في مسلسل دامٍ وأمام أعين العالم واصلت روسيا -صاحبة السوابق الإجرامية في أفغانستان والشيشان وحالياً في سوريا- تدمير كل ما يمتّ للإنسانية بصلة في حلب؛ بحجة مكافحة الإرهاب، وهو أمر بات محل مقت وسخط من كل المجتمع الدولي، وباتت روسيا مثالاً حياً وواقعياً لأداة قتل ترتكب الجرائم السادية المنظمة التي لا يتقنها إلا الروس. وضجت مواقع التواصل الاجتماعي طوال الأيام الماضية تنديداً بالجرائم المرتكبة في حلب من قِبَل الروس، ودعوا الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى إعلان سوريا دولة محتلة من قِبَل روسياوإيران، وهو الأمر الذي يوجب دعم المعارضة السورية بكل الأسلحة المختلفة والفتاكة، والتكاتف لمواجهة روسياوإيران وإفشال مهمتهم، بعيداً عن مشاروات الغرب ومجلس الأمن المنافق. وكشفت "السي إن إن" الأمريكية، في تقرير لها، أن عشرة آلاف عنصر من قوات النظام وروسيا والميلشيات الشيعية، تستعد لاقتحام حلب وسط حملة قصف كثيف بالقنابل الخارقة والارتجاجية وهي محرمة دولياً، ووصفت أن ما سيحدث هو عبارة عن مجازر مروعة وتطهير عرقي غير مسبوق. وفي السياق ذاته، قصفت طائرات روسية والقوات السورية، مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في مدينة حلب ومحيطها يوم السبت، واتهم مقاتلو المعارضة وموظفو إغاثة هذه القوات بتدمير أحد المستشفيات الرئيسية بالمدينة وقتْل اثنين من المرضى على الأقل. وجاء قصف مستشفى "ميم 10" في شرق حلب في الوقت الذي حثت فيه الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الحكومة الروسية التي تحاول سحق معارضي الرئيس السوري بشار الأسد على وقف القصف والتوصل إلى حل دبلوماسي، وركزت الغارات الجوية التي شُنت السبت على خطوط الإمداد الرئيسية للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة بحلب مثل طريق الكاستيلو، ومنطقة الملاح، والمناطق المحيطة بمخيم الحندرات. وقال مقاتلون من المعارضة ورجال إنقاذ: إن طائرات روسية وطائرات هليكوبتر سورية أطلقت ما لا يقل عن سبعة صواريخ على المستشفى المعروف باسم مستشفى الصخور؛ فيما قالت منظمة إغاثة أمريكية: إن مريضين قُتِلا وأصيب 13 آخرون في الهجوم وهو الثاني على المستشفى خلال أقل من أسبوع. وأوضح محمد أبو رجب، طبيب الأشعة بالمستشفى: "المستشفى الآن خارج الخدمة نهائياً، دُمرت الحوائط والبنية التحتية والمعدات والمولدات، ولا يوجد أي حراس أو موظفين.. إنه ظلام دامس"؛ فيما أظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي دماراً واسعاً. ولاقى الهجوم إدانة فورية من فرنسا وألمانيا، وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو: إن قصف المنشآت الصحية وأفرادها في حلب بمثابة جريمة حرب، وأضاف الوزير الفرنسي: "ستتم محاسبة الجناة". وبيّن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في تعليق على "تويتر": "قصف حلب ينبغي إيقافه، وأي شخص يرغب في محاربة الإرهابيين لا يهاجم مستشفيات". وفي الأسبوع الماضي وصفت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة، التصرفات الروسية في سوريا بأنها "همجية" وليست جهوداً لمكافحة الإرهاب، وأدان مسؤول في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما القصف؛ مشيراً إلى "استخفاف تام" بالعاملين في المجال الطبي ومن يحتاجون إلى مساعدتهم. وأضاف: "التقارير الخاصة بتدمير مستشفى آخر تُظهر بشكل أكبر الاستخفاف التام بأرواح العاملين في المجال الطبي ومرضاهم الذين يحتاجون إلى رعاية حرجة بسبب نظام الأسد والحملة الروسية المتواصلة ضد الشعب السوري"، وقال المعارضون: إن موسكو وقوات الحكومة السورية تستهدف منذ شهور محطات الكهرباء والمستشفيات والمخابز لإجبار نحو 250 ألف شخص يُعتقد أنهم يسكنون بالمنطقة، على الاستسلام. وقُتِل المئات في القصف وأصيب مئات آخرون؛ بينما يعاني الناس للوصول إلى مستشفيات تفتقر للتجهيزات الأساسية، وعزز الجيش السوري -مدعوماً بمئات من المسلحين الذين تدعمهم إيران- الحملةَ الجوية بهجوم بري على أكثر من جبهة؛ بهدف تحطيم دفاعات المعارضة داخل المدينة. وأوضح "أبو حيدر" القيادي في تجمع "فاستقم" -وهو أحد جماعات المعارضة داخل حلب- في رسالة عبر الإنترنت، أن الجيش يقود هجوماً على كل الجبهات ويحاول فتح أكثر من جبهة رئيسية؛ مشيراً إلى تجمع الكثير من الجنود أغلبهم في مخيم الحندرات. وكشفت الولاياتالمتحدة أنها لن تنفّذ -على الأقل حالياً- تهديداً أعلنته الأربعاء، بتعليق الدبلوماسية إذا لم تتخذ روسيا خطوات فورية لإنهاء العنف، وتخلت موسكو والأسد عن وقف إطلاق النار، وشنت هجوماً جديداً وهو على الأرجح الأكبر وأشد المعارك حسماً في الحرب الأهلية التي دخلت عامها السادس. ونقلت وسائل إعلام رسمية عن مصدر عسكري قوله، إن قوات الجيش أحرزت تقدماً وهو ما نفاه مقاتلو المعارضة الذين قالوا إنهم صدوا هجوماً جديداً. وبيّن مقاتلون من المعارضة بقيادة جماعة أحرار الشام الإسلامية، أمس السبت، أنهم استعادوا عدة مناطق في حي بستان الباشا كانوا قد خسروها في اليوم السابق، وهي نقطة استراتيجية كانت ستسمح للجيش بالتقدم إلى قلب القطاع الشرقي الخاضع للمعارضة. وكشف عمال إنقاذ، أن 34 شخصاً على الأقل قُتلوا في ضربات جوية وقصف مدفعي خلال يوم الجمعة وحتى الساعات الأولى من السبت؛ بينما قالت وسائل إعلام رسمية: إن قذائف مورتر أطلقتها المعارضة على منطقة الميدان الخاضعة للحكومة ومناطق أخرى بالمدينة، أسفرت عن مقتل 20 شخصاً على الأقل. وكانت روسيا قد انضمت للحرب قبل عام بالضبط؛ حيث قلبت ميزان القوى لصالح الأسد الذي يتلقى دعماً من إيران وميليشيات شيعية من لبنان والعراق.