_ هيا السعيد استقبل وزير العدل في جمهورية الصين الشعبية السيد تشانج جيون في العاصمة بكين أمس نظيره معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني، بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الصين تركي بن محمد الماضي، وذلك في مستهل زيارة للصين، تهدف إلى تنمية العلاقات بين البلدين، والتعاون وتبادل الخبرات في المجال القضائي. وفي بداية اللقاء، رحب تشانج جيون بمعالي وزير العدل والوفد المرافق له منوهًا بالتطور الذي تشهده المملكة في العديد من المجالات، ومثمنًا التباحث حول توقيع اتفاقية للتعاون القضائي بين البلدين، وفتح عهد جديد من التعاون بين البلدين، وخصوصًا أن زيارة وزير العدل السعودي تُعتبر الأولى لوزير عدل سعودي للصين. وأكد معالي وزير العدل من جهته أن جمهورية الصين الشعبية من أكثر الدول التي يتعامل معها العديد من المستثمرين السعوديين؛ فالتبادل التجاري بين البلدين ضخم، وتبرز أهمية توقيع اتفاقية قضائية بين البلدين لتعزيز الأمان والطمأنينة في تعاملات المستثمرين والتجار في كلا البلدين، وتزيد من تبادل الخبرات العدلية والتجارب القضائية. ولفت معاليه النظر إلى أن العلاقات مع الصين في المجال القضائي أصبحت أكثر أهمية بعد التبادل التجاري المتزايد بين القطبين الاقتصاديين المهمين في آسيا، وهي خطوات تجد تشجيعًا من أعلى قيادات البلدين، وخصوصًا بعد الزيارتين الأخيرتين لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله -، التي تكللتا بالنجاح، وتطورتا إلى اتفاق استراتيجي، يحيي طريق الحرير العريق الذي كان رمزًا للتبادل التجاري بين بلاد الصين ومنطقة الجزيرة العربية على مر العصور، بما يتقاطع مع برامج رؤية السعودية 2030 الطموحة والعاملة على استثمار موقع المملكة الجغرافي الخلاق في البناء التنموي والازدهار الاقتصادي. وأعطى الدكتور الصمعاني لمحة عامة عن النظام القضائي السعودي وما يحتويه من ضمانات قضائية متوافقة مع معايير المحاكمة العادلة المعتمدة دوليًّا. كما تطرق لدرجات التقاضي الثلاث بالمملكة التي تعتبر من أهم الضمانات الموضوعية التي يمتاز بها النظام العدلي السعودي. وأوضح وزير العدل أن نظر النزاعات التجارية بالمملكة يمضي في مسارين اثنين، فإما أن يحل النزاع عبر القضاء التجاري ممثلاً في المحكمة التجارية المتخصصة، التي تم تخصيصها مؤخرًا لتأتي متوافقة مع الخطوات المتسارعة للمملكة نحو تطوير وتحسين وتسريع النظام التجاري؛ ليتواءم مع المشاريع الاقتصادية الكبيرة التي تقوم بها الدولة، ضمن رؤية المملكة 2030، وإما عبر المسار الثاني الذي هو التحكيم التجاري؛ إذ أنشأت المملكة مؤخرًا المركز السعودي للتحكيم التجاري الذي سيعنى بدرجة كبيرة بسرعة تسوية المنازعات ومرونة الإجراءات وفاعليتها. وبيَّن الدكتور الصمعاني أن العمل القضائي التجاري تحكمه أنظمة عديدة أقرتها المملكة، وتمتاز بالمرونة، والفاعلية، والتطوير، والتحديث المستمر؛ وذلك نظرًا لما يتطلبه هذا النوع من الأقضية من سرعة، وما يطرأ عليه من تغيرات، ونظرًا لما يمثله الوقت للتاجر من أهمية كبيرة؛ فالقوانين التي تسير عليها المملكة في هذا الجانب تستهدف سرعة الفصل في هذه القضايا، وتحقيق العدالة الناجزة؛ فهناك نظام للشركات، والعديد من الأنظمة التجارية الأخرى. كما أن المملكة تسعى دائمًا لتطوير قوانينها، وإعادة هيكلتها وتصحيحها للتوافق مع أي مستجدات ومتغيرات. والمملكة تستعد لإقرار أنظمة مهمة لدعم العمل التجاري، كنظام الإفلاس، الذي يتوقع صدوره قريبًا. وأضاف معالي وزير العدل: «وفيما يتعلق بتنفيذ الحكم القضائي فقد أنشأت المملكة محاكم خاصة لتنفيذ الأحكام القضائية المختلفة، أو الأوراق التجارية، أو ما يعتبر سندًا تنفيذيًّا بموجب نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية. وتمتاز هذه المحاكم بضمان سرعة التنفيذ، ورد الحقوق عبر طرق عدة، المحكمة مخولة باتخاذها». كما التقى الدكتور الصمعاني الذي يرأس مجلس إدارة هيئة المحامين السعوديين رئيس الجمعية الوطنية الصينية للمحامين وانغ جون فنغ. وجرى خلال اللقاء استعراض النظام العدلي في كلا البلدين، وما يتعلق بقطاع المحاماة، وأبرز المشاريع والمبادرات الموجهة للمحامين والمحاميات. وأوضح معالي وزير العدل أن مهنة المحاماة في المملكة العربية السعودية تشهد تقدمًا عامًا بعد عام، وحتى الآن هناك أكثر من 4800 محامٍ، منهم 209 محاميات، مرخص لهم بمزاولة المهنة، ويحكم عملهم نظام خاص بهم، وهو نظام المحاماة. وقد دشنت وزارة العدل عبر مركز التدريب العدلي العديد من البرامج الرامية إلى تعزيز الإمكانات القانونية لدى المحامي؛ لكون تطويره هو في الحقيقة تطوير لأحد أهم عناصر المنظومة العدلية؛ فهو القاضي الواقف، وهو شريك مع القاضي في تحقيق العدالة. وأكمل الشيخ الصمعاني: إن المملكة العربية السعودية في إطار اهتمامها بمهنة المحاماة والمحامين أنشأت في عام 2015 الهيئة السعودية للمحامين بعد موافقة مجلس الوزراء على تنظيم الهيئة السعودية للمحامين تأكيدًا لدور مهنة المحاماة، ومساعدة القضاء في تحقيق العدالة. وهي هيئة مستقلة، تهدف إلى رفع مستوى ممارسة المحامين لمهنتهم، وضمان حسن أدائهم لها، والعمل على زيادة وعيهم بواجباتهم المهنية. والهيئة سعت منذ إنشائها إلى تحقيق هذا الهدف من خلال مبادرات عدة أعلنتها. وكان وزير العدل السعودي قد بدأ زيارة رسمية على رأس وفد قضائي إلى جمهورية الصين، من المقرر أن يُعقد فيها عدد من المباحثات الاستراتيجية في مجال التعاون العدلي بين المملكة والصين، وفق جدول أعمال حافل، يتضمن التباحث مع كبار المسؤولين في الشأن القضائي، وزيارة عدد من المحاكم، ولقاء منسوبي الهيئات المختصة في البلاد والجمعيات المهنية.