أصدر زعيم حركة طالبان، الملا عمر، بياناً بمناسبة عيد الفطر، تنبأ فيه بالانتصار في أفغانستان، وحدد فيه ما وصفه ب'مطالب إمارة أفغانستان الإسلامية من أبناء البلد الأوفياء' وسب مشاركتهم في 'حكومة ما بعد الاحتلال.' وفي بداية البيان، قال الملا عمر إن 'المخططات الاستعماریة لاحتلال أفغانستان' قد واجهت الفشل الذريع 'بفضل الله تعالی ثم ببركة تضحیاتكم.' وأضاف أن جهود حلف الناتو في أفغانستان، خلال السنوات الثماني الماضية، 'باءت بالفشل وعجزت من أن تكسبهم النصر في میدان القتال، بل وتحولت المقاومة الجهادیة ضد الاحتلال إلی انتفاضة شعبیة وطنیة عمت البلد كله، والتي أصبحت علی مشارف الفتح بإذن الله تعالی.' ودعا الملا عمر 'المحتلین' إلى أن 'یطالعوا تاریخ أفغانستان بدءاً من غزو الإسكندر وجنكیزخان إلی یومنا هذا، ولیعتبروا من مصائر المحتلین فيه، وإذا كانوا لا یرغبون في مطالعه التاریخ الغابر فلینظروا إلی ما شاهدوه في السنوات الثمانیة الماضیة ، وما كسبوه فيها!' وخلص إلى أن 'الغرب مهما زاد من حجم قواته الحربیة في أفغانستان فإن النتیجة لن تكون سوی الهزیمة المطلقة.' وحول الانتخابات الأخيرة، قال الملا عمر 'الغریب في الأمر أن المحتلین یسعون لتسلیط هذا النظام الفاسد مرة أخری علی شعبنا المضطهد من خلال إجراء الانتخابات الأخیرة، والتي قاطعها الأغلبیة في هذا البلد.. ومن الطبیعی أن یرفض الناس نتيجة هذه الانتخابات التي لا يكون أثرها إلا ازدیاد المشاكل واستعار الحرب.' وقال: 'إن هدفنا من الكفاح هو تحرير البلد من السیطرة الأجنبیة، وإقامة حكم إسلامي عادل فيه، یرضاه شعبنا المسلم، وكل طریق یؤدی بنا إلی هذا الهدف مفتوحة إلا أن التفكیر في السبل المؤدیة إلی هذا الهدف یكون مجدیا حین یكتسب البلد حریته الكاملة، وأن لا تكون هناك جیوش محتلة تمسك بزمام الأمور.' وتابع قائلاً: 'إن إمارة أفغانستان الإسلامیة ترید من جمیع الأبناء الأوفياء للبلد - بعد خروج القوات المحتلة - أن تكون لهم المشاركة في الحكومة وإقامة النظام لأن الأمور العمرانیة، والاقتصادی، والسیاسیة، والتعلیمیة، والثقافية، للبلد لا یمكنها أن تتجه نحو الرقی إلا بمشاركة المخلصین وأصحاب التجربة من العلماء والمتخصصین من أبناء هذا البلد.' وأوضح أن 'إمارة أفغانستان الإسلامیة تخطط لما بعد الاحتلال في ظل نظام العدل الاجتماعی للإسلام برامج للتنمیة الاقتصادیة والاجتماعية لمستقبل هذا البلد، فهي تسعی لتقویة البنیة التحتیة للاجتماع، والاقتصاد، وتطویر التعلیم، والصناعة والتنمیة والزراعیة في البلد.' يشار إلى أن الملا عمر كان قد رفض، في رسالة بمناسبة العيد العام الماضي، دعوة الصلح مع النظام الحاكم في أفغانستان، وقال في رسالته إن دعوة الصلح، التي وصفها ب'المضللة، تعتبر حماقة ولا يقبلها العقل،' في ظل استمرار الصراع 'وتحت ظل طائرات المحتلين الفتاكة وقنابلهم الضخمة، وفي حالة وجود الاحتلال وإرسال مزيد من القوات.' وأضاف الملا عمر: 'فعلی الذين يبتغون المصالحة إنهاء الاحتلال أولاً، فهؤلاء هم الذين فرضوا وسلطوا الحرب علی الشعب الأفغاني المجاهد، ولا يمكن في مجتمع إنساني أياً كان أن يتحدث للمصالحة بفوهة البندقية، فإجراء المفاوضات في ظل مواصلة الصراع أمر مستحيل من هو الملا عمر ؟؟ بقلم /كارل فيك (واشنطن بوست) يصل الموكب الديني بطريقة منتظمة كل اسبوع: 10 سيارات متقدمة من طراز « لاند كروزر تويوتا» تسير بين الجدران الترابية اللون للممّر المؤدي من الطريق الممهد الى القرية التي كانت الاولى في اطلاق لقب «الملا» على محمد عمر. و«أمير المؤمنين»، كما نعت عمر نفسه بعد قيادته حركة طالبان الى السلطة في أفغانستان في منتصف التسعينات، يحتفظ باهتمام خاص بالمسجد والمدرسة الدينية التي خلفها وراءه. الا ان عودته، كما ذكر سكان القرية، كانت ابعد ما تكون عن العودة المرحب بها. زياراته، التي لم تكن تعلن مسبقا، لم تكن تتم في وقت واحد مرتين. وعندما كان رجل الدين الافغاني يهبط من السيارة ذات النوافذ السوداء، كان يرفع عباءته ليحجب وجهه حتى عن الناس الذين شاهدوه يوميا على مدى عشر سنوات. ويقول سراج، وهو صبي في الثالثة عشرة من عمره، «انه يخشى الناس». ومثله مثل باقي اطفال قرية سنغسار، منع سراج من الاقتراب من الملا عمر من جانب الحرس المرافق له. الا ان هاجس السرية الذي يبديه عمر ظهر قبل فترة طويلة من تحوله الى الرجل الثاني المطلوب في العالم، ويثير مشكلة اساسية في وجه الجهود المبذولة لتقديمه للعدالة، اذ ان احدا لا يكاد يعرف شكله، فيما اصبح وجه أسامة بن لادن الذي اسس شبكة «القاعدة» بموافقة من الملا عمر، اشبه ب«الايقونة» منذ سنوات. غير ان الامر مختلف بالنسبة للملا عمر، فلا توجد له اكثر من صورة او صورتين فوتوغرافيتين من بينها مشاهد من شريط فيديو تمكن مصور من تلفزيون «بي. بي. سي» من التقاطه له عام 1996، وهو يلوح للجماهير من سطح مبنى في قندهار، متجلببا بعباءة يزعم انها كانت للنبي محمد عليه الصلاة والسلام. وتظهر الصورة المشوشة الملتقطة من مسافة بعيدة، رجلا بعينين عميقتين ووجنتين عريضتين. الا ان هذا الوصف ينطبق على نصف سكان أفغانستان. ويقول نصير أحمد الذي يملك بستان تفاح بالقرب من قندهار، ان «الملا عمر يتميز بالغموض. فلم يشاهده احد الا مجموعة قليلة من حرسه. واذا تجول في الشوارع، فلن يعرف احد انه الملا عمر. ولذا فمن الصعب معرفة تحركاته». غير ان احد الادلة على مكانه الحالي قد يكون في سنغسار، فخلال زيارة للقرية كان يقضى معظم وقت هذه الزيارة التي تتراوح بين 20 و30 دقيقة مع الملا بسم الله، الذي خلفه في المدرسة الدينية هناك. ويقول السكان ان عمر كان يستفسر عن امور عادية مثل برنامج الدراسة والطعام. وقال السكان انه بعد 11 سبتمبر (أيلول) عاد بسم الله الى بغران مسقط رأسه في اقليم هلمند المجاور. وتردد بعض الروايات ان البلدة الواقعة في وادي نهر ناء بين قمتي جبل يصل ارتفاعهما الى 10 آلاف قدم هي التي ذهب اليها الملا عمر. بينما ذكرت بعض الروايات غير المؤكدة ان الملا عمر قصد البلدة مع 500 من مقاتلي طالبان. وفي رواية اخرى انه في شمال باكستان. ولا يزيد عدد سكان قرية سنغسار عن 25 اسرة، وهي واقعة في واد عريض على بعد 20 ميلا غرب قندهار، وتحيط به الكروم وحقول القمح. وهي منطقة وافرة الخضرة في الربيع ولكنها قاحلة خلال فصل الشتاء الأفغاني الجاف. وقد ولد الملا عمر حوالي عام 1959 لأسرة فقيرة بالقرب من قندهار، العاصمة