✒هذا أبي...( حب-بر-نبض-قرب-كون -أمان-فيض-قلب) دلالة تقرأها من أول نظرة تأخذك إلى عنوان ذلك الكيان الجميل العميق في قوته التي تأتي في صوتين (أ-ب) لنبتسم معها بسمة صادقة بدمعها ، ونبض قلبها يقول للعالم هل تعلمون من ذا أبي.. أستجمع كل صور جماليات الحياة وكمالياتها فأجدها نمت في أعماق داخلي من قدوتي ومدرستي (أبي) لم أشعر بفقد ولا رحيل بل وجدت ولادة سيرة تاقت لها نفسي قبل تهافت الناس ليرتوا ويستقوا من نبع الطيب (محمد) حتما لن يمحو الموت أبي . شجرة تأصلت جذورها وتفرّعت أغصانها وأينعت ثمارها بكل قطوف دانية ثم نمت وصعدت للعلياء بكلمة طيبة (لا إله الا الله) واعتلت روح والدي الطاهرة. هذا أبي ..في الدين تزخرفت يومياته بين مسجد وصلاة وقران يحتضنه ساجدا لمولاه ، وحثّ الصبية بهيا للفلاح والمسارعة للبرّ والإحسان للوالدين ، فعشت لحظة الاحسان والرحمة بأمّه ، لأرى ثمرتها أن جازاه المولى بالإحسان احسانا وساقها في حياته بشارة بولد صالح يرعاه وكان له عنوان ، والتفاف الأهل والإخوان بقول حسن وتذكير بالرحمن . ويكفي أن ترجم طهارة روحه الطاهرة بمشهد خارجي أشاهده كل يوم حتى في اللحظات الاخيرة من حياته لمقابلة الله على وضوء وطهارة لكل صلاة. هذا أبي.. زرع فينا وصوّر لمن حوله كيف تقوى علاقة الفرد بربه في السراء والضراء ، وعلى الدوم يزهو لسانه بذكر الواحد المنان. مدرسة التقى لا أحصى فضلها ، يكفيه شهود الله في أرضه يرددون ( محمد منبع الخير والصلاح ) هذا أبي ..بين أهله وزوجه أسس مدرسة العدل والصفح والحب والتآخي وربّى على ذلك نسله من الذكور والإناث، وجمع القلوب على البساطة والصدق دون تكلف ونفاق وبعثرة كلام ، يجتمع بالصغير في حضرة الكبير ليعطّر المجلس بالعلم وتأصيل ثقافة عربية بما يختزله في ذاكرته من مسيرته كإنسان عاش بدايات تأسيس الدولة السعودية الحديثة وعاصر حكّامها وأحداثها بعقل حكيم راشد لا يخشى على بلاد تمسكت بدينها ، ويسرد قصصهم القديمة البطولية في الاحسان للحجيج والمعتمرين دون عنصرية ، وتحمّل قساوة الفقر والجوع لتكتمل سيرة بناء الانسان والنهوض بالأوطان . بحقّ أشعل في الأجيال وفينا من تاريخه القديم الزاخر شجاعة ووفاء كيف نصنع من ذواتنا سيرة عابقة بالخير لنحافظ على هويتنا العربية الوطنية دون تعصب ومحسوبية. هذا أبي .. الكريم في مجلسه والكريم في سفرته والكريم في أسرته والكريم في قبيلته والكريم في منطقته وخارج مجتمعه بل ينطق الكرم من مبسمه ويسبق أفعال جوده وكرمه ، شاركته الترحيب بالضيف وتعلمت منه كيف يكون لقاء الناس بكل رحابة دون أعذار ونفاق ، وكيف يتسابق الإخوة في تقديم ما يسرّ ضيفه لو زارنا وقت غيابه ونقل له صورتنا في الترحيب والتقدير، وتجهيز ضيافة عربية من موروثنا الأصيل ، ليتداولها عبر السنين ويحكيها لأحفاده ويستذكر ذكرياتها مع زوجاته وابنائه، وكيف كانت عوالم الطيب ببساطة تحتوي مجالسهم وتنتشي بها أرواحهم لتزيّن شريط حياتهم . تأصلت فينا بالفعل قيم الكرم والجود حبا وإيمانا لتؤكد مقولته الفخرية رحمه الله- : ( يكفينا فخرا أننا من الأنصار أهل الخير والإيثار) ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) هذا أبي..