تفاعلاً مع ما يطرحه قراء عزيزتي الجزيرة من مشكلات تربوية وتعليمية ، ومن مداخلات وتعليقات ، تثري هذا الطرح وتزيده قوة وفائدة ، ولا سيما ما سبق أن طرحته في العزيزة حول مشكلة الضعف الإملائي ، بعنوان (لو كان مرضا لعولج بالعقاقير - الضعف الإملائي يتطلب علاجا من نوع آخر) ، فقد سعدت واستفدت من مداخلات وتعليقات الأساتذة حمدين الشحات ، محمد وصالح التميمي وعبد الله السويكت ، فقد أثروا الموضوع من جوانب متعددة فلهم الشكر والتقدير والدعاء لهم . ولعلي هنا أطرح موضوعا مرتبطا بالضعف الإملائي ، ولا يقل أهمية عنه!! وهو الضعف القرائي ، ولا أريد أن أتحدث حديثا إنشائياً عن أهمية القراءة وفائدتها !! فالوعي بأهمية القراءة لا يكاد يخفى على أحد ، ولكن تبقى المشروعات الإجرائية والتنفيذية !! إن الضعف في القراءة من أهم المشكلات التربوية التي تواجه الصغار والكبار ، فقد أثبتت البحوث والدراسات العلمية ، أن الطالب الذي يتفوق في القراءة فإنه يتفوق في جميع المواد ، وقد اطلعت مؤخرا على بحث قيم يبحث في أسباب ضعف تلاميذ الصف الرابع في مادة الرياضيات ، وجاء من أهم الأسباب التي ذكرها الباحث هو : ضعف التلاميذ في مادة القراءة ! وأقول كيف يمكن للتلميذ أن يذاكر الرياضيات أو العلوم أو التاريخ وهو لا يعرف القراءة ، ولا سيما مهارات القراءات الحديثة مثل : تلخيص المقروء ، استنباط الأفكار والقواعد ، والقراءة الناقدة . . الخ . . إنها مشكلة كبيرة تقلق أولياء الأمور والمعلمين ، ورجال التربية وكذلك طبقة كبيرة من المثقفين !! ولعلي أطرح مشكلة الضعف القرائي وفق المحاور التالية : أولاً : مظاهر الضعف القرائي ويمكن أن تقسم إلى قسمين القسم الأول : مظاهر الضعف في القراءة الجهرية . 1 - العجز عن نطق الكلمات . 2 - الخطأ في نطق الكلمات . 3 - التردد في القراءة . 4 - الإحلال والإبدال . 5 - التوقف كثيرا في أثناء القراءة . 6 - قراءة الجملة كلمة كلمة أو حرفا حرفا وهو ما يعرف بالتقطيع . 7 - عدم القدرة على الاحتفاظ بمكان القراءة . 8 - عدم الالتزام بعلامات الترقيم . 9 - تكرار بعض الأحرف أو الجمل . 10 - عدم القدرة على التلوين الصوتي وتمثيل المعنى . 11 - عدم القدرة على فهم المادة المقروءة بعد قراءتها جهرياً . القسم الثاني مظاهر الضعف في القراءة الصامتة : 1 - البطء في القراءة . 2 - العجز عن الاحتفاظ بمكان القراءة . 3 - تحريك الشفة أو الرأس أثناء القراءة . 4 - عدم القدرة على استنتاج الأفكار الرئيسية . 5 - عدم القدرة على تلخيص المادة المقروءة . 6 - عدم القدرة على نقد النص المقروء (إن كان النص يسمح بذلك) . ثانياً : أهم أسباب الضعف القرائي 1 - ضعف البصر : مما يترتب عليه غموض الكتابة ، واختلاطها ، أو عدم القدرة على رؤيتها . إن قيام الجهاز البصري بدوره يعتبر من المتطلبات الأساسية للقراءة دون أية معاناة . . والمعلم الفطن له دور كبير في اكتشاف حالات الضعف البصري لدى تلاميذه !! 2 - ضعف السمع : مما يسبب عدم القدرة على سماع بعض الحروف أو الكلمات ، وكما نعلم فإن مادة القراءة تعتمد كثيرا على الاستماع ! كيف يستمع التلميذ إلى قراءة المعلم النموذجية وإلى توجيهاته ، وهو يعاني من مشكلات سمعية !! أقول أيضا إن المعلم الفطن يستطيع أن يكتشف حالات هذا الضعف لدى تلاميذه !! 