الأحد, 1 نوفمبر 2009 م. طلال القشقري لو رأيتم بيتًا تتطابق واجهتُه الخارجية مع التشريعات البلدية، أو على الأقلّ تُحقّق روحها إن لم تطابقها تمامًا، لكنّ تصميمه الداخلي لا يُسهّل على أهل البيت حياتهم، ولا يجعلها كريمةً وهانئةً، فماذا تقولون للمهندس الذي صمّم هذا البيت؟ حتمًا ستقولون له: عيب يا بشمهندس! هذه مقدّمة أهديها للسعوديين المتجادلين حول نقاب المرأة السعودية أو حجابها، بعد أن بدأ الجدلُ على لسان شيخ الأزهر في مصر، وعبَر البحرَ الأحمرَ إلينا بتعقيداته، كما عبره بنو إسرائيل إلى الأرض المقدّسة بتعقيداتهم، فماذا دهى هؤلاء المتجادلين؟ هل نسوا أنهم مثل المهندس الذي صمّم البيت المُعابَ عليه به؟ فشدّدوا على مطابقة واجهة المرأة السعودية التي تخرج بها أمام الناس مع ما يرونه هم صحيحًا من التشريعات الدينية، دون ما يراه غيرهم، نقابًا، أو حجابًا، رغم أنّ العلماء اختلفوا بينهما، وفي هذا رحمة، وهناك من العلماء مَن أفتى أنّ أيًّا منهما يُحقّق روح الشرع، ويُقَرُّ لِبْسُه تبعًا لظروف المجتمع الذي تعيش فيه المرأة، بما لا يُؤذيها، أو يضرّها، أو يُحرجها، أو يُلفِتُ إليها النظر والانتباه! لقد تجاهل المتجادلون الأهمّ، وهو تسهيل حياة المرأة السعودية داخل بيتها السعودي الكبير، وجعْلها كريمةً وهانئةً، فها هي -وسواء كانت منقّبةً أو محجّبةً- تعاني من ظواهر تهوي ب (كريم وهناء) حياتها إلى مكانٍ سحيقٍ، وما تفشّي الطلاق البغيض، والعنوسة المريرة، والبطالة الكئيبة، والعوز المادّي إلاّ نماذج لهذه الظواهر التي لم يُكلّف المتجادلون خاطرهم للمساهمة في حلّها، ممّا يجعلني أشعر أنهم لا يريدون من جدلهم سوى الوصاية على المرأة السعودية، وكأنهم جيش احتلال، فيحرمونها حتّى من حقّها في اختيار الغطاء الشرعي الأيسر لها، فلا تلوموني إن قلتُ للمهندس المُصمِّم للبيت المُعاب: عدّاك العيب يا بشمهندس، فأنتَ إن أسأتَ.. أسأتَ لبيت واحد، أو لعدّة بيوت، بينما المتجادلون يُسيئون لنصف المجتمع، بل للمجتمع كلّه، وهم مَن يستحقّون أن يُقال لهم: عيب.. والله عيب! فاكس 026062287 [email protected]