أعلن تنظيم الدولة الإسلامية سيطرته على بلدة الصوانة وحاجز البصيري في الطريق الرابط بين مدينتي تدمر ودمشق، مؤكدا مقتل أكثر من خمسين من أفراد قوات النظام السوري في عمليات ملاحقة مستمرة لهم في بادية الشام. وأكد التنظيم أمس الخميس أن مقاتليه تمكنوا من السيطرة على محطة النفط الثالثة ومنطقة الصوانة الواقعة على الطريق الواصل بين مدينتي تدمر بريف حمص الشرقي وسط سورياودمشق، وكذلك على حاجز البصيري بعد انسحاب قوات النظام. ويأتي هذا التوسع بعد إعلانه في اليوم نفسه السيطرة الكاملة على مدينة تدمر وسجنها ومطارها العسكري. وأشار التنظيم إلى أنه قتل نحو خمسين من قوات النظام إثر استهداف رتل كان ينسحب من تدمر باتجاه حمص. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الخميس إن عناصر التنظيم "انتشروا في كل أنحاء تدمر بما فيها المنطقة الأثرية في جنوب غربها والقلعة في غربها، كما سيطروا على المجمع الحكومي ومؤسساته بالمدينة، وعلى المتحف الذي يضم عددا من مقتنيات أشهر المدن الأثرية في البلاد". وقال التنظيم في وقت سابق إنه قتل أكثر من 150 عنصرا تابعا للنظام، بينهم ضباط برتب عالية. ووفقا للمرصد فقد أسفرت معركة تدمر -التي استمرت ثمانية أيام- عن مقتل 462 شخصا على الأقل، هم 71 مدنيا و241 من قوات النظام وقوات الدفاع الوطني الموالية لها، و150 عنصراً من تنظيم الدولة. من جهة أخرى أفادت وكالة "أعماق" التابعة له أن قوات النظام نقلت جميع السجناء من سجن تدمر إلى جهة مجهولة قبل انسحابها من المدينة بعدة أيام. سيطرة واسعة وتخوف وتأتي هذه التطورات بعد نحو أسبوع من المعارك بين تنظيم الدولة وقوات النظام في المساحات المعروفة ببادية الشام، حيث بات التنظيم يسيطر الآن على مدينتي تدمر والسخنة وعدد من الآبار النفطية، والتي منها حقل جزل والهيل وشركة غاز أراك والقرية المجاورة لها. وتفتح هذه السيطرة الطريق أمام التنظيم نحو البادية السورية الممتدة من محافظة حمص (وسط) حيث تدمر وحتى الحدود العراقية شرقا، وبالتالي فقد بات يسيطر على نصف مساحة سوريا الجغرافية تقريبا، بحسب منظمة غير حكومية وخبراء. وللمدينة أهمية إستراتيجية كبيرة باعتبارها الرابط بين شرق سوريا وغربها، وبالسيطرة عليها يقترب التنظيم أيضا من العاصمة دمشق. وعلى الصعيد الإنساني تقول مصادر في المدينة إن الحالة الإنسانية كارثية، حيث يزيد غياب الماء والكهرباء من سوء الحالة الأمنية، في ظل تخوف الأهالي من إعدامات يقوم بها التنظيم، خاصة بعد أن قطع رؤوس 17 شخصا وفق ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما أثار دخول التنظيم إلى المدينة العريقة قلقا في العالم، إذ سبق للتنظيم أن دمر وجرف مواقع وقرى أثرية في سوريا والعراق وقد يهدد الموقع الأثري الشهير عالميا والمدرج على لائحة التراث العالمي. وفي هذا السياق حذرت المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) إيرينا بوكوفا في شريط فيديو نشر على موقع المنظمة أمس الخميس، من أن "أي تدمير لتدمر لن يكون جريمة حرب فحسب، وإنما أيضا خسارة هائلة للبشرية". وطالبت بوكوفا المجتمع الدولي ببذل كل ما في وسعه لحماية السكان المدنيين المتضررين وحماية التراث الثقافي الفريد في تدمر، حسب قولها. بدوره، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس "علينا أن نتحرك لأن هناك تهديدا لهذه الآثار المدرجة ضمن تراث الإنسانية، وفي الوقت نفسه علينا أن نتحرك ضد داعش". يأتي ذلك بينما اعترفت الولاياتالمتحدة أن سيطرة التنظيم على مدينة تدمر والمنطقة الأثرية تعد "انتكاسة" لجهودها في محاربته، خاصة أن ذلك يأتي بعد فترة قصيرة من سيطرة التنظيم أيضا على مدينة الرمادي في محافظة الأنبار بالعراق