3 - الذكاء : فقد أثبتت الدراسات العلمية ، أن الضعف القرائي أكثر انتشارا بين التلاميذ ذوي الذكاء المنخفض . 4 - مشكلات الصحة العامة : إن عملية القراءة عملية صعبة معقدة تحتاج إلى أن يكون ممارسها سليما يقظا ، نشيطا ونبيها ، وقد أثبتت الدراسات العلمية الأثر السلبي للأمراض على القراءة ، ومن هذه الأمراض : أمراض الغدد وأمراض الأعصاب وهي كثيرة جدا ، وقد تقود التلميذ إلى ما هو أشد من الضعف القرائي وهو ما يسمى بالعسر القرائي !! أيضا هناك بعض الأمراض الطارئة التي قد تسبب للتلميذ ضعفا في القراءة ، لأنها قد تؤدي إلى تغيبه عن الدروس !! 5 - عوامل اجتماعية مثل : عدم الشعور بالطمأنينة (في البيت والمدرسة) والقلق والهم والاضطراب والخوف من الفشل في القراءة ، وقد يلجأ بعض التلاميذ إلى بعض العادات العصبية مثل : قضم الظافر ، أيضا بعض التلاميذ يكرهون القراءة بسبب الغيرة من التلاميذ الجيدين في القراءة ومقارنة المعلم أو الأب أو الأم هؤلاء الضعاف بالتلاميذ الجيدين !! 6 - كتاب القراءة المدرسي : فقد تكون موضوعاته صعبه على التلاميذ ، وبعيدة عن مستوياتهم العمرية واللغوية ، أو تكون موضوعاته لا تلبي احتياجاتهم القرائية ، ولا تدفعهم للقراءة ، أو تكون موضوعاته كتبت بأسلوب ممل خال من المتعة والإثارة ، أو قد يكون إخراجه ليس فيه شيء من عناصر الجذب والتشويق ، والذي يتأمل كتب القراءة المدرسية التي بين أيدي تلاميذنا وأبنائنا يجد أكثرها قد عجزت عن إشباع حاجات التلاميذ وتنمية ميولهم للقراءة !! 7 - المعلم وطريقة التدريس : كثير من حالات الضعف القرائي نشأت بسبب ضعف المعلم ، وعدم تمكنه من المهارات الحديثة لتدريس القراءة ، فهو يدرس القراءة بطريقة آلية (اقرأ يا خالد ، أكمل يا محمد وهكذا حتى ينتهي الدرس) ، وكثير من التلاميذ الضعاف في القراءة هم ضحية لمعلم ضعيف قد لا يحسن القراءة ، ولا يعرف كيف يقرأ لتلاميذه قراءة مشوقة ممتعة جذابة . ثالثاً : أساليب علاج الضعف القرائي إن علاج الضعف القرائي يتطلب من المعالج الصبر والحلم وسعة الصدر ، فهو ليس مرضا عضويا يعالج بالأدوية والعقاقير ، وهو يتطلب تعاون أطراف عديدة أهمها المعلم ، وولي الأمر ، والمرشد الطلابي ، وإدارة المدرسة وأمين الكتبة ومؤلفو مقررات القراءة . . ولعلي أطرح هنا بعض أساليب العلاج . 1 - المعلم وعلاقته بالتلاميذ . . أن يبني المعلم مع تلاميذه جميعا ولا سيما الضعاف في القراءة علاقات إنسانية طيبة تجعله محبوبا عندهم قريبا منهم لطيفا معهم ، يساعدهم على حل مشكلاتهم ويقبلون عليه ويتعلقون به . 2 - القراءة للتلاميذ : القراءة النموذجية الممتعة للتلاميذ التي تتميز بالتلوين الصوتي وتمثيل المعنى والتفاعل مع النص ، ويمكن للمعلم أن يقرأ لتلاميذه قصصا مشوقة وجذابة ، وأن يهديهم بعضا من هذه القصص . 3 - تفريد القراءة : أن يخصص المعلم للتلميذ الضعيف لقاء لمدة عشر دقائق مرتين في الأسبوع (مثلا) وبشكل منظم ومستمر ، يزوده المعلم بالمهارات القرائية التي تنقصه ويخصص المعلم للتلميذ الضعيف سجلا يدون فيه الصعوبات القرائية لهذا التلميذ بالإضافة إلى خطوات تقدمه . 4 - استخدام أسلوب التشجيع والدعم المعنوي للتلاميذ : إن معظم التلاميذ الضعاف في القراءة يشعرون بإحباط بسبب إخفاقهم في القراءة ، إن بعض المعلمين كثيرا ما يشيرون إلى أخطاء تلاميذهم بدلا من أن يقولوا لهم كلمة تشجعهم ، وقد يصبح التلميذ الضعيف في القراءة غارقا في خضم من مشاعر الإحباط والهزيمة ، إذا استمر المعلم طوال الوقت في تذكيره بأخطائه ، إن على المعلم أن يثني على التلميذ الضعيف كلما تقدم ويشجعه بمختلف أساليب التشجيع . 