الأطفال هم العنصر الأهم في بنية الأسرة والمجتمع معاً ، بل هم جذوة الاهتمام وأسه على المستوى الإنساني بعموم ما في هذا المستوى من تباينات دينية وثقافية ، فالأمة التي تحترم مستقبلها حق الاحترام لا تغفل عن مهمة الاعتناء بالطفل وما تستحق بيئته التربوية من رعاية واهتمام ، بدءً من مستشفيات النساء والولادة وانتهاء بحق الطفل في البلوغ والنضج بأمانٍ يخلو من عراقيل الانخراط في حياة البناء وإثبات الوجود ، مروراً بمقتضيات التأسيس التربوي السليمة المحصنة مما يعكر الفكر السوي ويذكي السلوكيات المنحرفة على المدى القريب والمدى الأبعد ، ولعل الأستاذ أحمد الشقيري أبان شيئاً مما نقصد في بعض حلقات برنامجه الأشهر ( خواطر ) حينما سلط الضوء على معارك بعض الدول المتقدمة مع تعقيدات الطفولة المتقلبة مع تقلبات معطيات العصر الآني واحتمالات التغير فيه مستقبلاً ، لقد كشف ذلك البرنامج كيف تضع حكومات تلك الدول كل ثقلها لمواجهة التحديات القائمة أمام تربية مثالية لأجيال الدولة المتدفقة من الحاضر إلي المستقبل ، وكيف تعتني بكل ما يحيط بالطفل وبيئته إيماناً منها بأن الأطفال هم الركيزة الكبرى التي تتكئ عليها أسباب ديمومة الحضارة والوجود . الأطفال أيها السادة ؛ سقيا المنفعة والأمل ، فأما المنفعة ؛ فلأنهم منبت البهجة لأسرهم والدافع الأكبر للتحصيل والكد والعمل ، فالفقير يسعى لتأمين قوت أطفاله بالعمل ، والغني يسعى لضمان تمتع أطفاله بغناه أيضاً بالعمل ، وكأن الله منحنا إياهم لتبقى أيدينا دافعة لعجلة النشاط والحيوية ، ليس هذا فحسب ، فهم مبعث الرقة في القلب أيضاً ، فما من رجل طبيعي رزقه الله بطفل حتى تمزق عن قلبه غشاء القسوة ، وما من امرأة شعرت بدبيب جنينها داخل أحشائها إلا ولُفت على قلبها غلالة العاطفة والرقة ، وكأنهم خلقوا ليغسلوا القلوب بوابلٍ من اللين والحنان ، وأما الأمل ؛ فلأن الأطفال لن يبقوا مدى الدهر أطفالاً ، سيكبرون حيث يكبر معهم طموحهم ، وتستعر في حنايا قلوبهم تطلعاتهم ، التي بها تعقد آمال أسرهم ومجتمعاتهم ، فعلماء ومفكري الغد هم لا محالة أطفال اليوم . عبدالرحمن ظافر الشهري [email protected]