أزد - جمال عسيري / الاقتصادية // انتقلت عدوى شراء الائتمان وإعادة الإقراض من الأفراد إلى المكاتب المنتشرة في شوارع العاصمة، حيث بدأ انتشارها بشكل واضح وبعبارات بارزة على لوحات تلك المكاتب تشير إلى تسديد القروض، بعد أن كانت اللوحات تحمل عبارة «للتقسيط». ويأتي هذا التحوّل في آلية عمل مكاتب التقسيط، بعد زيادة عدد الملصقات الموضوعة على الصرافات من قبل الأفراد خلال الفترة الأخيرة وتطور أعمالهم، وهو ما يشير إلى انتعاش سوق الإقراض على الرغم من القيود التي فرضتها مؤسسة النقد على الائتمان خلال الأعوام الماضية. وحذر اقتصاديون ومختصون من خطورة انتشار تلك الظاهرة، مؤكدين أنها ستنعكس سلباً على العملاء، من خلال تحمّلهم مبالغ إضافية وبفوائد أعلى، مع احتمالية تعثرهم في السداد، إلى جانب المخاطر الاقتصادية التي ستنعكس على النظام المصرفي والاقتصاد ككل في المملكة. في مايلي مزيد من التفاصيل: انتقلت عدوى شراء الائتمان وإعادة الإقراض من الأفراد إلى المكاتب المنتشرة في شوارع العاصمة، حيث بدأ انتشارها بشكل واضح وبعبارات بارزة على لوحات تلك المكاتب تشير إلى تسديد القروض، بعد أن كانت اللوحات تحمل عبارة «للتقسيط». ويأتي هذا التحول في آلية عمل مكاتب التقسيط بعد زيادة عدد الملصقات الموضوعة على الصرافات من قبل الأفراد خلال الفترة الأخيرة وتطور أعمالهم، وهو ما يشير إلى انتعاش سوق الإقراض بالرغم من القيود التي فرضتها مؤسسة النقد على الائتمان خلال الأعوام الماضية. وحذر اقتصاديون ومختصون من خطورة انتشار تلك الظاهرة مؤكدين أنها ستنعكس سلباً على العملاء من خلال تحملهم مبالغ إضافية وبفوائد أعلى، مع احتمالية تعثرهم في السداد، إلى جانب المخاطر الاقتصادية التي ستنعكس على النظام المصرفي والاقتصاد ككل في المملكة. وأشار المختصون إلى ضرورة خضوع جميع شركات ومكاتب التقسيط لنظام مؤسسة النقد، وأن تعيد وزارة التجارة والصناعة النظر في آلية إعطاء تراخيص لمثل تلك المحلات، مؤكدين أن تزايدها بهذا الشكل من دون أي تنظيم قد يخلق مشكلات قانونية سواء لشركات ومكاتب التقسيط أو للعملاء أنفسهم. واعتبر الاقتصاديون أن الادخار في المجتمع السعودي أصبح معدوماً خلال الفترة الأخيرة بسبب زيادة الاقتراض وتحمل العملاء أعباء مادية كبيرة، مطالبين بضرورة إعداد دراسة متكاملة لوضع سوق التقسيط في المملكة وإعادة ترتيب أوراقه بالشكل الذي يخدم الاقتصاد المحلي ويعزز قوته. «الاقتصادية» عمدت إلى الاتصال بأحد مكاتب التقسيط المتخصصة، وتقمصت دور العميل الذي يرغب في تسديد قروضه، حيث أوضح صاحب المكتب أن طريقتهم تعتمد على عقد شراء سياره يتم بينهم وبين العميل على أن يبيع العميل السيارة ويسدد دينه، ويأخذ المتبقي منه، مع تسديد الفوائد للمكتب، معتبراً أن طريقته نظامية. وهنا قال فادي العجاجي المستشار الاقتصادي إن لجوء العميل لمثل تلك المكاتب بغرض تسديد القرض قد يحمله ضررا كبيرا من خلال تكبده فوائد أعلى على القرض، وسيكون مديناً للبنك وبعد ذلك مدينا لتلك المكاتب وهو ما سيضاعف أعباءه المادية بشكل كبير. وأضاف العجاجي أن استمرار مثل تلك المكاتب من خلال عملها في التقسيط بعيدا عن الرقابة، أو مظلة تخضع لها قد يؤثر في النظام المصرفي في المملكة، وسيزيد من حالات التعثر في الائتمان بشكل كبير خلال الأعوام المقبلة، لافتاً إلى