التاجر البارع ، رسم بإبداعه الرياضي العلمي لنا خارطة أساسيات الرياضيات بمهارة ملهمة جعلتني أتقن أصعب المعادلات معه بطريقة ميسرة احترافية ، جلست برفقته بين حساباته وجدولة محاسباته ، وأعجب من فطنته كيف ييسر على عملائه ويرتقي بعمّاله ويعيد استراتيجيات تخطيطه التجاري ليحقق مكاسبه الإنسانية قبل المؤسسية ، ليجعل من البر أول ثمرة من مكاسبه التجارية ، وأنا أشاهد بعيني بركات المولى تحلّ بعالمنا ليزداد يقيني في قدرات والدي وقدوتي لأجده بصمة نجاح في حياتي تقودني لتحمّل المسؤولية واتقان فنون القيادة الإبداعية . هذا أبي... الحكيم القاضي الراشد الحالم ميسّر كل عسير وفكّاك العقد والصعيب استوْرث من الأولين كيف يقرأ الأمور بروية ودراية علمية ، وبذكائه يمسك بمفتاح الفرج ليرضى أهل القضية عن قناعة بحكمته ومشورته وتنتهي عند بابه كل قضية ، حكايات جعلت من الأجيال يُقاضون ذواتهم قبل غيرهم، ويحسبون للأمور كل عواقب لا تبعث الخير في البشرية ، فعزّز قيم الصفح والعفو بكل ذكاء في مجتمعه مرددا (يسّروا ولا تعسّروا) و قدوته في ذلك محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- معلم البشرية. هذا أبي..راعي الهمة في تعزيز الولاء والانتماء ،لأرض السعودية موطن الآباء، نراه مع الحدث السياسي ناقد وقارئ لتعزيز الموقف الوطني ، وفي اقتصاديات الدولة يتابع تحركاتها القوية ويتفاعل مع الرؤية الوطنية، وفي حضرة الرياضة يجتمع بين أولاده وأحفاده مشجّع ومحفز وينشد الأهازيج الرياضية ليعلنها فرحة وطنية، كيف لا نعشق الأرض من هؤلاء الأوفياء أبطال السعودية. هذا أبي..شخصية فاقت بقوتها الإيمانية صفات الكمال والكمال لله ، عادل راشد ، فطن ميسر ، مثقف عالم ، بحقوقه وحقوق غيره متحصّن ، شغوف طموح للعلياء متوثب عازم ، صابر محنك في الشدائد حازم ، مزارع يعشق الأرض بخضرتها الزاهية، وحصاد خيرات أرضه يعمّ الديار المجاورة، متواضع بين جموع القبائل، وتحضر في السفر والحضر روحه المتسامحة ، عالم فلكي يعشق الغيث ويستبشر برحمة الله العامرة، مفكر أديب قاصّ في ذاكرته قصص بطولية لرجال الجزيرة العربية ، وحكايات للفتوة والشباب وغزليات المرحلة، ويده ممتدة بالخير دون تردد مانحة، هذا أبي الحنون الكريم بأخلاقه العالية . هذه مدرسة الأبوة الصالحة احتضنتنا وعلمتنا واحتوت عالمنا بكل توفيق وبركة من الله . أحمده تعالى أن خصنّي من بين بناته برعايته في آخر ثلاث سنوات من حياته ، ليزداد قربي الأبوي والروحاني ، وأجد لذة العبادة حين تلقيت البشارة ودعوته سبحانه فاستجاب دعائي. وكتب لي مجاورة والدايا والإحسان لهما في حياتهما قبل مماتهما . وانقلبت مشاعري لأجد أبي قطعة مني كولدي، تقاسمنا الوجع وطبطبنا الجراح وتناولنا الطعام وارتوينا من جرعات الصبر والأمل واغتسلنا من الذنوب والخطايا بطهارة القلب والنوايا..ودعوات أبي تتسلل لداخلي بشعور متيقّن بأن الله ساقها بشرى لنا (إني قد رضيت عليكم_رضي الله عنكم ) هذا أبي .. هل تعلمون من ذا أبي!! من صغر سنّي و اسمه منقوش بعالمي ومعلمي بمدرسة الحياة أصالة عربية تسري بدمي الحكيم من يومه يشار بالبنان هذا الكريم الأبي وقائدي نحو الصمود وخير سند لي وصديقي حين أشير لعارض ألمّ بي ودليلي في اتخاذ قرار بنوره يضيء مسيرتي صورة تبرق بأفق الحياة بقيم وإيمان قوي وسمي محمد بن عبدالله النبي الهاشميصلى الله عليه وسلم هذا الجواب لمن يسألني من ذا أبي.