مثل ما يسعى الإنسان لغذاء جسدة ، وبناء عضلاته ، واتباع التعليمات والإرشادات الصحية ، المستقاة من متخصصي التغذية، والخبراء والمستشارين الرياضيين ؛ لينعم بجسم صحي رياضي سليم ، و مناعة قوية ضد الأمراض ، عليه أيضاً أن يعتني بغذاء عقله ؛ فالعلاقة وثيقة جداً بين غذاء الجسد ، وغذاء العقل ، فالعقل السليم في الجسم السليم. غذاء الجسم معلوم لدي الجميع ولايخفى على أحد ، لكن هناك عذاء يغفل أو يتغافل عنه بعض الناس ولايلقون له بالاً ، بل يعتذرون عن القيام به بأعذار واهية لا تسمن ولاتغني من جوع ، إنه غذاء العقل . فالقراءة غذاء العقل ، ومقياس فعاليتها،والحكم على جودتها ، وجني ثمارها اليانعة بشغف المثقف الذي ينهل من كل علمٍ بطرف ، يقطف من شتى بساتين المعرفة أزهاراً ذات بهجة ، شَهْدٌ طعمُها ، مسك وورد ريحها . إنه الفهم القرائي تلك العملية المعقدة التي تعتمد على الإدراك العقلي للمتعلم، وما يمتلكه من قدرات ومهارات، بل هي عملية تفاعل بين القارىء والنص وتنوع استنتاجاته المختلفة. نعم فهم المقروء منجم زاخر متجدد،يمد القارئ بمعلومات جمة من مختلف العلوم والمعارف، والتعريج به على كل جديد مفيد ، ويضيف له رصيداً هائلاً من المفردات اللغوية التي يستطيع توظفيها في حديثه وكتاباته ؛ فيحسن الحديث، ويبرع في الكتابة ، فيصون اللسان ، ويترفع قلمه عن الخطأ .