ألقى فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة اليوم حيث قال فضيلته: بأن كلٌ منا يحب ويتمنى ويسعى أن يكون بأحسن الأحوال وبأفضل الصفات وأن يكون دائماً على أقوم طريق وأن يكون دائماً ثابتاً على الصراط المستقيم قد جمع الله له خير الحياة وخير الممات , وكلٌ يكره الشقاء والخسران والذلة والقلة وسوء الصفات ورذائل الخصال وطرق الخزي والضلال ويكره عواقب السوء في جميع الأحوال . وأشار فضيلته أن الطريق إلى تلك الخيرات ودفع عواقب الشر في الحياة وبعد الممات طريق واحد وسبيل مستقيم لا ثاني له ألا وهو الحكمة بمعناها الأعم والأشمل قال الله تعالى (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) , وأما طرق مجانبة الحكمة ومباعدتها فهي كثيرة لا يحصيها إلا الله تعالى قال عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ). وأوضح فضيلته أن الحكمة مجموعة معان هي العلم الشرعي مع العمل به والإصابة في الأقوال وتحكيم النصوص الشرعية على الأفعال , ونضع الخلق بأنواع المنافع المقدور عليها بنصح وسلامة صدر وإخلاص لله تعالى طلباً لثوابه وخوفاً من عقابه , وأعظم الحكمة ما وصانا الله به في كتابه كما في سورة الأنعام في قوله تعالى (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلكم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) . وأكد فضيلته أن من الأسباب التي تنال بها الحكمة التوحيد لله تعالى وبغض الشرك بالله عز وجل قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أولئك لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) , فصفاء العقيدة نور على نور الفطرة وإدراك على إدراك العقل وقوة في البدن والروح تدرك بها الأمور على ما هي عليه قال تعالى (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ). وأضاف فضيلته أن من أسباب نيل الحكمة شكر الله تعالى على نعمه بالقول والفعل قال نبينا صلى الله عليه وسلم ( أفلا أكون عبداً شكوراً ). وفي الخطبة الثانية بينً فضيلته بأن المؤمن إذا داوم على محاسبة نفسه خف حسابه في الآخرة ومداومة محاسبة النفس بأن يكون في يومه خيراً من أمسه قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) واختتم فضيلته الخطبة بقوله أن التنافس النافع الباقي المورث للنعيم المقيم هو في السعي لنيل الحكمة التامة العامة قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ) .