أنه بسبب انتشار الإقراض بشكل كبير تناقص ادخار الأفراد وأصبح في الوقت الحالي يقاس ب «السالب». وتوقع المستشار الاقتصادي أن يكون السبب في زيادة الاقتراض في الوقت الحالي توجه السيولة نحو العقار، مشيراً إلى أن معظم الأفراد في الوقت الحالي اتجهوا نحو الاستثمار في هذا القطاع بسبب التوقعات التي تشير إلى انتعاشه بالنظر إلى قرب إصدار نظام الرهن العقاري، في الوقت الذي عمد كثير من الأفراد في المجتمع إلى الحصول على القروض لسد الالتزامات التي تقع على كاهله. وحذر العجاجي من خطورة تزايد الإقراض من قبل المكاتب والشركات خلال الفترة الأخيرة، معتبراً أن انتقال ظاهرة تسديد الديون من ملصقات على الصرافات إلى مكاتب التقسيط ظاهرة سلبية على الاقتصاد تجب معالجتها. من جانبه، طالب عبد الوهاب أبو داهش المحلل الاقتصادي بضرورة أن يدخل قطاع التقسيط ضمن نطاق صلاحيات مؤسسة النقد، وأن يخضع لأنظمتها في سبيل تنظيم القطاع بالشكل الذي يحفظ حقوقه وحقوق العملاء على حد سواء، ويضمن الحد من تزايد حالات التعثر بشكل كبير مستقبلاً. وقال أبو داهش إن ظاهرة تسديد الديون بهذا الشكل تعتبر ممارسة غير شرعية، وقد تحدث الضرر الكبير للعملاء، مرجحاً تزايد حالات التعثر بالنظر إلى زيادة إقبال العملاء على طلب القروض وهو ما أدى إلى انتعاش القطاع بشكل كبير. وأضاف المحلل الاقتصادي «معظم زبائن تلك المكاتب والشركات هم ممن لا يستطيعون أخذ قروض من البنك بسبب المديونيات التي عليهم، أو أنهم يرغبون في مبالغ أكبر، وهم بالتالي من المتعثرين، وهذا يؤدي إلى نشوء سوق إقراض غير نظامية، وحدوث مشكلات مالية لا تحكمها الأنظمة، وهنا يجب مساءلة جميع من في قطاع التقسيط، وإلغاء تراخيصهم وإعادة تنظيمهم». وكانت ظاهرة تسديد القروض من خلال الأفراد قد تزايدت في الفترة الأخيرة من خلال الملصقات التي يروج لها بعض السماسرة لتسديد القروض على الصرافات الآلية المنتشرة في الشوارع خصوصاً مع بدء شهر رمضان، واحتياج المجتمع للمال للوفاء بالتزاماته، في الوقت الذي عمد فيه بعض من هؤلاء المروجين للقروض إلى وضع إعلانات تشير إلى مزايا أكبر من ذي قبل رغبة في جذب أكبر عدد من العملاء. وأشارت الإعلانات إلى تمكن ذلك الوسيط من إسقاط القرض الإضافي أو المؤجل واستخراج قرض جديد، إلى جانب تسديد بطاقة الفيزا بنسبة أقل، وبطريقة شرعية وإسلامية، واستخراج قرض جديد يصل حتى 18 راتبا، مع تأخير القسط لمدة أربعة أشهر، من خلال ما سمي ب«البرنامج الجديد». ورصدت «الاقتصادية» في وقت سابق عددا من الصرافات الآلية المنتشرة في أرجاء العاصمة وقد غطتها تلك الملصقات، بل إن عددا كبيرا منها قد تشوه بسبب المنافسة الشرسة التي تجري بين هؤلاء السماسرة، من خلال إزالة الملصقات ووضع بديل لها، في الوقت الذي يشير فيه مختصون إلى أن سماسرة القروض أصبحت لديهم مناطق بأسمائهم من حيث تملك حق وضع الملصق على الصرافات الموجودة في منطقة معينة، ومحاسبة وتهديد كل من يحاول الدخول بملصقاته عليهم، لافتين إلى أن بعض موظفي البنوك يتواطأون مع هؤلاء السماسرة من خلال تخطي الأنظمة في هذا الشأن. وحذر مختصون من تفاقم انتشار تلك الظاهرة باعتبارها مضرة بالمجتمع، وتستغل حاجة الناس للأموال، معتبرين أن تلك العمليات قد تكون من ضمن مجالات غسيل الأموال بالنظر إلى الضبابية التي تحيط بمصدر أموال المقرضين.