✒ إن من الآفات المنتشرة في هذا الزمن والتي قد تحول بين الإنسان وصلاح نفسه هي الانشغال بعيوب الآخرين عن الاهتمام بأنفسنا ، ولو أبصر أحدنا في عيوبه وسعى لإصلاحها حتماً سينشغل عن تتبع عيوب وعثرات الآخرين والوقوف عليها. شر الورى بعيوب الناس منشغل مثل الذباب يراعي موضع العللِ ومن المؤسف وفي هذه الحقبة الزمنية المريرة لا يكاد أحد يسلم من الوقوع في هذا المنزلق مما جعل هذا الأمر طبيعياً ، ولم يعد يثيرُ الاستهجان كما كان سابقاً ، فالبعض أصبح لايرى الجانب الإيجابي من الآخر سوى الوقوف على عيوبه ؛ وقد ساهم في انتشار هذه الظاهرة انتشاراً واسعاً كثرة التجمعات والجلسات وخاصةً في أواسط التجمعات النسائية والتي قد تتتصِفُ بعضها بالجدية والبعض الآخر لا يجد متنفسا له إلا في ذلك. ونجد أن كل منا يفتش في عيوب غيره ويتهمه بالتقصير والتجرد وقلة الفهم متناسياً بأنه بشر ولا أحد يخلو من العيوب . وأصبح من السهلِ جداً على أحدنا في هذا الوقت أن ينتقد الآخرين بمجهر التعقيب على عيوبهم وتصرفاتهم وهو متكىءٌ على أريكته ساعياً في حب نفسه ورافعاً من قيمة ذاته مِوقناً بأن عيوبه حسنات وان الآخر كله عيوب متناسياً بأن أي إنسان لايخلو من النقص والعيب ، ولا أحد يمتلك حق القيام بإصلاح تلك العيوب وترميمها إلا ذاته . لابد أن ننظر لمرآة أنفسنا وأن نبصر في عيوبها الخُلقية قبل العيوب الخَلقية والسعي في إصلاحها والإنشغال عن عيوب الناس والوقوف عن الاستنقاص من رأي الآخرين والبحث عن مثالبهم وعيوبهم: نعيب زماننا والعيبُ فينا وما لِزماننا عيبٌ سوانا و هذه الآفة تعدُ من آفات اللسان العظيمة و التي تحتاج إلى مجاهدة للنفس من أجل علاجها والتخلص منها ، فلو أصيب بها الإنسان حتماً سيرى أنه شخصاً كاملاً فيغفل عن عيوب نفسه وينشغل في عيوب الناس متناسياً أنه إنسان وكل البشر يعتريهم النقص ، فلا إنسان كامل أو معصوم وأن جميع البشر قد لا يخلو من أي نقص أو عيب . فالانشغالِ في عيوب الناس وتتبع عوراتهم سيوقعنا حتماً في وحل الغيبة ونشر العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع. لذا نجد كثيراً من العلماء والحكماء يعزفون عن الدخول في دائرة انتقاد الآخرين خوفاً من الوقوع في الزلل والإثم لذا ينشغلون عوضاً عن ذلك بالنظر إلى شؤون أنفسهم وتثقيفها . فيجب أن نرتقي بالفكر وننشغل بإصلاح عيوبنا عن الآخرين من أجل تقديم الأفضل لأنفسنا وللمجتمع دائماً . ورحم الله الإمام الشافعي حين قال : إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى ودينك موفور وعرضك صينّ لسانك لاتذكر به عورة إمرىءٍ فكلك عورات وللناس ألسن إلى من يتصيد عثرات الآخرين والبحث عن عيوبهم لتنظر إلى نفسك والتعرف عليها والانشغال في إصلاح عيوبها فلكل منا فيه أضعاف ما يراه في الآخرين ؛ فلنجاهد تلك النفس حتى لاتنشغل في عيوب الناس .