بقلم/ أمل بنت سالم باحطاب ✒️كان هناك لقاء بينهما .. لقاء بعد غياب طال .. كان لقاء استثنائيا .. بين روح وصاحبتها بين قلب ومن يحمله .. صمتت العبارات .. ودُهِش الفكر .. كيف كان لذلك الهجر أن يطول ؟! .. بل كيف تحمل الصدر ابتعادا عن بهجة الفؤاد الذي يسكنه ؟ لقد كان زمن الغربة بينهما قاسيا مليئا بمرارة التيه والتنقل المتخبط في دروب يملؤها ضجيج الدنيا وتكثر فيها المنعطفات والمشتتات.. طال ابتعادٌ ظاهره اقتراب .. وتيه ظاهره اختيار للصواب .. لقد غطت المظاهر الحقيقة الساكنة في سويداء القلب .. حتى سرقت منها اسمها ولبست لباسها حتى صدَّق الوهمَ صاحبُه.. أين أنا وأين أنت ؟!.. ترى كيف صدقنا أننا سعداء بأنفسنا ، ثم نحن اليوم نكتشف كم كانت الهوة بيننا وبين حقيقة الرشد واسعة ؟! ولأكشف لكم الستار عماحدث .. أعترف بأن العقل كان راغبا في الخير .. والقلب يجري باحثا عن الأمن .. لكن الذي أطال الاغتراب الخطأ في طريق المعرفة الراشدة .. لقد ظن أن طريق الوحي لايكفي لينير دربه وليقوى عوده فيصبح قادرا على إدارة سعيه والوصول لدرب الرشد في هذه الحياة .. ثم كان لطفٌ شعر به ولعل الله علم صدقه وحسن ظنه به حين كان يلح في الدعاء ( اللهم اهدني وسددني ) وحين كان يستحضر معنى آيات الفاتحة (( إياك نعبد وإياك نستعين . اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) كان قلبه يتحرك كلما قرأها .. راجيا من قال ( هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ماسأل ) مرت سنون عجاف حتى كان التوجه لسلوك فهم هدايات الوحيين . ولاعجب .. أن كان في الطريق صوارف ، وعلى جنباته عوائق ولكنه بعد أن تعب مما شرَّق فيه البشر وغرَّب عزم على الصبر على طلب الرشد من كلام ربه وهدي نبيه الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم .. وهنا ندعك تتخيل مقدار البهجة حين التقى صاحبنا بقلبه واجتمع بروحه وقد عادوا جميعا لله فأناب القلب وأذعن الجسد وحلقت الروح وحظي الفكر بدرب الرشاد .. ألا إنها أجمل لحظات الحياة حين يشعر العبد بحقيقة عبوديته لربه وتحرره من عبودية الخلق . كن واحدا لواحد .. يكفيك ويحفظك ويرضيك . ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ) وابحث عن معنى اليقين ومعنى الرضا والشكر .. عن معنى تذوق حلاوة الطريق تجد عجبا .. أسال الله أن يبارك لك أيها السعيد نعمة الله عليك بالاجتماع بقلبك وروحك وعقلك .. وأدعو معك (*اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ) والحمد لله رب العالمين.