✒من منا لا يحب السفر؟ أظنكم تحبونه؛ والبعض منكم يعشقه، ويجد فيه راحته وتجدده وأنسه. صحيح أن السفر قطعة من العذاب كما روى ذلك أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أحَدَكُمْ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ونَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إلى أهْلِهِ.) لكن المقصود ليس عموم السفر،؛ إنما في هذا الحَديثِ يَذكُرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ السَّفرَ إلى بلَدٍ أُخرَى غيرِ بلدِ الإقامةِ جُزءٌ مِنَ العَذابِ، والمرادُ بذلك العَذابُ الدُّنَيويُّ، ثُمَّ علَّل ذلك بِقولِه: «يَمنعُ أحدَكم طَعامَه وشَرابَه ونومَه»، أي: كَمالَ ذلك ولَذَّتَه؛ لِما فيه مِن مُعاناةِ الحَرِّ والبرْدِ، والخَوفِ، ومُفارَقةِ الأهْلِ والأصحابِ، وخُشونةِ العَيشِ، فيُؤخِّرُ المسافرُ أكْلَه ونَومَه عن وَقْتِه المألوفِ، ولا يَحصُلُ له منْه القدْرُ الكافي أو اللَّذَّةُ المُعتادةُ. ويبقى هناك بعض من متاعب السفر نحاول قدر الإمكان التغلب عليها، وإلا في حقيقته فهو متعة وخاصة مع من نحب، وبذكريات من نحب، نعم إنه السفر يسفر لنا عن أخلاق البعض؛ فنجدهم لؤلؤًا لامعًا يعكس لنا قمة الرقي في التعامل وربيع الحياة المشرق، هناك في السفر من يبعث لك مباهج الحياة في أبسط صورها، يجعلك تدرك أن التعامل برقي من أبرز صفات المتواضعين المبدعين المؤمنين بمبادئ الإسلام الرفيعة. السفر يا كرام له مآرب كثيرة، وكلما ارتقى الإنسان بتلك المآرب والحاجات، وجعلها فيما يرضي الله،كان سفره وحله وترحاله سعادة وحياة. أيها الفضلاء: تتعدد وسائل المواصلات في السفر وتختلف ويبقى الأصل روحك أيها المسافر وروح من معك، عن أي شيء تسفران في هذا السفر..؟ ولأي شيء يوصلان..؟ كم هو جميل أن تكون ذكريات السفر التي نحتفظ بها نوع آخر من السفر. حين نتصفح أوراق الزمن، ونفتش في زوايا الأيام، تشرق أمامنا ذكريات السفر الجميلة برفقاء السفر. أيها المسافر : ليكن أهم الأولويات لديك: التأمل، والرفقة والرفق. نعم أيها المسافر: هناك صفات لابد أن تحملها قبل أن تحمل حقيبة السفر أو عدته. تواضع، تأن، سامح واغفر الزلل، تذكر أن السفر أحد طرق الحياة، قد يعود وقد لا يعود.. تَأَنَّ وَلا تَعجَل بِلَومِكَ صاحِباً... صدر هذا البيت يتأكد كثيرًا في السفر. لذا.. استمتع بكل لحظة، واجعل متعتك فيما يرضي الله.. ساهم في نشر السرور والفرح؛ فالنفس البشرية تتأثر بأبسط الأشياء، دع نفسك تشعر بعمق، بكل نعم الله، دع من حولك يشعر بمختلف أنواع الأمان لأنه برفقتك. ومهما كانت وجهتك، تأمل قول الإمام الشافعي رحمه الله: تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلَى ***** وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَةٍ *********** وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَةُ مَاجِد.