ما انا بصدد الحديث عنه هو من يريد أن يحيل عقلياتنا إلى الحدة والشدة في حياتنا الاجتماعية الفسيحة ونقاشاتنا الودية المعتادة وتعاملاتنا الأخوية اليومية .. سواء في بيوتنا او قاعات تعليمنا وجامعاتنا أو موسساتنا أو اجتماعاتنا .. وكأننا في ثكنة عسكرية تنتظر الأوامر حتى تتحرك !! أو إشعار الجميع بالرقابة على فسحة الفكر والتفكير التي هي من الأوامر الربانية ( أفلا تتفكرون) ويتعدى مفهوم الحدة والشدة* في شريحة منهم الى النيات .. ويتمنون لو ان هناك مشرحة ( تشق عن القلوب) كي يفتشوا* عن النيات ومدى انضباطها وفق حدتهم وأمزجتهم ..!! القارئ للمشهد الاجتماعي في مجالاته ومستوياته المختلفة يلمس نوعا من الحدة والشدة في العقليات عند بعض الشخصيات. ومن سمات هذه العقليات : 1⬅️ الحدة في النقاشات 2⬅️ الشدة في التعاملات 3⬅️ الجزم في الآراء المرنة 4⬅️ الصرامة في التوجيهات 5⬅️ إشعار الجميع بالرقابة على التصرفات 6⬅️ نفسية العقوبة مقدمة على العفو 7⬅️ الحوار ممكن لكن النتيجة محسومة !! المشكلة الكبرى لمثل هذه النوعيات من الشخصيات هي أنها تحرم نفسها من الفائدة و الاستفادة !! لأنها تكتفي بما تريد وتقف عند ما تريد !! ولذلك فهذه النوعيات من الشخصيات تخسر الصداقات .. وتورث العداوات .. وتمنع نفسها قبل غيرها من اكتساب المهارات وصقل القدرات ودفئ العلاقات. وأجمل ما في الشخصيات المرنة انها تستفيد من الكل وتتفاعل مع الكل .. و لا تحرم نفسها من اي جديد أو تجديد. وخلاصة القول بأن: الليونة والمرونة والود هي من المأمورات الشرعية وليست منة يمتن بها أحد على خلق الله .. فمن صفات المؤمن أنه ( هين لين قريب) *فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:*( ألا أخبركم بمن يحرم على النَّار، وبمن تحرم النَّار عليه؟ على كلِّ هيِّن ليِّن قريب سهل**) حديث صحيح. قال القاري: ( قريب)*أي: من النَّاس بمجالستهم في محافل الطَّاعة، وملاطفتهم قدر الطَّاعة.*(سهل)*أي: في قضاء حوائجهم، أو معناه: أنه سمح القضاء، سمح الاقتضاء، سمح البيع، سمح الشِّراء). ولعلي أخيرا أضيف بأن جزءً كبيرا من صحتنا المعنوية والجسدية والفكرية هو نتيجة لمرونة عقلياتنا وطبيعة الود في علاقاتنا. وكم يحرم ( الانغلاق) كثيرا من آفاق (الانطلاق) جعلنا الله هينين لينين حابين ومحبوبين. ✍ جامعة القصيم