن الحادثة وقعت مساءً وفي طريق يفتقر إلى السفلتة والإنارة. ويضيف: «حقيقة أستغرب عدم الإشارة إلى تلك العوامل، وتحميل الطرف الأضعف المتمثل في أسرة فقدت أحد أبنائها، المسؤولية الكاملة مع علمهم بصعوبة سداد مثل هذا المبلغ الضخم». يتابع الشاب المسجون: «يعلم الله أننا متألمون لفراق شقيقنا وكذلك للمتوفين الآخرين ونعلم بحجم مصابهم»، لافتاً إلى أن سجنه لن يسهم في سداد المبلغ بقدر ما سيزيد وضع أسرته سوءاً. ليس مبلغ الدية فقط ما يؤرق عبيد، فوالدته تعيش وضعاً نفسياً سيئاً منذ فقد ابنها سعود، «أصبحت والدتي في محنتين مفارقة ابنها وسداد دية عظيمة لا تستطيع دفعها، وما زاد ألمنا هو الحكم على جدي على رغم أنه مسن وليس في يده أي شيء، إضافة إلى أنه يعيش وضعاً صحياً بائساً». ظل عبيد صامداً طوال حديث ل «الحياة» حتى وصل به الحديث إلى ما يمر به أطفاله من وضع نفسي سيئ نتيجة لفقده، إضافة إلى ظروف الحياة التي قست عليهم، «أفكر فيهم كثيراً وأدعو الله أن يلم شملنا جميعاً عاجلاً غير آجل»، مشيراً إلى أنه يعول، إضافة إلى زوجته وأبنائه الأربعة، أسرة مكونة من 34 فرداً من بينهم أشقاؤه وشقيقاته وأبناؤهن. ويأمل عبيد من المسؤولين في الجهات ذات العلاقة بإعادة النظر في القضية من جميع جوانبها، كما ينتظر تدخلاً إيجابياً من فاعلي الخير والجمعيات الخيرية لمساعدته وأسرته وإنقاذه من السجن، «لا أعلم ماذا أفعل فقد تقطعت بي السبل إلا من الواحد الأحد، وليس لي بعد الله سوى مساعدة أهل الخير». - الحياة -