توفي أمس مبارك رحماني ميسة أكبر معمر بالجزائر والعالم، من مواليد 1874م بالرباح ولاية الوادي وتحديدا في الصحراء الواقعة قريبا من الحدود الجزائرية الليبية المعروفة باسم بير عوين، إثر إصابته بوعكة صحية على مستوى المعدة. عايش الحربين العالميتين والثورة التحريرية. ويعد مبارك من بين الرجال الذين عايشوا جميع الحروب التي شهدها العالم خلال القرن الماضي، ابتداء بالحربين العالميتين الأولى والثانية والثورة الجزائرية، والأزمة الاقتصادية العالمية سنة 1929 ونكسة ال48 وفرحة الاستقلال. عاش مختلف أوقات الرخاء والشدة. دخل المستشفى لأول مرة في حياته قبل سنتين فقط. وتزوج 3 مرات، وله ما يقارب 100 حفيد. وساهم في تشييد الأهرامات المقلوبة "الغيطان". وتزوج بثلاث نسوة: أنجب من الأولى ولدين، علي وعمارة، ليتزوج زوجة ثانية، والتي أنجب منها البنت الوحيدة "مباركة". أما بالنسبة إلى الزوجة الثالثة فلم ينجب منها. له ما يقارب 100 حفيد. عمل في بداية حياته مربيا للإبل والماشية التي كانت الرزق الوحيد لهم وكان مبارك يسكن هو وأبناؤه بصحراء بوعروة بالحدود التونسية الجزائرية. فكان يسكن زريبة مصنوعة من جريد النخيل ونبات الحلفاء الصحراوية، غير أن ظروف الحياة الصعبة جعلت مبارك يتخلى عن عمله، ويرحل نحو قرية العواشير، أين شيد قبة مبنية بالجبس المحلي، يحيط بها جدار مصنوع من جريد النخيل، ليضطر إلى التوجه نحو مهنة رفع الرمال التي عرف بها الرجل الصحراوي، وقهر بها الرمال التي تختص في إنجاز غيطان النخيل، أو الأهرامات المقلوبة، التي تميز سوف، ثم تحول بعدها إلى عمل البناء التقليدي والذي عمل به بعد أن نالت منه مهنة رفع الرمال، وهي مهنه مرهقة أيضا، وكان يعمل من طلوع الشمس إلى غروبها مقابل كمية من التمر، الذي كان يعتبر المورد الأساسي في غذائه، أو مقابل مبالغ زهيدة. لكن بعد الاستقلال، وبالتحديد سنة 1972 تنقل مبارك رفقة أبنائه إلى حي المنظر الجميل، حيث اشترى قطعة أرض وبنى عليها منزلا يحتوي على غرفة واحدة هي المطبخ والمرقد، وبها مرحاض تقليدي. هناك كان يسكن لوحده، بعد أن تزوج أبناؤه وتوفيت زوجته الأخيرة، حيث ظل محافظا على معيشة الحياة البسيطة البدائية التقليدية.. ملابسه قندورة الصوف- القشابية- والعفان (الحذاء التقليدي المصنوع من الصوف) كما يغطي شعره باللحفة، أو ما يعرف عند المجتمع الصحراوي بالشاش، يلبسها عند هبوب الرياح الرملية وضد أشعة الشمس الحارقة في الصحراء. تعود أكبر معمر على شرب حليب الإبل وحليب الماعز، والنعاج، وعلى دقيق القمح، والشعير وقليل من التمر، ومادة الدهان التي يخزنها داخل جرة مصنوعة من الخزف أو الطين، ويستعمل حليب (اللبا) ويتناول الحليب بعد خضه في "شكوة" مصنوعة من جلد الماعز، ويهتم بشرب الشاي الأخضر والأحمر، لم يستعمل المكيف طول حياته على الإطلاق، ولم يتعرض لأي مرض إلا نادرا، لا يتحمل البرد، يحبذ أشعة الشمس الدافئة، يحب الحرارة ويفضل فصل الصيف، مولع بشرب الشاي، أكبر معمر في الجزائر.. يعرفه جميع سكان حي المنظر الجميل بالوادي باسم عمي مبارك..بحسب صحيفة الشروق الجزائرية