أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله. وقال في خطبته التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: الحرص على ما ينفع، والاستعانة بالله عز وجل، بالثقة فيه، والاعتماد عليه، والتوكل واللجوء إليه؛ هما بمنزلة طريقين، مَن وُفق إلى السير فيهما كان هو الموفق إلى بلوغ ما يؤمل، والسلامة مما يرهب؛ وذلك بإدراك كل خير في العاجلة والآجلة. وأعلى ذلك وأشرفه وأعظمه: الحظوة برضوان الله، والنظر إلى وجهه الكريم في جنات النعيم، وتلك هي الزيادة التي وعد الله بها الذين أحسنوا العمل، وأخلصوا القصد؛ فقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين هذين الأصلين العظيمين أبلغ جمع وأدله على المقصود، حين أمر بالحرص على الأسباب، وبالاستعانة بالمسبب سبحانه، ونهى عن العجز؛ إما بالتقصير في طلب الأسباب وعدم الحرص عليها، وإما بالتقصير في الاستعانة بالله وترك تجريدها. وأشار إلى أن الدين كله -كما قال الإمام ابن القيم- تحت هذه الكلمات النبوية؛ فالحرص على ما ينفع العبد أصل كل ما يكون به فلاحه وسعادته في دنياه وأخراه، والاستعانة بالله تعالى بالثقة فيه سبحانه والالتجاء إليه والاعتماد عليه أصل القبول، وسبيل الثواب، وطريق الهداية إلى صراط الله المستقيم؛ فليحرص المرء على ما ينفعه، ولا أنفعَ له في دنياه وآخرته من عبادة ربه التي هي غاية خلقه. وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن العبادة هي فعل كل ما يحبه الله تعالى، وترك ما ينهى عنه مبتغيًّا بذلك وجهه، متابعًا فيه رسوله صلى الله عليه وسلم، كما تكون صلاةً وصيامًا وحجًّا وزكاةً، تكون كذلك شكرًا وصبرًا ورضًا وشوقًا إلى الله، ودعاءً وتذللًا وتضرعًا وإخباتًا وإنابةً وخشوعًا له وحده سبحانه، وتكون أيضًا أكلًا للحلال الطيب، واجتنابًا للحرام الخبيث، وأمرًا بالمعروف ونهيًّا عن المنكر، وبرًّا بالوالدين، وحسن خلق، وتوقيرًا للكبير، ورحمةً بالصغير والمسكين، وصدقًا في الحديث، وأداءً للأمانة، ووفاءً بالعهد، واجتنابًا للربا وسائر ما حرم الله، وغضًا للبصر، وحفظًا للفرج، وصيانةً للعمر من ضياعه في الفضول من المخالطة والنظر والكلام والأكل والنوم، ودعوةً إلى الله على بصيرة. وبيّن "خياط" أن العبد إذا استعان بالله وترك عبادة ما سواه، وفي الطليعة من ذلك: عبادة الشيطان الذي قال الله في التحذير من عبادته: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين}، وعبادته هي طاعته فيما يأمر به من الكفر بالله والشرك به؛ فإذا فعل ذلك فقد أخذ بمجامع أسباب التوفيق، وحظي بيمن هذه الوصية النبوية، وكان له من حُسن التأسي وكمال الاقتداء بسيد الأنام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، وصدق الاتباع لهديه؛ ما يكون أعظم عون له على بلوغ الحياة الطيبة في الدنيا، والظفر بالجزاء الضافي الكريم الذي أعده الله بالجنة للمتقين الموفقين إلى الخيرات في الأيام الخالية. ولفت إلى أن ليس للإنسان أن يدع السعي فيما ينفعه الله به متكلًا على القدر؛ بل يفعل ما أمره الله ورسوله به، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلم أن يحرص على ما ينفعه، والذي ينفعه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، يحتاج إلى منازعة شياطين الإنس والجن، ودفع ما قُدّر من الشر بما قدّره الله من الخير، وأن يكون عمله خالصًا لله؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه.