✒ إن العطاء سمةٌ من أسمى المعاني الإنسانية قد لايشعرُ بلذتهِ كثيرٌ من الناس وذلك عندما تُعطي وتُقدم للغير بلامقابل فليس بأن تأخذ وتتمنن وتتفاخر بما قدمت وبذلك تستشعرُ بلذة هذا العطاء وتسمو بهذه النفس وتصل بها إلى أعلى درجات الوعي والتفكير الإنساني السليم . فعندما نُبحرُ في بحر السنةِ المحمدية وذلك الخُلق الراقي نجد أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو أول من لازمته تلك الصفة طوال حياته فكان عطائه بلا حدود ولم تقتصرُ يدُ العطاءِ عنده على أُولي القربى منه فقط بل كان أيضاً عطاءه إلى من هم على غير ملته ، وعقيدته فهنا الوقفة الإنسانية الكريمة وذلك هو النبراس والجمال في العطاء الذي لابد أن نقتدي ونفتخر ونستوصي به حقاً فقد صُورت لنا تلك الصفةُ الكريمة بأجمل معانيها وأسماها حينما أشادت بها أُمنا السيدة خديجة رضي الله عنها بمقولتها الشهيرة (إنك لتصل الرحم ،وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ،وتعين على نوائب الحق). فتلك هي صفة العطاء انغمست بالجودِ والكرم . في هذا الزمن وللأسف قد يترددُ على مسامعنا كثيراً من خلال تلك الأبواق الفقيرة لمعنى الإنسانية بأن لاتُعطي أحداً لا أحد يستحق هذا العطاء هنا يعتصرُ القلب ونستشعرُ بذلك الألمٌ ويتبادرُ إلى أذهانِ الجميع سؤالاً لماذا نمنعُ ذلك الخير ونحنُ أهله ؟!! فالعطاء هو هديٌ إيماني وخُلقٌ محمدي وهي فضائلُ الله تعالى علينا لابد أن لانقف عند ذلك ولانجعل لتلك الابواقِ أن تصدحُ بتلك الكلمات وتجول بصداها في قلوبنا من أجل تحقيق ذلك الهدف ذو الفقر الإنساني و من أجل كبحِ جماح الخير والعطاء بداخلنا فلابد أن تكن نظرتنا إلى ماهو أعمقُ وأسمى وذلك من خلال نافذةِ الرُقي بالنفس والوصول بها إلى سمو المعاني بالنظر إلى ماذا نُقدم وبماذا نستشعر حينما نُعطي . لا نقف عند مبدأ التشخيص هل يستحق أو لا يستحق لنتخطى عتبة الشخصنة وذلك من أجل نغرس معنى العطاء وجماله في قلوب من نُقدم لهم و نبني جيلاً معطاءً بلا مقابل يخدم ذلك المجتمع عندما يكونُ ذلك العطاءُ مقنناً وله هوية معروفة . لانُغلق هذا الباب الكبير فهو من أجمل وأسمى المعاني الإنسانية فالنفسُ به تسمو وتتجلى وذلك حينما تقدم وتُعطي دون أن تُحدث فرقاً بين من يستحق هذا العطاء أيٍ كان سواء من خلال جنسه أو لونه أو عرقه فتقدم تلك المساعدة لمن يحتاجها فقط . فالعطاءُ سمةٌ في الإنسان قد جُبِل على حُبها الكثير فلايقتصرُ العطاءُ على المال فقط بل بكل سرور تدخله في قلب الآخر وكل ابتسامةٍ قد تمنحها للغير فهي عطاء وسعادة تفرح النفس فهناك من يمنح ويُقدم العطاء وهو في عواصف الحياة وهمومها ولكن برضاً ومحبة: ليس الكريم الذي يعطي عطيته على الثناء وإن غلى به الثمنا بل الكريم الذي يعطي عطيته لغير شيء سوى استحسانه الحسنا فلا تقلل من قيمة ولذة العطاء فهو خلق كريم قد يتعدى بصاحبه أحلك الظروف من أجل أن يُقدم ويغدق بعبقه على من يحتاجه فيزيل عن كاهله جبالا من الهموم والغموم ليفتح له باب الحياة والسعادة من جديد . فالعطاء يبدأ من ذاتنا لنستطيع أن نقدمه لغيرنا بكل حب وتقدير ونبني به جسراً من المحبة في مجتمعاتنا كما ذكر الإمام الشافعي : تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء