✒قصة أنقلها بتصرف مني حدثني بها زوج مخضرم، بعد أن أمضى أكثر من عشرين عاماً في زواجٍ حافلٍ بالهدوء تارة وبالمشكلات تارات أخرى.. يقول: إنه كان يسمع كثيراً عن فوائد الكلام الجميل مع الزوجة ومدى تأثيره السحري على الحياة الزوجية إيجابياً وعلى أفراد العائلة جميعاً.. غير أنه كان يستهزئ بهذا الكلام ولم يكن مصدقاً لما يقال في هذا الجانب.. يقول: أنا شخصياً متزوج وزوجتى تعلم ومتأكدة أنى أحبها فما فائدة كثرة الكلام الرومنسي مع زوجة تحبني وأحبها؟! هل نحن في مسلسل تلفزيونى مكسيكي أو تركي دراميكي؟ حتى إُسْمِعُها يومياُ أنى أحبها.! ويوماً خطرت في بالي فكرة أن أقوم بفلم سينمائي من إعدادي وإخراجي بإظهار مشاعري لزوجتي.. وبدأت الفلم عندما سمعت صوت الأولاد وهم قادمين مع أمهم من المدرسة.. كنت جالساً في صالة المنزل أتابع التلفاز، مرت زوجتي من عندي بعد السلام إلى غرفة النوم لتبديل ملابسها وتجهيز الغداء، أوقفتها قائلاً لها: هلا وغلا بحبيبة قلبي وباقي عمري وفؤادي ونور عيوني. فإذ بها تنظر إلي مستغربةً ومتعجبةً ومتفاجأةً من سماعها هذا الكلام الجميل التي لم تتعود سماعه مني منذ زمن.. قالت: الحمدلله على العافية، أكيد أنك تحلم أو أنك متأثر بفلم رومنسي.. دخلت وراءها متتبعاً خطواتها، وأعدت ما قلته لها متغزلاً بجمالها مع حضن دافئ، وقبلة حانية، وهي مذهولة تتمتم وتحدث نفسها من تصرفي. وأثناء الغداء على غير العادة مدحت طبيخها اليوم وكم أني محظوظ بأن عندى زوجة مثلك تهتم بي وبأولادي، وتطبخ طبخاً لذيذاً.. شكراً لك على تفانيك بخدمتنا.. زوجتي لازالت تائهة وماهي مصدقة كلامي وتصرفاتي الغريبة معها والتي ما تعودت عليها، قالت: "الله يستر من وراء هذا الكلام، أكيد فيه شيء عندك أو تحتاج مني أمراً، قول ،، قووووول بس بدون مقدمات". وبعد العشاء هممت بالخروج إلى أصدقائي كعادتي اليومية، فلم أجد زوجتي كعادتها تتابع مسلسها المفضل، بل وجدتها في المطبخ فاحتضنتها متسائلاً: غريبة حبيبتى أليس لديك مسلسل الآن لتتابعيه؟؟ قالت: بلى ولكن غداً علي فطور المعلمات، فقلت لها: أسمعي حبيبتى حتى لا يفوتك المسلسل وأنا خارج سآتي لك بطعامٍ جاهز من المطعم وأنتِ استمتعي بمتابعة مسلسلك المفضل. ولما خرجت من البيت خطر في بالى بأن لا أذهب إلى سهرة أصدقائي هذه الليلة وسأمضيها مع زوجتي وأطفالي، وأنظر نهاية الفلم الرومنسي الذي أمثل فيه دور الحبيب بإحتراف وإلى أين سيصل بنا الحال؟؟ دخلت للمنزل ومعي طلباتها، ويوم رأتني استغربت وظنت أني أتيت بالأغراض لأني سأتأخر مع أصدقائي.. لكن تفاجأت عندما دخلت غرفة نومي أبدل ملابسي، فاحتضنتها قائلاً لها: حبيبتى هذه الليلة عشائي عندكم، فقالت: يا ابن الحلال أخبرني في عندك شي في بالك حاجة، تراك خوفتني.!! من ذلك اليوم لم تغب عني عبارات الغزل والمديح لزوجتي.. (أنا أحبكِ ،، أنت حياتي ،، أنت عمري ،، يا قلبي ،، أموت فيك ،، لا أستطيع العيش بدونك ،، أنت عشيقتي .. وغيرها من العبارات التي تشعرها بأنوثتها كامرأة مرغوبة ومطلوبة.. واصلت قصتي وتمثيلي على زوجتي بنفس الكلام المعسول حتى أصبحت أمدح لباسها وهندامها وتسريحة شعرها، وأثني على ذوقها باختيار الألوان وترتيب المنزل وحسن تربية أولادي.!! بدأت نظرتي لزوجتي تتغير للأحسن وبعيني تتحسن للأجمل، بل أصبحت أحبها صدقاً وليس تمثيلاً ولا أستطيع البعد عنها وعن أولادي وعن المنزل.. وأصبحت إذا ذهبت إلى أي مكان أشتاق إليها ولا أحب التأخر وكأني في أول أيام زواجي.. ارتاحت نفسيتها وتحسن شكلها ووجهها أصبح نَضرِاً وتوردت خدودها وتوسعت عيناها وصَغُر فِيها.. ولاحظت اختفاء الكريمات والصبغات عن التسريحة، ولما سألت زوجتي قالت: كان هذا زمان، أنا الآن لا أستخدم أي شيء حتى زميلاتي لم يصدقن أني ما عدت أستخدم شيء. وانتهى الفلم الرومنسي ليصبح حقيقياً وواقعاً في حياتي وتغير حالي وعشت بهناء وسعادة، وأصبحت أرى زوجتي ملكة جمال العالم، وصدقت أن الكلام الجميل قد أحدث تغيير إيجابياً في حياتي الزوجية؟؟ وأخيراً قالت زوجتي منذ زمن: "إذا خرجت من لسانك كلاماً معسولاً وكلمات جميلة كنت تتلاعب بمشاعري وتتعمق في وجدان قلبي، فأشعر أني سعيدة لدرجة الطيران من الفرحة، وكلما أرسلت إلى مسمعي كلمات تذمر واستهزاء وسخرية أشعر أني يائسة ومتوترة ويضيق يومي". الغزل والتدليل لكلا الزوجين له دور مهم في السعادة الزوجية والإشباع العاطفي، حيث أنه من أكثر العواطف الإنسانية إثارةً للخيال، وتتجمع حوله أرق المشاعر وأنبلها ويؤدي إلى توثيق روابط المحبة والألفة والأثر الفعال في استقرار العائلة.. للأسف بعض الرجال لا يدركوا أهمية الرومنسية في حياتهم الزوجية، لأنهم لا يجيدوا التعبير عما يكتنزونه من مشاعر جميلة بكلمات ناعمة تعزز من استقرار الحياة وتقلل من تذمر المرأة. ترويقة: بالتجربة والبرهان أعترف.. أن الكلام الطيب يثلج صدر المراة ويجعلها أكثر سعادة وجمالاً ورونقاً وإقبالاً على الحياة والعطاء معاً.. لذا علمنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن الكلمة الطيبة صدقة والكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.. فالكلام الجميل مطلب كل النساء لأنه يطرب آذانهن، فالمرأة سواء كانت أماً أو زوجة أو أختاً أو بنتاً أو قريبة، تحب سماع عبارات الإطراء الرقيقة والمديح الفعال من زوجها أو أخيها أو ولدها. ومضة: قال تعالى:*﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.. وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي.. وقال صلى الله عليه وسلم: (إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وألطفهم بأهله).