ذلك هو شعار اليوم العالمي لمتلازمة داون لهذا العام والذي استوقفني لأتسائل .. هل نحن نتواصل كما ينبغي معهم.. بل هل منحناهم حق التواصل كما يرغبون أو كما يتمنون ويأملون، وهل نحن ندرك أهمية التواصل ( الحقيقي) بالنسبة لهم ..نعم الحقيقي بعيداً عن التأرجح بين تكلف المجاملة وتصنع الاهتمام أو نظرات الشفقة ووابل الدلال أوإستهجان وإقصاء.** عادت بي تلك الأفكار والتساؤلات لبضعة أشهر مضت عندما كنت في المرحلة الثانية من برنامجي التدريبي* بين أروقة (Camel back) إحدى المدارس الثانوية بالولايات المتحدةالأمريكية حيث حظيت بالإنضمام إلى فصلٍ يضم عدداً من الطلاب والطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة وكان المنهج العام بذلك الفصل يعتمد على المهارات الحياتية اليومية. كان من بينهم Patrick)) باترك أحد الطلاب من متلازمة داون غير أنه يجد نوعاً ما صعوبة في النطق مما جعله يعتمد لغة الاشارة في الغالب وكان برفقته مساعد معلم متخصص بلغة الإشارة ليسهل التواصل، لاحظت تغيب باترك كل يوم خميس من كل أسبوع* علمت بعدها أنه يذهب بصحبة مرافقه إلى مدرسة ثانوية مجاورة ليتلقى برنامج تدريبي يهدف الى تعزيز التواصل والمهارات الحركية لديه إذ يلتقي بمعلمةٍ أخرى وزملاء اخرين مختلفين يمارس معهم بعض الأنشطة والمهام الموكلة إليه . كانت تلك المدرسة *(Metro tech) المجاورة تختلف كلياً عن مدرسته الأساسية من حيث النظام والطلاب فهي أشبه بمعهد مهني يهيأ الطلاب للمرحلة الجامعية والوظيفية من خلال عددٍ من الورش والمعامل المتنوعة، على سبيل المثال معمل الحاسب الآلي وفيه يتعرف الطلاب على أحدث النظم والبرمجيات ورشة الفن والأشغال وتستقطب الطلاب ذوي الميول الفنية، كما يوجد بها معمل خاص للتفصيل لتعليم أسس الخياطة وثاني لتعليم الماكياج وتصفيف الشعر وثالث لتعليم الزراعة وفنون البستنة وتنسيق الزهور، وهناك أيضاً ورشة لتعليم الحفر والنحت على الخشب وفنون النجارة، يوجد بالمدرسة أيضاً مطبخ ضخم لعرض وبيع إنتاج الطلاب* كما يشاركون الأصناف المعدة في المناسبات المحلية والأعياد ،وغير ذلك العديد من الورش والنشاطات المختلفة التي تصقل ميول الطلاب وتساعدهم لتحديد مسارهم وميولهم المهنية. يعيش Patrick)) باترك كل ذلك ويعود إلى صفه في اليوم التالي محملاً بإنجازاته، زاهياً بنفسه، فخوراً بقدراته، وقبل ذلك مليئاً بالطاقة والحماس والروح الجميلة، مشبعاً حاجته للتواصل مع أقرانه الآخرين ليشاركنا أحداث أمسه الحافل بالمعارف، المفعم بالتواصل الجاد المثمر. كان من الطبيعي أن نرى تلك المعاني العميقة جليةً على محيا Patrick)) باترك في كل مرة يأتي إلينا بعد الزيارة، استشعرت ذلك ذات يوم حينما طلب مني أن التقط صورة لذلك الروبوت المطبوع على لباسه وكان مسروراً بأن بادرت على الفور وجعلته يرى تلك الصورة بعد نقلها على حاسوبي . كان ذلك الطلب رسالةً تحمل أكثر من الصوره وأبعد من الإطار،كل مفادها حاجتهم للتواصل الحقيقي (المخلص) الذي يحترم إدراكهم ، يلامس مكامن قوتهم ،يعزز إمكاناتهم ، يستثير اهتمامهم، ينمي آفاقهم، يسمو بتقديرهم لأنفسهم، يجعلهم مؤمنين بذواتهم* ويرفع مستوى توافقهم ووعيهم الاجتماعي . وصلتني* وبدوري أوصلها للجميع في اليوم العالمي لمتلازمة داون 2021/21/3  فهل ستتواصل/ ين؟؟ * بقلم . أمل أحمد عسيري معلمة تربية خاصة *معهد التربية الفكرية بأبها