✒ مدلول مشرق، تشرق معه أرواح المتفائلين وتسعد به كل نفس إيجابية.. إنه الصباح : أقسم الله تعالى به في كتابه الحكيم : { والصبح إذا تنفس} ذكر الشيخ الدكتور خالد السبت في تفسيره: (وقوله تعالى:*وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ [سورة التكوير:18] قال الضحاك: إذا طلع، وقال قتادة: إذا أضاء وأقبل. التنفس هو خروج النسيم من الجوف، تنفسَ الصباحُ؛ لأنه يقبل بروح ونسيم، فجعل بمثابة التنفس. بعضهم كالواحدي يقول: امتد ضوءه حتى يصير نهاراً، وبعضهم يقول: انشق وانفلق، كل ذلك يرجع إلى معنىً واحد. وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ يعني: ظهرت بوادره، وطلائعه، وأوائله، ومبادئه، والله أعلم) الصبح والصباح: يتكرر كثيرًا على ألسنة الشعراء؛ لأنه كما يعلم الجميع فيه معنى الإشراق والأمل،والتفاؤل، بل قد يحمل في معناه القوة والنشاط. يقول المتنبي: تُجاذِبُ فُرسانَ الصَباحِ أَعِنَّةً كَأَنَّ عَلى الأَعناقِ مِنها أَفاعِيا قال المعري في شرحه: إنما قال: "فرسان الصباح"، لأن الغارات أكثر ما تكون في وقت السحر، وشبه الأعنة للينها ودقتها بالأفاعي. يقول: إن الخيل لا تترك الأعنة تستقر في أيدي فرسانها، لما فيها من المرح والنشاط، فكأن الأعنة أفاعي على أعناقها فهي تجاذبها الفوارس.) هذا النشاط وتلك الهمة لا أظنها تكون إلا في الصباح، ولذلك جدير بنا أن نردد، ونعمل بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: عن صَخْرِ بنِ وَدَاعَةَ الغامِدِيِّ الصَّحابيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتي في بُكُورِها، وكَان إِذا بعثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بعَثَهُم مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكان صَخْرٌ تَاجِرًا، فَكَانَ يَبْعثُ تِجارتهُ أَوَّلَ النَّهار، فَأَثْرى وكَثُرَ مالُهُ. رواه أَبو داود والترمذيُّ وَقالَ: حديثٌ حسن. ولمن يعيش عتمة في لحظاته وأيامه نقول كما قال الشاعر: مهلاُ فقد يلد الاسى افراحا.. والليل ينجب للحياة صباحا.. كثيرًا ما نردد: ( عِندَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى ) عبارة قالها سيف الله المسلول، خالدبن الوليد رضي الله عنه، وقد كان بعضُ العربِ قال له : (إنْ أنتَ أَصبَحتَ عندَ الشَّجرةِ الفُلانيَّةِ نَجوتَ أنتَ ومَن معَكَ، وإن لم تُدرِكْها هَلَكتَ أنتَ ومَن معَكَ). فسار خالدٌ بمَن معَه وسَرَوْا سَرْوةً عظيمةً، فأَصبَحُوا عندَها؛ فقال خالدٌ: (عِندَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى)، فأَرسَلَها مَثَلًا، وهو أوَّلُ مَن قالَها -رضي اللهُ عنه-. [«البداية والنِّهاية» 9/541 وما بعدَها، ط هجر]. فبعدَ هذه الرِّحلةِ العظيمةِ من العراقِ إلى الشَّامِ، وهذه الرِّحلةُ يَقطَعُها النَّاسُ في الطَّريقِ المعروفِ في شهرٍ، وخالدٌ قطعها في خمسةِ أيَّامٍ! معَ طريقِ مَفازةٍ، وعلى قِلّةٍ من الماءِ، بل معَه جيشٌ جرَّارٌ فيه الخيلُ والإبلُ، وقد سار بهم سيرًا عظيمًا في طريقٍ هو عندَ العربِ مَهْلَكةٌ، وشَدَّ بهم المَسيرَ حتَّى سار بهم اللَّيلَ الطَّويلَ، فلَمَّا أَصبَحُوا ورَأَوْا إخوانَهم قال كلمتَه المشهورةَ: (عِندَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى). فهذه العبارةُ أَصبَحت مَثَلًا يُقالُ، وحِكمةً تُروَى لأصحابِ الهِمَمِ العَلِيَّةِ، والنُّفوسِ العظيمةِ الأَبِيَّةِ.) عِندَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى ... وتَنجلِي عنهم غَياياتُ الكَرَى... القراء الكرام: الصباح من نعم الله التي تتجدد كل يوم، والتي يجب أن نقف عندها ونحن نتأمل قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( مَن أصبحَ منكم آمنًا في سربِهِ ، مُعافًى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ ، فَكَأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا ) لكل نفس إيجابية مشرقة : استمتعوا بالصباح، واجعلوا منه وقتًا لربيع متجدد، وليكن نافذة تشرق منها إنجازاتكم .. (قال الصباح سلاما فقال قلبي سلاما فزفّ نورًا جميلا به أزاح الظلاما وأنعش الرّوض وردًا وكادياً وخزامى وأفعم الأرض عطرًا وفتّق الأكماما)