✒من مشكلاتنا في مواقفنا أننا نحسم اتخاذها دون إحسان لمعرفة أسبابها. الموقف ليس أمرا عابرا.. من لايقدر موقفه لا يقدر ذاته. تصيبك الحيرة أحيانا حينما ترى أو تسمع من شخص له رأيه ومكانته يقف موقفا دون تقدير لعواقب ذلك. الغرابة ليست في اتخاذ الموقف فالإنسان حر بكل تأكيد في اتخاذ مايراه حسنا !! لكن التساؤل الكبير هو : على ماذا بنى هذا الموقف وعلى أي أساس وما هي الأدلة والبراهين والمعطيات التي جعلته أو جعلتهم يتخذون ذلك الموقف؟ هل فعلا اطلع على القضية وناقشها وعرف أبعادها وأسبابها؟ وهل تمكّن من موازنة كل ذلك ثم خرج بهذا الموقف. فضلا عن استماعه للمختصين واستشارته للمعنيين. ومراعاته للمصالح والمفاسد التي تكمن خلف هذا الموقف أو ذاك؟؟؟ استفهامات كثيرة تجعلنا قبل أن نقف مع أو ضد تحتاج منا إلى تأمل كثير وكبير خصوصا حينما تمس القضية شأنا عاما أو موضوعا له أثره ..!! هنا بعض الأسباب والدوافع التي يمكن أن تكون خلف ذلك: لكنني أحب أن أقدم لها بأن هناك من الأسباب ماهو نفسي ومنها الاجتماعي ومنها السياسي خوفا أو رجاء ومنها الثقافي الذي يعكس التربية التي تلقاها الشخص ... مما وقفت عليه أن بعضنا اتخذ رأيا لأن شخصا يحبه أو يقدره قال ذلك!! وهذا الحب والتقدير له تفاصيله فحتى الدعم المادي الذي تلقاه الشخص ربما يؤثر في موقفه. أو أنه ينتظر مصلحة في الطريق!! ومنا من يتخذ موقفا لأن شخصا يكرهه مكروه اتخذ موقفا آخر!! ومنا من لا يحسن التفكير ولا التأمل فتجد لديه العجلة في القرارات والمواقف دون روية. وهناك أسباب أسرية مرتبطة بالتاريخ تجعل البعض منا يتخذ مواقف مبنية على ذلك. وهنا سبب محير جدا وهو وقوفنا أحيا ضد توجه ما بأن كل مايقوله أو يفعله هو محل تشكيك واتهام.. وهذا السبب تجده بشكل لافت عند الأحزاب والجماعات والشلل التي تتصارع لأجل إثبات ذاتها على حساب غيرها. وهؤلاء يصدق* عليهم قول البرلماني البريطاني " أنا أصوت لحزبي مع علمي بأنه خلاف مصلحة وطني" الحالة النفسية لها دور كبير بكل أسف في اتخاذ مواقف الأشخاص وهي تعكس الحالة المزاجية المتقلبة.. فتتقلب المواقف وفق حالة الأنس والضغط والعجلة والغضب. ومن المؤكد أيضا أن يلعب الحسد والحقد واسقاط الآخرين همزا أو لمزا دورا في اتخاذ المواقف تجاه ما يطرح. وتصوروا بأن منا من يتخذ الموقف لا لقوة الموقف أو ضعفه أو صوابه وخطأه ولكن لأجل أن يقال عنه أنه كذلك. وهناك سبب يعكس خفة التفكير وتلك هي الإشاعة إذ تلعب دورا في تبنى المواقف المرتبكة. اسمحوا لي ان أقول بأن أي موقف يتخذ دون أن يسنده الدليل الواضح او الواقع الذي لاشك فيه فإن هذا الموقف لايستحق أن يكون موقفا وإنما هو عائق لمعرفة الحقيقة. ومما يزيد القلق أن هناك ظاهرة اجتماعية معرفية وهي أن عقول بعضنا تربت على "التدليل" بمفهومه التربوي حيث تُمنع أو تمنع نفسها من التفكير العميق لأنها لم تتعود ذلك. فأصبح من عاداتنا الفكرية الاجتماعية عدم التفكير. وهذه من أخطر المظاهر الفكرية الاجتماعية التي تحتاج إلى مراجعة جادة في مدارسنا ومجتمعنا. أصول التفكير ومنهجيته وأدواته ونماذجه( أسئلة التفكير why what how who ماذا ولماذا وكيف ومن؟) يجب أن تكون من أولويات حياتنا لأنها ستختصر كثيرا المسافات لصالح مستقبلنا. كلي إيمان بأن لديكم من الأسباب* ماتثرون به هذه القضية لتكون محل نقاش في جلساتنا وواتساتنا ورسائلنا حتى نكون شركاء لمعالجتها في مجتمعنا لمصلحة وطننا. لفتة: " تلوذ بالصمت أحيانا حينما ترى المواقف التي أمامك بعدد الأشخاص الذين معك"