5 - الاستعانة بالمرشد الطلابي وولي الأمر : يطلب المعلم الاستعانة بالمرشد الطلابي وولي الأمر ليساهما في علاج التلاميذ الضعاف قرائيا ، فالمرشد الطلابي قد تكون عنده معلومات عن التلاميذ الضعاف قرائيا ، وما يعانونه من مشكلات فيساهم في تقديم حلول لهذه المشكلات ، كذلك يمكن للمعلم أن يقدم لولي الأمر الوصايا التالية لمساعدته في علاج ابنه : أ - توفير المكان المناسب للقراءة في البيت . ب - توفير الكتب والقصص الممتعة المشوقة في البيت . ج - تشجيعه على تكوين مكتبة خاصة في البيت . د - القراءة الجهرية الممتعة لابنه في الأوقات المناسبة . ه - أن يطلب ولي الأمر من ابنه أن يقص قصة سبق أن قرأها . و - تجنب عبارات السخرية أو مقارنته باخوته ، وتشجيعه عندما يتقدم في القراءة . 6 - تكرار الكلمات وقلبها وحذفها وعلاجها أن يقوم المعلم بالقراءة مع التلميذ في نفس الوقت ، وأن يعطى التلميذ مادة قرائية سهلة وأن يطلب المعلم من التلميذ عدم الاستعجال وأن يدرب المعلم التلميذ على النظر الصحيح للكلمة ، وأن يغرس المعلم هذه المادة في نفوس تلاميذه ، وأن يشجعهم وأن يزرع الثقة فيهم . 7 - استخدام الوسائل التعليمية الفعالة في تدريس القراءة ، ولا سيما البطاقات والرسوم والصور ونماذج الإرشاد والتسجيلات الصوتية والمرئية واستخدام الألعاب القرائية والتدريبات المشوقة ، واستخدام استراتيجية لعب الأدوار في تمثيل بعض النصوص بعد قراءتها . 8 - الضعف في فهم النص المقروء ومهارات الفهم والأساسية ثلاث مهارات هي : أ - فهم الكلمة . ب - فهم الجملة . ج - فهم الفقرات والوحدات الطويلة ويمكن علاج فهم عيوب النص بطرح أسئلة قبلية ، حول النص المطلوب قراءته ، وطرح أسئلة بعد القراءة وتكون أسئلة تثير مهارات التفكير مثل : من يضع عنوان آخر للقصة ؟ من يضع نهاية أخرى للقصة ؟ وأسئلة تبدأ بلماذا ؟ وماذا كنت ستفعل لو كنت مكان البطل في القصة ولماذا ؟!! وعلاج المفردات الجديدة يكون بأكثر من طريقة مثل : المرادف ، المضاد ، استخدامها في جملة مفيدة . 9 - البطء في القراءة : ويمكن أن يكون علاجه في تقديم مادة مشوقة وجذابة ، لأن المادة المشوقة تدفعه إلى أن يسرع في قراءته حتى يصل إلى نهاية القصة ويعرف ماذا حدث . 10 - ترغيب التلاميذ في القراءة : إن غرس حب القراءة في نفوس التلاميذ من أهم أساليب علاج الضعف القرائي ، (والبيت والمدرسة) يشتركان في غرس هذا الحب ، وهناك أساليب عملية ومناشط فاعلة ، يمكن للمعلم ولولي الأمر أن يمارساهما مع تلاميذهم وأولادهم . . ولعلي أعرض بعضا منها في مقالة أخرى ! وبعد فهذا هو جهد المقل حاولت فيه عرض مشكلة تربوية تواجه تلاميذنا وأولادنا . . وآمل من قراء (العزيزة) ولا سيما المعلمين والمتخصصين والأكاديميين والمثقفين ، آمل منهم أن يثروا هذا الموضوع بآرائهم وخبراتهم . . وشكرا (للعزيزة) صفحة الحوار الحضاري والنقاش الممتع والمفيد . . وشكرا لها مرة أخرى على أن فتحت صدرها لقرائها ! راشد بن محمد الشعلان التميمي مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بالرياض - مدرب تربوي لبرامج الضعف القرائي والإملائي