انطلاقك في الحياة.. يمر عبر آلاف المواقف والشخصيات العادية والسعيدة والمحزنة، وتمثل أحيانا ضغوطا على النفس فيتولد من ذلك إحباطات تمرض الانسان أو تضعفه فيتوقف إن كان عاملا، ويبتعد إذا كان قريبا..! وهذا لقلة فهم طبيعة الحياة والنفس، ومن أراد التعامل السليم مع تقلبات الحياة والأفراد والأحوال فعليه أن يتأمل هذه القصة؛ كان هناك طباخ ماهر أراد أن يعلم ابنه مهارة التعامل مع تقلبات الحياة فأمره بإحضار جزرة وبيضة وبعض البن المطحون «القهوة».. ثم أحضر ثلاثة آنية ووضع في كل منها ماء وأوقد عليها النار حتى غلى، ثم وضع في الإناء الأول الجزرة، والثاني البيضة، والثالث القهوة، وبعد دقائق، طلب الأب من الابن إخراجها وهو مستغرب من عمل والده، فلما أخرجها سأله والده ماذا حصل لكل منها؟ فأجاب الابن: أما الجزرة فلانت، وأما البيضة فقَسَت، وأما القهوة فأصبحت مشروبا، فوافقه الأب قائلا: هذا ما أردت إيصاله لك، جميعها تعرضت للأمر نفسه «ماء مغلي داخل قدر» وهي تمثل الحياة وأقدارها وضغوطها وأشخاصها ومواقفها، فكان التفاعل الإيجابي مختلفا، ولكي تستثمر ذلك، في الحياة يا بني؛ تحتاج أحيانا للمرونة واللين كطريقة الجزرة فما يزيدها الألم أو العقبات إلا مرونة ولينا، وتحتاج أحيانا للقوة والصلابة كطريقة البيضة لكي تزداد مناعتك النفسية بالصبر والتحمل فتتجاوز العقبات، وتحتاج أحيانا الحيوية والتغير الإيجابي وقوة التأثير حتى تغير أنت من حولك كما حصل للقهوة فلقد غيرت الماء وأضافت له مشروبا ساخنا لذيذا يطلبه الناس، هذه بالنسبة للمواقف والأحداث، كذلك شخصيات الناس منها اللين السمح الهين كالجزرة، ومنهم القاسي القوي كالبيضة، ومنهم الحيوي المتجاوب المؤثر كالقهوة..! عزيزي القارئ وهذا ما رأيته متمثلا في آية من سورة آل عمران «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين»، فالكظم قوة وتحمل، والعفو لين ومرونة، والإحسان تفاعل وتأثير. بمثل الطريقة المتميزة تلك أوصل الأب مختصر التعامل الإيجابي لابنه مع الأحداث والمواقف والشخصيات باستراتيجية الجزرة والبيضة والقهوة.