بقلم/خالد بن محمد الأنصاري عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية وعضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية إن هناك علاقة وطيدة بين الإدارة والشريعة الإسلامية ، فقد أشار القران الكريم بلفظة الإدارة في قوله تعالى(إلا أنْ تكونَ ِتجارةُ حَاضِرَة تُديرونها بينكم)[البقرة آية282] وفي السنة النبوية إشارة أخرى في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاللاتقوم الساعة حتى يدير الرجل أمر خمسين إمراءة)[رواه الطبراني] . ونجد أن أدوات الإدارة الرئيسية وهي:1-التخطيط.2-التنظيم.3-التوجيه.4-الرقابة. فضلاًً عن بعض النظم والأساليب الفرعية الأخرى المستمدة من القران الكريم، ومن سنة نبينا القائد الإداري الحكيم، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ولنستعرض أمثلة على هذه الأدوات الأربعة(والمسماة بوظائف العملية الإدارية): 1) التخطيط: وهو عبارة عن عملية فكرية تعتمد على المنطق والترتيب والتقدير والمرونة وإيجاد البدائل ، ومن شواهده في القران قوله تعالى على لسان نبيه يوسف عليه السلام: (قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون ، ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تُحْصِنون ، ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يَعْصِرون)[يوسف آية47-49] وبهذا التوجيه القرآني الذي هدى الله إليه يوسف عليه السلام ، فإن المسلم ملزم بالتخطيط المستقبلي لتفادي النكبات والأزمات التي قد تحيط بالأمة في كل مجال. ومن الأحاديث النبوية الدالة على التخطيط والعمل لتفادي تقلبات المستقبل حتى يحمي الإنسان نفسه ومن تحت ولايته قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: (ولئن تدع أبنائك أغنياء خير من أن تدعهم فقراء يتكففون الناس) وأيضاً قوله للأعرابي الذي ترك ناقته عند باب المسجد دون أن يعقلها(أعقلها وتوكل)وفي هذا الحديث إشارة للإداري المسلم بأن يربط التوكل على الله بالاحتياط والتخطيط الذي لا يتنافى مع التوكل ولا مع القضاء والقدر. 2) التنظيم: وهو بيان وتحديد الهيكل الذي تنتظم فيه علاقات السلطة والمسئولية وهو كيان حي متحرك ولا بد من إعادته ليتلاءم دائماً مع المتغيرات الداخلية والخارجية ، وهو ما جاء به الإسلام قال تعالى: (أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات)[الزخرف آية23] وهذا غاية في التنظيم ، فهو تنظيم الكون والحياة بأجمعها . ونجد في قدوم النبي صلى الله عليه وسلم أولى خطوات التنظيم وهي المؤاخاة حيث قال: (تآخوا في الله أخوين أخوين) فآخى بين المهاجرين والأنصار ليكونوا نواة لتنظيم المجتمع. 3) التوجيه: وهو القدرة على السير الصحيح مع الموظفين، وهدايتهم وتوجيههم مع إيجاد روح الود والحب والرضا والإنتماء للعمل. ولقد إعتنى الإسلام بالتوجيه وولاه رعاية خاصة لشحذ الهمم ، فمن ذلك قوله تعالى: (ولو كنت فظاً غليظا لانفضوا من حولك)[آل عمران آية159] وهذا توجيه أعلى للقائد والحاكم ، وكذلك قوله تعالى: (وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم)[البقرة آية237] وهذا توجيه عام للمحكومين والعامة. 4) الرقابة: وهي عملية ملاحظة نتائج الأعمال التي تسبق تخطيطها ومقارنتها مع الأهداف التي كانت محددة وإتخاذ الإجراءات التصحيحية لعلاج الإنحرافات ، وهي غاية الأمر ومنتهاه ، فبعد التطبيق الكامل يأتي دور التأكد من أن تنفيذ الأهداف المطلوب تحقيقها في العملية الإدارية تسير سيراً صحيحاً حسب الخطة والتنظيم والتوجيه ، ولعل الإداري المسلم المؤمن هو المدرك حق الإدراك حقيقة الرقابة والعمل على إنفاذها سواءً على نفسه أو على غيره ، ومن شواهد الرقابة في القران الكريم قوله تعالى: (وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) وقوله عز وجل: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ومن السنة النبوية حديث عليه السلام: (...فأخبرني عن الإحسان؟فقال صلى الله عليه وسلم: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك...الحديث ، وهذا من أعظم أنواع الرقابة الذاتية وهنا يتفاضل الناس فليس فقط بمقدار مايحملونه من (علوم) الإدارة بل أيضاً بمقدار ما يُجيدونه من(فنونها) وأساليب تطبيقها. @khalidmalansary ***