✒سابق نافس جد واجتهد لا تقف بل استمر وتجاوز كل حد ولترتفع بك الهمه إلى أعالي القمة أخبرني كيف حال ضيفك هل اكرمت وفادته!؟ هل أسعدك وجوده وأحزنك رحيله؟ فالفضل العظيم الذي حباك الله به أن كُتب أسمك مع الصائمين وتنفست نسائم العفو واستنشقت روائح الطاعة تلذذت بها فازهرت في نفسك الأجور حتى تضاعفت فملأت جوانبك بالحياة وأرتوى جفاف قلبك منه لا تعجب إن اجتهدت وتقربت وبذلت وعظمّت، فكل ذلك بتوفيق من الله تعالى أحبّك فأحب أن يراك ترتع بالنعيم السرمدي رآك تسلك طريق الفلاح وتجتهد من أجله فمهد لك وذلل الصعاب وأباد العثرات من أمامك فقرّبك إليه حتى تقر عيناك به وأي فضل هذا وأي اصطفاء . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: قال الله تعالى : (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه، وإن تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا، وإن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة*) . سبحانه يُعطي أكثَرَ ممَّا فُعِلَ مِن أجلِهِ فلا تنزوي بالملهيات عن ربك ،ولاتعطل جوارحك ووقتك فإنك ستسأل عنهم فيما افنيتهم . فقد رَوى ابنُ حِبَّانَ والترمذيُّ في جامِعِه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: (لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ). عُمُرِهِ فيما أفناهُ أي ماذا عملتَ منذُ بلغتَ، أدَّيتَ ما فرضَ اللهُ عليكَ واجتنبتَ ما حرَّمَ عليكَ فإنْ كانَ قد فَعَلَ ذلكَ نجا وسَلِمَ وإنْ لم يكنْ فعلَ ذلكَ هَلَكَ. ويُسألُ عن جسدِهِ فيما أبلاهُ فإنْ أبلاهُ في طاعةِ اللهِ سَعِدَ ونجا مع النَّاجينَ وإنْ أبلَى جَسَدَهُ في معصِيَةِ اللهِ خَسِرَ وهَلَكَ اطلق جوارحك بالخير وأسأل الله دائما أن يستعملك في طاعته والفوز بمرضاته. ولا تتوهن في سبات الغفله وطول الأمل وغيرك يجني ثمار كدّه ليستأنس غدا بما أخفاه الله له من الجزاء ؛ فجدّ واجتهد فنال وحاز وسعد وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا). وأنت كما أنت تتآكل سنينك وتنطوي بك الأيام فلا يبقى لك سوى أمران حسرةٌ تخنقك وندمٌ يشقيك فالتفريط والإبتعاد خسران عظيم قصّرت في حق خالقك فجرّتك الدنيا فاستجبت فكنت عبداً مملوكاً للملذات انظر إلى حال من اقبلوا عليها وتشبثوا بهاحتى عميت ابصارهم فران على قلوبهم قال تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ). استفق وانهض لا تبقى في ركود انظر إلى أسراب الطيور وهي محلقه في جو السماء تسبح الخالق المعبود. أيها الفاضل إلى متى والغفله تطبق على انفاسك أما آن لك النهوض ؟ وكسر تلك القيود؟ اطلب العون من ربك المعبود واجتهد بالتغير وأبدأ من الداخل واعقد العزم وتوكل، قم بتنقية روحك من شوائب الدنيا العالقة حتى تراكمت وأثقلتك (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ). فإن كنت في المعاصي والانحراف وتوجهت إلى طريق الحق توبه ؛ ورجوع واستقامه. ستجد التغير وقد لاحت بوادره فأغاثك الله به وأبدل: *خوفك إلى أمن وأمان . *فقرك إلى غنى وعافية. *اختلافك وتشاحنك إلى رخاء ومحبه. *وإلى تقارب وتعاون. ومن لامس شغاف قلبه حلاوة القبول رأي الإحسان يحيط به من كل جانب واعلم أن سلّم الهداية متاح لك كلما اعتليت درجة ارتفع بك إلى أعالي الجنان .