✒يروى أن امرأة من الأنصار دخلت على عائشة بعد حادثة الإفك وبكت معها كثيراً دون أن تنطق كلمة، قالت عائشة: لا أنساها لها، وعندما تابَ الله على كعب بن مالك بعدما تخلف عن غزوة تبوك دخل المسجد مستبشراً، فقام إليه طلحة يهرول واحتضنه قال كعب: لا أنساها لطلحة .. أنا لا أنسَ من وقف معي في حالات ضعفي ومشاعر انكساري وضعفي الإنساني، ومن جعلني يوماً أُضيء في عتمتي، أو أضحكني بالرغم من شُحبِ وجهي، حتى ولو فرَّقتنا الأيام والأماكن، فالقلوب شواهد لا تنسى يداً مُدَّت لها حين شارفت على سقوطها من الحافة .. تعلمت أني لا أنسَ أي معروف كان من البشر، فأضع هذا المعروف أمامي شفيعاً لكل موقف زلل أو خطأ قد يكون من أحدهم، فمواقف الجبر في لحظات الانكسار لا تُنسى، فقل للجميع كلمةً طيِّبةً لعلها تكونُ سبباً في نهايةِ الآلامِ*إذا لم يكن عندك مالٌ تعينُ به على نوائبِ الأيامِ.. قال الشاعر: لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ حاجتنا في هذا الزمان أكثر إلى مواساة الناس والتخفيف عنهم وجبر خواطرهم؛ فأصحاب القلوب المنكسرة قد تزايدت أعدادهم، نظراً لتلك المعاناه التي يقاسيها اليوم بعض من نعرفهم من أقرباء وأصدقاء وجيران، إذ أن الشعور بالآخرين وجبر خواطرهم من الصفات النبيلة التي هي محاسن الأخلاق .. جبر الخواطر عبادة لا يتحلى بها كثير من الناس، وهي عبادة عظيمة لذلك ورد في الأثر قولهم: (ما عُبد الله في الأرض بأفضل من جبر الخواطر)، فعندما تواسي شخص في لحظة ضعفه وتمده بالقوه وتسنده، وسوف تكسب مكانةً خاصة في قلبه دون أن تشعر، والأنقياء لن ينسوا أبداً من سندهم في لحظات ضعفهم .. *ترويقة:* لا يكفي أن نكون على قيد الحياة، من المهم جداً أن نكون على قيد الإنسانية والرحمة والدعم والتأثير.. فكلماتك البسيطة قد تبني إنساناً فاخترها بعناية لتصنع أجمل الأثر.. ادعم نفسياً وروحيا قبل أن تساعد مالياً، فدعم الفقراء ليس بدس بعض الريالات في جيوبهم فقط، بل بدعمهم نفسياً وروحياً وعملياً لتحويلهم إلى منتجين، وسيتذكرك من دعمته كشريك في النجاح ولن ينساك، لأنك قد تكون ملهمه، وأهم أسباب نجاحه .. *ومضة:* إن استحضار الموقف النبيلة والإنسانية يُشيع في النفس مشاعر الرضا، ويُطفئ الغضب، وهو مما أوصى به الله سبحانه في قوله تعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) ...