الأفغانية القديمة، حيث تلقى تعليمه وتدريبه الديني، وانتقل الى سنغسار خلال حرب العصابات ضد الاتحاد السوفياتي في الثمانينات. وقد فقد عمر في هذه القرية احدى عينيه بعد اصابتها بشظية قنبلة روسية وهو جالس في الجامع المبني من الطين ، وعثر ايضا على زوجته الثانية غولجانا. وكانا يعيشان في منزل كبير يقع على بعد عدة مئات من الامتار من المدرسة. ولكنه يعتبر كبيرا بمقاييس سكان القرية. ويتذكر سكان القرية الملا عمر كطالب نجيب. وعندما كان يفقد اعصابه، كما كان يحدث احيانا، فقد كان السبب يعود الى الموسيقى. ففي سنغسار، كان يدين الموسيقى باعتبارها محرمة. وقد حرمت حركة طالبان الموسيقى بعد استيلائها على السلطة. وقال علي أحمد وهو صبي في الثانية عشرة من عمره كان يتحدث خلال اصطحابه لمجموعة من الزوار لبقايا منزل الملا عمر الذي تهدم سقفه «عندما كان ملا كنا نحبه. ولكن بعد ما سيطر على البلاد، لم نعد نحبه». ولدى سؤال سكان سنغسار عن الاسباب، ذكروا نفس الاسباب التي تردد في كل مكان. فقد ذكر نايب (35 سنة): «لم يسمح لنا بالاستماع الى الموسيقى، ولا مشاهدة التلفزيون. والكل يحب سماع الموسيقى». واشتكى سكان القرية من ان الاصوليين، في سعيهم لتقليد دولة اسلامية من العصور الوسطى، اغلقوا كل المدارس في ما عدا المدرسة الدينية. وذكر طفل في الحادية عشرة من عمره اسمه نعمة الله «حين ينشئ الرئيس الجديد المدارس نريد التعلم». اما في سنغسار، فهناك سبب اضافي وهو غروره وتعاليه. واوضح الملا رضا الدين «لم يسمح لنا بالاقتراب منه ولا يجلس او يتحدث معنا». وقال محمد زمان وهو مزارع «لم يكن رئيسنا. لم يكن شخصا جيدا». ويقول الناس هنا انهم لا يعرفون شيئا عن المرحلة التي دفعته الى العمل السياسي انقاذه لفتاتين من زعيم ميليشيا محلي اختطفهما واغتصبهما. وفي الفلكلور الأفغاني تعتبر هذه الحادثة دليلا على ان هدف ميليشيا طالبان هو فرض النظام والقانون على قادة الحرب الذين حكموا البلاد في اوائل التسعينات، في وقت كان القليل من الأفغان يشعرون فيه بالأمن. وبالرغم من انه احتفظ بصورة الرجل المتقشف، فإنه شيد مجمعا واسعا في قندهار، في سفح اكثر جبال المدينة شهرة. وقد تحولت بعض جوانب المجمع الى ركام إثر الغارات الأميركية. ويقول السكان ان عمر تجنب الموت بعدما امضى ليلة في مستشفى واخرى في قرية قريبة. الا ان اللوحات الحائطية واجهزة التكييف للمسكن الرئيسي لا تزال قائمة. وفي الاسطبلات حيث كانت توجد عشرون بقرة، وضعت مراوح كهربائية ايضا. وفي مسجد عمر المجاور غير مسجد الملا عمر الذي لا يزال تحت التشييد في وسط المدينة، في موقع كان من المفروض ان يكون ملعبا لكرة القدم تظهر منارات واضواء كهربائية ملونة وميكروفونات موضوعة في اطر من المرايا. وهناك كان عمر يطرح افكاره بعد صلاة الجمعة، وهي عادة كان يتّبعها في سنغسار. ويصعب علي الناس في سنغسار تخيل حياته في قندهار. ويقول نايب «نعتبره فقيرا للغاية». ولكنه لم يكن فقيرا. فقد ذكر كبار المسؤولين في طالبان انه عندما هرب من قندهار، تمكن من اخذ بعض الثروات معه. فقد وضع اكياسا من الدولارات في سيارته من طراز لاند كروزر. ثم، لكي يتجنب الاستطلاع الجوي، غادر المدينة على ظهر دراجة بخارية