الذين يختزلون الموروث في الفلكلورات التطريبية والهندام هم الذين يعتسفون القيمة الحقيقية لموروث الأمم فيجيرون الموروث بكل عمقه ودلالاته الإنسانية في التطريبي فقط اما انهم يجهلون معنى كلمة الموروث او انهم يلمون بمكنونه ولكنهم يكابرون وكنت قد قلت قبل سنوات طويلة في العديد من المقالات والاستقصاءات المنشورة في العديد من الصحف السعودية والمجلات الخليجية ولازلت اقول ان الاسم الشامل للموروث هو (الموروث القيمي) كونه يندرج تحت هذا المسمى موراثات قيمية منها الألوان التطريبية والحماسية والقيم الإجتماعية من عادات وتقاليد وتكافلية اجتماعية حميدة لا تتضاد مع قيم ومبادئ المجتمعات سوى كانت مجتمع القبيلة او المجتمع العام ولعل من المسلم به أن الموروثات التطريبية والحماسية لم تكن إلا كنتيجة للقيم والمبادئ الإجتماعية مثل البناء والحرث والحصاد وتسيير القوافل لجلب الحبوب الزراعية من مكان لآخر او للحج او الاحتطاب وغيرها من القيم التي كان اي مجتمع يحرس عليها في زمان الحاجة والظروف الإجتماعية الصعبة فكان لكل امر من هذه الأمور او تلك اهازيج يُنشدُ بها المُنشد ويردد خلفه القوم فأوجدت لنا تلكم القيم الإجتماعية كم هائل من الموروثات الفلكلورية التي توارثتها الاجيال جيل بعد جيل لذلك نجد ان كل لون من الألوان التطريبية مقترن بحالة من الحالات القيمية التي كان يمارسها أجدادنا او لنقل انه تابع لتلك الحالة فالفلكلور التطريبي والحماسي لم يولد من فراغ بل هناك مسببات لوجوده فالحصون والقلاع لم تبنى وتشيد إلا في ظل القيم الإجتماعية ولم تبنى المدرجات الزراعية (المساطب) إلا في ظل القيم الإجتماعية ولم يتم المحجر وهو حجر مكان ما من الاحتطاب والرعي لفترة معينة او دائمة إلا في ظل القيم الإجتماعية ولكل مجتمع من مجتمعات وطننا الحبيب قيم تتوارثها الاجيال وهذه القيم هي التي كانت ولازالت تنظم حياة ذاك المجتمع لذلك لانجد اي مبرر لجعل فلكلور اي مجتمع هو الموروث الوحيد والاساسي وإلا نكون بذلك رسخنا جهلنا بطريقة ممجوجة وخطيرة وبذلك نكون قد جنينا على اجيالنا فسطحنا تفكيرهم وغيبنا عنهم موروثنا القيمي وصورنا لهم ان موروثنا دمة وخطوة وربخة ولوية وعرضة وزامل وقزوعي فقط ولم ننقلهم فكرا وتاريخا إلى القيم الإجتماعية التي اوجدت لنا هذا الكم الهائل من المعطيات القيمية والله المستعان.