الأيام تأتي بالجميل والقبيح وتتيسر تارة وتصعب تارة تفرحك وتحزنك تثقل كاهلك وتكسر خاطرك وتضعف همتك وتدمع عينك وتقهرك أوقات فلا تجد لنفسك متنفس ولا لضيقتك مخرج ولا لحزنك زوال، فتظل ملتف بلحاف الهم والكدر والضيق والزجر فيتسلل بداخلك اليأس والقنوط والحزن والتعب وتتشبع نفسك من مشاعر الألم والقهر، و تحتاج حينها* ليد تمسح على رأسك وكلمة تجبر خاطرك* المكسور وتهدأ من روعك وسكينة تتنزل على قلبك كي يمر الوقت العسير كريح عابرة لا تسقط ورقا ولا تكسر غصنا. وجبر الخواطر خلق نبيل فحين ترى شخصا كسر خاطره ونزلت دمعته وفعلت فيه صوارف الدهر مافعلت فجئت إليه وقلت له كلمات طيبات من نفس طيبة فأنت حينها تجبر خاطره وما أروع وما أجمل أن تجبر خاطر أحدهم وهو مهموم مغموم مظلوم منكسر وفي شدة شديدة لا يعلم بها غير الله وهاهي شدة الإمام* أحمد ابن حنبل رحمه الله ناصر السنة في يوم المحنة حين جلد وسجن وسمع أنينه أحد المساجين ويدعى بأبي الهيثم فدنا منه* وقال له.: " أنا أبو الهيثم العيّار اللص ! ضُربت ثمانية عشر ألف سوط بالتفاريق ،وصبرت في طاعة الشيطان لأجل الدنيا ، ألاتصبر أنت في طاعة الرحمن لأجل الدِّين ؟!".. فكلام أبو الهيثم زاد من صبر الإمام وجبر بخاطره* لأنه رفع همته وهون عليه المصاب وكان الإمام أحمد بن حنبل يذكر أبو الهيثم عند طلابه فيقول رحم الله أبا الهيثم! إن المكسور لاينسى من جبر بخاطره ولا من واساه في مصيبته وهون عليه الألم ... كلمة طيبة تخرج منك لربما تغير في حياة أحدهم الكثير والكثير ولربما غيرت مسار حياته تماما وقلبته رأسا على عقب...فتأمل معي قصة هذا الطفل واسمه توماس ذهب الى المدرسة ذات الفصل الواحد مع 39 طفل ...ولكنه ليس ككل الأطفال ..انه لا يكف عن الملاحظة والسؤال ..... ويلفت انتباهه أشياء غريبة جداً ..... وبعد 4 شهور لم تكتمل أعلن مدرسه أنه طفل غير طبيعى متأخر وارسلت المدرسة لأمه أنه طفل غبي و متأخر في التعلم فقرأت الرسالة وقالت لتوماس أنت لن تذهب بعد اليوم للمدرسة فسألها لماذا فأجابته لأنك طفل ذكي ولاتستحق أن تكون في مدرسة كهذه بل في مدرسة تقدر ذكائك... وبدأت تعلمه الادب والشعر وكلما كبر توماس كل ماكان أفضل واكثر إبداعا حتى مرضت أمه واحتاجت لعملية جراحية ولكن الطبيب لم يستطع إجرائها لعدم توفر الضوء الكافي فكانت من هنا نقطة التحول في حياة توماس وحياة الناس جميعا فأخترع المصباح الكهربائي بعد عدة محاولات وفي كل محاولة كان يكتب هذا عظيم وفي مره وهو يقلب في الكتب سقطت ورقة وقرأها توماس فإذ بها رسالة من مدير المدرسة التي كان يدرس بها وقرأ كلاما غير الذي قالته أمه وعلم أنه طرد من المدرسة بسبب غباءه وتأخره في التعلم ولولا أن أمه لم تقل له كلاما إيحابيا وجبرت بخاطر مخترع الكهرباء لما تغير وضعه ولما انقلبت حياته لحياة هادفة. إن توماس اديسون بكلمات أمه الطيبة الجميلة أخترع الكهرباء فجبر الخاطر ليس بالشيء الهين فحين يأتيك أحدهم مطرودا منبذوا تستطيع أن تقول كلمة طيبة له وترفع معنوياته ولاتزيد من همه وتكسره أكثر ؛ ألم يقل النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم (الكلمة الطيبة صدقة) تصدق بحلو الكلام فأنك لست بخاسر بل كاسب أجر عظيم ومغيرا حال مؤلم وموجع. ليكنْ حديثُك سلسلاً عذباً فيروق للمغموم إن غبقه و يكونُ سردُك نفحَه عطِراً كي يستسيغَه كلّ ُمَن نشقه طيبُ الكلام ِو كُلّ ُبادرةٍ في نيةٍ للخير مُتفِقة عود لسانك على جميل الحديث وكن كغيث يسقي القلوب ويجبر الخاطر ولاتكن فظا غليظ القلب لا منطوق حسن ولا فعل طيب تنفر منك النفوس وتهجرك الناس تودد واجعل حديثك بلسما شافي وشهدا مصفى يفرح به المحزون ويستبشر به المغموم. وهاهو شيخنا وإمام مسجدنا الحرام سعود الشريم يحث على الكلمة في أبيات طيبة جميلة صاغها قلبه الجميل ونفسه المحبوبة يقول فيها: قُلها أخي قلها فإن لها صدى يمحو عن القلب الخبائث والصَّدا قلها وأكثر، فاز منا مُكثر من قولها أمضى الحياة مفرِّدا جدِّد بها الإيمان من فرط البِلى أكرم بها متصدِّقا متزوِّدا وماتزال الكلمة الطيبة تنساب على النفوس فتحل بلطفها الخير والحب والطمأنينة والسكينة... وليسعد النطق أن لم تسعد الحال. إشراقة: بحديثك العذب وجبرك الجميل تحول الأرض القاحلة للحديقة مخضرة زاهية.. فلاتبخل.