أظن أنه لو قيل لنظام قطر ومجموعتهم في قناة الجزيرة، ما دام أنكم تُعْنَون بإثارة الشعوب وحراكهم في الميادين ضد حكوماتهم، فلماذا تمنعون شعبكم من فعله؟ منذ سنوات ونظام قطر، أو ما يسميه الناس بنظام (الحمدين) يعيث في الأرض فسادا، ولو كان الإنسان يُسَمَّى بأفعاله، لكان خليقاً أن يُسَمَّيا ب(الذميمين) لأفعالهما المذمومة، وجنايتهما على بلادنا السعودية، وسعيهما في تقسيمها، وإسقاطها - وإن كان دون ذلك خَرْط القَتَاد - من كان هذا الفعل المشين دأبهما فهما ذميمان وليسا حميدين، ونسأل الله أن يكفينا شرهما، ويجعل عاقبة أمرهما خسرا، أقول: منذ سنوات وهذا النظام، وقناته الشرِّيرة المسماة الجزيرة، ومفتيهم القرضاوي، وبقية القطيع في تلك القناة، كلهم مُجْمِعون على تهييج الشعوب على حكامهم، يؤزون الشعوب بكل ما أوتوا من قوة في الشر، ليُخْرِجُوهم على حكامهم، بدءا بدعوتهم إلى النزول في الشوارع والميادين للمظاهرات، وما يسمونه: الحراك الشعبي السلمي، ويقسمون بالله إن أردنا إلا إحسانا ونصحا، وهم كاذبون، ولهم في إبليس أسوة، فقد أغوى الأبوين آدم وحواء، وأقسم أنه إنما يريد النصح لهما، قال تعالى: (وقاسمهما إِني لكما لمن الناصحين * فدلاهما بِغرور)، ومعنى قاسمهما: أي حلف لهما، فما كل من حلف، وزعم أنه ناصح، يكون صادقا. فهل ما دعا إليه نظام قطر ودعمه، من تهييج للشعوب ليَخْرُجوا على حكامهم، هل هذا نصح؟! لننظر ما هي آثار دعوتهما وتهييجهما على البلاد والعباد، وما نتائجها؟ النتائج كما يراها الناس اليوم: دماء سُفِكَت، وأُسَرٌ شُرِّدت بلا مأوى، وأعراض انتُهكت، ومساجد هُدِّمت، وأنفس مسلمة عُذِّبَت وقُتِلت، وممتلكات أُحرقت، وأمن حَلَّ محله الخوف، وطعام حَلَّ محله الجوع، وعافية حَلَّت محلها الأمراض والإعاقات المستديمة، أليست هذه هي نتائج تهييجهم ونصحهم المزعوم؟ ومعلومٌ أن النصح لا يكون بما نهى الله عنه ورسولُه، فنبينا عليه الصلاة والسلام وهو الناصح الأمين، نهى عن الخروج على الحاكم المسلم، وإن كان جائرا ظالما، بينما دعاة الضلالة في قناة الجزيرة ونظام قطر بضد ذلك تماما، يَدْعون للمنابذة والتمرد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (شرار أئمتكم: الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، فقالوا: يا رسول الله أفلا ننابذهم السيف؟ فقال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة») رواه مسلم، فكما ترى أخي القارئ نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن منابذة الحكام، وإن كانوا من شرار الأئمة، فكيف بمن ليس كذلك؟ وهذا دليل على حرص النبي عليه الصلاة والسلام على أمن الناس، حتى وإن حصل جور من الحكام، ليس هذا إقرارا لجور الحكام، كلا، وإنما لأن الأمن لا يعدله شيء، ولا ينفع مع فقده شيء، وهذا من نصحه عليه الصلاة والسلام لأمته، بخلاف الغَشَشَة دعاة الثورات والفتن، الذين يُهَيِّجون الناس على حكامهم، تحت شعارات خادعة: كالحرية والعيش الكريم، وإزالة المظالم، وإذا حلَّ الدمار والقتل والخوف والجوع قالوا إنا براء منكم، ولا تلومونا ولوموا أنفسكم، وهي نفس وظيفة إبليس، وقد أخبرنا الله ورسولُه أن إبليس يُحرِّش، ويؤز أتباعه إلى المهالك أزا، ويحسّن لهم سوء أعمالهم، ويغرهم، فإذا أطاعوه وهلكوا قال لهم: (إني برِيء منكم إِني أرى ما لا ترون إِني أخاف الله)، وقال لهم: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم)، وهذا هو فعل دعاة الثورات سواءً بسواء، فما أحوج الناس للتحصين الفكري، المنبني على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، فهو العاصم بإذن الله من غش دعاة الضلالة، وأصحاب المكاييل الظالمة. وأظن أنه لو قيل لنظام قطر ومجموعتهم في قناة الجزيرة، مادام أنكم تُعْنَون بإثارة الشعوب وحراكهم في الميادين ضد حكوماتهم، وتُسَوِّقون ذلك، ولا ترون ذلك محرما كما نراه نحن، بل ترونه عملا صالحا، فلماذا تمنعون شعبكم من فعله؟ هذه بضاعتكم رُدَّت إليكم، وأنتم أحق بها وأهلها، فاقبلوها، واشربوا من الكأس الذي أسقيتم منه غيركم، لو قيل لهم ذلك، على سبيل إلزامهم بما يعتقدون صحته - مع أني شخصيا لا أرى جواز الخروج على أي حاكم مسلم، عملا بالدليل الشرعي، ذلك أن الدعوة للخروج والمظاهرات هي بضاعة من يُقدِّم الولاء الحزبي، وما تهوى الأنفس، على الدليل الشرعي، أقول: لو قيل لهم ذلك على سبيل الإلزام الذي يُظْهِر تناقضهم وكذبهم، لأنكروا بجميع أنواع الإنكار، وللجؤوا لفتاوى العلماء المحرِّمة للخروج، ونشروها على أوسع نطاق، وهذا دليل أنهم غير صادقين ولا ناصحين، ولو كانوا صادقين لأحبوا لإخوانهم ما يحبونه لأنفسهم، ما الذي يجعلهم يرضون ذلك للناس، ولا يرضونه لأنفسهم؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وهؤلاء القوم في نظام قطر، نقيض ما جاء في الحديث، يحبون لأنفسهم البقاء، ويحبون لغيرهم الدمار والشر، بل فعلوا جريمة ما سبقهم بها من أحد من العالمين، وهي تخطيطهم لتقسيم بلدنا السعودية: مهبط الوحي، ومنبع الإسلام، ومأرز الإيمان، هذه الجريمة كل ما تذكرتها آلمتني، وأقضَّت مضجعي، عليهم من الله ما يستحقون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.