✒ بطاقات الدعوة توزع وكانت هي تجمع أفراحها، وتمسك قلبها وتحدثه كل ليلة بتلك الأماني التي بذرتها ذات حلم، وعلقت كل شيء بذلك. نشوة الفرح ورقصة الامتلاء تحدث لكل عابر بأن السعادة ستكون معه وله وبه. كتبت له رسالتها الأولى التي لونت كلماتها "إليك وحدك من دون البشر". لبست فستان الحديقة الخضراء، وتفتحت زهور عالمها. ها هي الآن تودع أحزانها، فعيد ميلادها معه سيبدأ. مراسيم الفرح انتهت. لم يمسك يدها مثلما تعتقد، ولكنها تغاضت عن ذلك. لا تريد أن تعود لحزنها بعد وداع. لم يلتفت بأن سواد الليل ينهش روحها المثقلة بالأوجاع، وهو ينام بشخير تطرب له طيور النوم. سارت مع سطرها الوحيد التي بدأت به. تذكرت صديقتها عندما قالت لها الأماني لا تأتي كما نريد. رفضت كل حديث فحرفها الوحيد ملتزم بموقعه ولا يتعدى ترتيب الجمل. يشد الشدة كعقدة لا تنفك، ويفتح آفاق كونه بثبوت ما يريده هو، ويجر روحها بيده لتكسر ماتبقى لها. أواه! لقد نست صندوقها الذي تحمل كل قصاصات أعيادها رغم الغبار الذي يضحك عليها في كل مرة وكأنه يقول لها "ستهجرينه وتعودين صاغرة ذليلة". ترفض كل مبتدأ ليكون الفعل ظاهر الملامح. هنا مسكت أختها يدها لترقص معها قبل بداية زفتها. ولأول مرة ترقص بهذا الجنون وكأنها تنفض جبالها. "يا قمر تمنياتي لكِ بالسعادة والسعادة فأنتِ السعادة". مسحت آثار حزنها بطول طرحتها، ووقفت في ثبات كأنها البدر في منتصف الشهر، واتفعت أصوات الزغاري والصلاة على الرسول. ستخرج الآن لعالم جديد لا يشبهها. غابة ربما تنهش معالم مدينتها. في العالم الخارجي لا يشبه حضن أمها. أخذت تتنفس وكأن روحها ستخرج، وترددت كثيرًا في المسير ثم أغمضت عيناها وصرخت لقلبها: "أنا اخترت طريقي ولن أتراجع عنه". هُنا أصبحت مبنية المعالم وفاتنة الثبوت. تقول لنفسها: "أثبت يا قلب ها أنا أنا، فلن تكون المراسم إلا بداية الانطلاق لكوكب دري أنا فيه حرف متصل وفستان أبيض ترتديه. "ألف الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله محمد". بدأت في المسير ثم تعثرت وسقطت. سمعت ضحك الحضور بصوت يهز مسامعها. أصبحت تبكي بشدة. لم تجد من يمسكها وينقذها من تلك الغابة. سقطت كل أحلامها. سقطت القمر وهي ضياء السماء. سقطت وتكسر أجزاء منها. حاولت الوقوف مرة أخرى، ولكنها استيقظت وفتحت عيناها لتتأكد بأنه أضغاث أحلام. نفتث على يسارها وقرأت المعوذات، ثم نامت على جنبها الأيمن وهي تقول "الحمدلله. الحمدلله والشكر".