ليست الرسوم الكاريكاتيرية مجرد ( قلم وورقة ) أو ( لوحة مفاتيح وشاشة ) لا .. إنها – فيما يجب أن يكون - لغة تواصل عالية الجودة بين المرسل والمستقبل ، لا فرق بين منبرها ومنبر الكاتب أو المحاضر أو الباحث ، فكيف تختار الصحف رساميها المحنكين بريق أبي رغال ؟؟؟!!! من خلال مشاهدتي لحلقة حوارية واحدة في إحدى القنوات الفضائية وقفت على معايير بعض الصحف في اختيار رساميها .. فتبين لي أن هذا البعض قد أسقط من حساباته الفكر والثقافة والوعي واتخذ معيارين اثنين لا ثالث لهما : معيار ( الدلاخة ) ومعيار ( جودة الرسم ) التي لم يتعد وعي صاحبها الأنامل .. ولك أن تتخيل ( دلخاً ) متهورا كيف يمكن أن يوظف تهوراته ؟؟؟!!! هؤلاء الرسامون الذين سقطت أدمغتهم على أطراف براجمهم ( تلك البراجم المملوءة ببكتيريا الظلم والتجني ) إنما هم عملة نادرة في أيدي المغرضين بعد أن يتم ( تفخيخهم ) بالأفكار المزيفة المغرضة ضد دينهم ووطنهم وأمتهم ليفجروها في خاصرة الوطن بلغة تعميمية تحريضية ظاهرة . إن الصنعة ( الكاريكاتيرية ) منظومة من القيم الفكرية والخلقية تحكي واقعا أو تكشف قضية أو تعالج سلوكا أو تجيش رأيا أو توقع كارثة ، فهل يليق بصحيفة - عاهد أربابها الله تعالى أن يلتزموا ميثاق الشرف الإعلامي - أن تمكن في هذا المنبر ( دلخاً ) لا يعرف أبجديات الأدب الصحفي ولا يملك أدنى مستويات الوعي الاجتماعي وأن تمد له الحبل على الغارب ليواصل تطاوله على الوطن ومؤسساته وأبريائه وتشوه صورته أمام العالم ؟؟؟!!! لقد أراد الله تعالى أن يكشف سذاجة الرسام على أصولها وأراد في ذات الوقت أن يكشف عوار الصحيفة في الاستهداف المبيَّت فأذن بهذه الحلقة الحوارية التي تحدث فيها الرسام بلغة ( ركيكة اللفظ والمعنى ) لا تفرق بين التعميم والتخصيص ولا بين الفكرة والرسمة ولا بين اللحمة والشحمة .. فظهرت ثقافته كثقافة ( جدتي مرزوقة ) التي سألها فيصل القاسم عن ( تقنية النانو ) فقالت : ( يا زينها وانا جدتك على قرص بر في التنور ) . إن صحيفة تسكن في قلب بلادي لا يليق بها أن تسترسم من لا يعقل أو تستكتب من يجعل المنبر فرصة لتصفية الحسابات واستعداء المؤسسات العاملة خاصة إذا ثبت بالاستقراء أن بعض هؤلاء الرسامين والكتاب قد جعل العلماء والأخيار والمؤسسات الشرعية غرضا . ونصيحتي لهؤلاء ( الرعاع ) الذين يملكون ( الريشة ) ويرمون العقل من ( الدريشة ) نصيحتي لهؤلاء البسطاء المفرغين من كل معاني العلم والأدب والرؤية ألا يكونوا أبواقاً ينفخ فيها المغرضون ويمررون بهم ما لا يستطيعون قوله أو فعله ، فالفكرة ( الكاريكاتيرية ) إن مرت بسلام فغرمها الديني والشعبي على هذا البسيط التافه وغنمها المادي البراجماتي للمحرر وصحيفته ، وإن لم تمر وثار عليها الناس وأنكروها – كما حصل ولله الحمد - كان غرمها من نصيب كل ( مستدلخ ) يرى أن ( التعميم في إصدار الأحكام على الناس أولى من التخصيص ) سواء كان هذا ( المستدلخ ) محررا أو متحررا أو رئيسا للباذنجان . د . خليل بن عبدالله الحدري