يرى محللون ان ستة اشهر من الاحتجاجات الشعبية في سورية لم تنجح في زعزعة عائلة الرئيس السوري بشار الاسد التي لا تزال تسيطر على الجيش واجهزة الامن وتمسك بزمام الاقتصاد في معركة تخوضها من اجل البقاء. وقال الكاتب والصحفي باتريك سيل الذي كتب عدة مؤلفات تناول فيها سورية ورئيسها السابق حافظ الاسد «ان عائلة الاسد بقيت موحدة، حتى الآن على الاقل، الا انها من دون شك تتعرض لضغوط كبيرة». واعتبر سيل انه «سيكون من الصعب على المعارضة قلب النظام اذا ظلت العائلة متحدة مع اجهزة الامن». من جانبه، قال الاعلامي السوري المعارض المقيم في لندن بسام جعارة إن «النظام ما يزال صلبا جدا ولم تحصل حتى الآن اي تصدعات داخل صفوفه او في هيكليته». وبدأ معارضون سوريون في اذار الماضي حركة احتجاجية في الشارع مستلهمين الاحداث في تونس ومصر، للمطالبة باسقاط نظام البعث الذي يحكم سورية منذ اربعة عقود بقبضة حديدية بقيادة آل الاسد. واسفرت عمليات قمع التحركات عن 2700 قتيل بحسب ارقام الاممالمتحدة. وفيما اختار الجيشان التونسي والمصري في النهاية التخلي عن رأسي نظامهما، بقي الجيش السوري على ولائه للرئيس بشار الاسد. وقال نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام في تصريحات لوكالة فرانس برس «اعتقد ان يجب ان نرى الجيش في ضوء واقعه الحالي كأداة لتنفيذ جرائم النظام ولكن بالتأكيد هناك كثيرون يشعرون بالخوف والمرارة والالم». واضاف ان «عامل الخوف حتى الان لم يسمح بوصول هؤلاء الى الترابط، هذا الأمر سيحدث ولكن ليس اليوم، وسيكون عندما يزداد الضغط الدولي الحقيقي والضغط العربي، فعندئذ مؤسسات النظام ستتفكك وسيعمل الكثيرون على القفز من زورق النظام الى البحر املا بالنجاة». ويقود الجيش افراد من اسرة الاسد، وهم من الاقلية العلوية. فصهر الرئيس السوري، آصف شوكت، يشغل منصب نائب رئيس اركان الجيش، وشقيق الرئيس ماهر يرأس الفرقة الرابعة التي تعد فرقة النخبة في الجيش السوري. واكد مراقبون ان عمليات قمع الحركة الاحتجاجية قادها في الاشهر الاولى بشكل اساسي ماهر الاسد. وعن ماهر، يقول خدام الذي شكل جزءا من نظام الاسد طوال 21 عاما واستقال في 2005، «ماهر هو أداة تنفيذ لقرارات شقيقه» مؤكدا ان «ماهر مرتبط وملتزم بشقيقه». وقال خدام المقيم في منفاه بباريس ان «صاحب القرار في الاسرة وفي النظام هو بشار الاسد. افراد العائلة قد يقدمون افكارا ومشاورات او مقترحات ولكنه هو الذي يتخذ القرار ودور الآخرين من العائلة دور التنفيذ». وبحسب خدام «كثيرا ما يتخذ (الاسد) قرارات بناء على اقتراح اشخاص ويتراجع عنها بناء على اقتراح اشخاص اخرين». واضاف نائب الرئيس السوري السابق ان بشار الاسد يعاني من «مرض الغرور ومرض الاستبداد في الرأي»، مشيرا الى انه ليس هناك اي دور حقيقي لنساء العائلة كما يعتقد البعض، لاسيما والدة بشار انيسة وشقيقته بشرى وزوجته اسماء الاخرس. وقال في هذا السياق «ليس لهن أي دور حقيقي الوالدة أنيسة موجودة في القرداحة وهي مريضة والشقيقة مبعدة عن القرار منذ وفاة والدها ولا أعتقد أن لزوجته دورا فيما يقوم به». ويوافق جعارة الذي عمل مستشارا لرئيس الوزراء السوري السابق محمود الزعبي على هذا التوصيف اذ يعتبر ان «بشار يمسك بالسلطة بشكل كامل». وقال جعارة «اذا كان بشار غير قادر على التحكم بالقرارات فكان يجدر به ان يستقيل ويهادن شعبه، لكنني لا اعتقد انه كذلك كما انني لا اعتقد ان هناك اي خلافات داخل عائلة الاسد». واشار جعارة الى ان ابن خال الرئيس الاسد رامي مخلوف الذي يعتبر من اكبر اثرياء سوريا «وضح المعادلة منذ اليوم الاول في حديثه مع صحيفة نيويورك تايمز عندما قال (اما نواجه معا او نقع معا)». واكد جعارة ان بشار الاسد استعان بصقور الحرس القديم الموالي لوالده «للاستفادة من خبراتهم» في قمع الحركة الاحتجاجية. وقتل حوالي 20 الف شخص في مدينة حماه السورية عام 1982 عندما قمع النظام انتفاضة اسلامية ضد الرئيس حافظ الاسد. ونقلت صحيفة الشرق الاوسط في الخامس من ايلول عن «مصادر غربية مطلعة» ان الاسد «يستعين بجنرالات عسكريين متقاعدين من رفاق والده الرئيس الراحل حافظ الاسد ممن شاركوا في اخماد حركة الاخوان المسلمين عام 1982». باتريك سيل: عائلة الاسد بقيت موحدة، حتى الآن على الاقل، الا انها من دون شك تتعرض لضغوط كبيرة