✒يتوقف بعضنا عند مسألة التنظير ويسوم هذا المعنى سوء الكلام ويلقي باللائمة على من ابتلي به... وفي الكلام حق وباطل يستحق التأمل. وهنا بعض الوقفات حيال هذه المسألة؛ حتى لا نكره شيئا يستحق التقدير .. ولا نقدر شيئا يستحق التحقير.. لأن كلا المسلكين خطير !! أولا: كل مسألة عملية لها أبعادها النظرية فمن لا يحسن التنظير قد يتيه في التطبيق. ثانيا: التنظير مرتبط بفلسفة الأشياء وتفصيلاتها وأبعادها.. وليس كل أحد يملك موهبة العمق في التحليل وبسط الأمور والتقعيد. ثالثا: التنظير هو بالضبط كالأسئلة والتطبيق هو بالتحديد كالأجوبة. فمن لا يطبق كمن يسأل دون إجابة.. ومن يطبق كمن يجيب دون سؤال!! رابعا: يمقت بعضنا المنظرون على أنهم يخاطبون الآخرين بمثاليات.. والمثل هي معايير مهمة لمقياس الأشياء.. فليس طرح المثاليات خلل وإنما الخلل في عدم تقريبها للناس عمليا. وكلاهما مطلب. خامسا: ليس كل أحد رجل ميدان فبعضنا يجيد وضع الخطط وبعضنا يبدع في تنفيذها. بعضنا لديه فكر وثاب وآخرون لديهم عمل خلاق. وجمال ذلك في تكاملهم لا تناحرهم. سادسا: التنظير كالرسالة للمشروعات التي تحمل معاني الأشياء وتطلعاتها.. والتنفيذ هو المحصلة لكل ذلك. ولذلك تجد في عدد من المؤسسات والجامعات مستشارين للأفكار... لأن الفكر مكمن الإبداع والتجديد. سابعا: التنظير هو كالرواية الجميلة والأجمل هو إخراجها. وكل رؤية كما كثير من رؤى المؤسسات حبيسة الأدراج دون إخراج لا تعني شيئا. ثامنا: نحن قوم عمليون ولذلك نكره المنظرين. والكره يتجه لمن ينتقد كل شيء ثم لا يحسن أن يعمل أي شيء. تاسعا: خذوا من كل إنسان مايحسن فهناك مفكرون غيروا العالم بنظراتهم. وهناك عمليون غيروا العالم بأفعالهم. وهناك من هم أكمل .. قادة يقولون ويفعلون. عاشرا: التنظير ليس ممقوتا لذاته وإنما المقت أن تلوك الكلام الحسن منتقدا الفعل الحسن.* أخيرا تأملوا هذا المثال : *كل ماتشاهدونه من حروب طاحنة واحتلال واختلال وتشويه واختراق صفوفنا والحرب على سنة نبينا ومختلف الأساليب والأدوات التي تستخدم لتشويه الحقائق انطلقت من أفكار تم طبخها ورسمها من خلال " محاضن للتفكير" وللتفكير فقط. ثم تدفع لمن ينفذها محليا وعالميا. فلا تسبوا التفكير والتنظير فنحن بحاجة للكلمة في كل أحوالنا لنرتقي بواقعنا ونخدم رسالتنا.. لكنها أي الكلمة يجب أن تكون: أولا علمية وثانيا عملية. فجمال الأشياء أن يكون خلف كل علم عمل وقبل كل عمل علم. وهنا تكمن الانطلاقة للأثر الشخصي والرقي المجتمعي. وفي الأثر " لا أحب أي قول لايعقبه عمل". وتاملوا هذه القاعدة الخلدونية "إذا لم يعقب النظر أثر تأخرت حياة البشر"