تهدف مدن عديدة حول العالم أن تصبح مدنا ذكية لكن في إسبانيا يبدو أن الهدف تحقق وأصبح واقعا. فآلاف أجهزة الالتقاطsensorsتساعد على تنبيه السكان بالاختناقات المرورية وتنظم ري حدائق المدينة وتخفيف إضاءة مصابيح الشوارع بحسب صحيفة دير شبيغل. ووضعت مدن عديدة حول العالم نصب أعينها ذات الهدف مثل برشلونة ودبي وأمستردام واستوكهولم وفيينا . ويبدو أن الهدف جذاب جدا إلا أن القائمين على تخطيط المدن ولدى محاولتهم شرح كيفية تحويل مدنهم إلى مدن ذكية استعدادا للمستقبل الرقمي، نراهم غير مقنعين في إجاباتهم. ويقترح كل منهم خطة مختلفة . ورغم المنتديات والمؤتمرات العديدة التي عقدت حول المدن الذكية إلا أنه لم يتحقق إجماع على كيفية تحقيق هذا الطموح. وما أجمع عليه الغالبية هو أن المدن الذكية توظف أجهزة الاستشعار (أو الالتقاط) والكمبيوتر والهاتف الجوال الذكي لتنفيذ شكل من إدارة المدن لتسهيل العمليات الإدارية بشفافية أكبر من ذي قبل. يكمن مفهوم المدينة الذكية في جعل التقنية الرقمية تساعد على جعل حياة المدينة أنظف وقابلة للاستدامة وأكثر بهجة، والطبع مصدرا للازدهار. وفي خضم هذه الضبابية حول التي تغمر مفهوم المدينة الذكية تبرز مدينة ساحلية على المحيط الأطلسي في إسبانيا لتضع ذاتها في مقدمة المدن الطامحة للقب المدينة الذكية. وبالرغم من الأزمة المالية التي تلم بإسبانيا وبهذه المدينة إلا أن سانتندرSantander وهي مقر بنك بذات الاسم أتحولت إلى مدينة ذكية تماما! كبرى الشركات التقنية مثل غوغل وأي بي ام ومايكروسوفت تزور المدينة للاطلاع على ما تقدمه هذه المدينة التي أصبحت أشبه بمختبر تقني حي رغم أن عدد سكانها لايتجاوز 180 ألفا. فكيف كان لها ذلك؟ تلقى برفسور تقنية المعلومات لويس مونيز تسع ملايين يورو من الاتحاد الأوربي كتمويل لأبحاث بهدف تطوير نموذج للمدينة الفاضلة، عفوا الذكية، فقام بتثبيت 10 آلاف جهاز استشعار حول وسط المدينة الذي لا تتجاوز مساحته 6 كيلومترات مربعة، وقام بإخفائها بصناديق رمادية صغيرة على أعمدة المصابيح وجدران الأبنية وبعضها في أسفلت الطرقات تحت الأرض وأخرى في ساحات رصف السيارات. وبدأت هذه بقياس كل شيء يمكن قياسه من التلوث وحتى الضجيج والرطوبة وعدد السيارات والمارة والحرارة والضغط الجوي والإنارة. وتبث هذه اللواقط بياناتها لمختبر مونيز في جامعة كانتباريا وهي المقر الرئيسي للمدينة في تلقي كل البيانات من أنحاء المدينة. وتبث كل حافلة موقعها كل دقيقة ومعها سرعتها وكم رحلة قطعت وبينات حول البيئة مثل الغازات وسلامة الهواء، وكذلك تفعل سيارات الشرطة وسيارات الأجرة، ويختار بعض السكان ارتداء هذه الاجهزة لنقل البيانات، أو يمكنهم استخدام تطبيق خاص عبر الهاتف الجوال مع نظام تحديد المواقعGPS. سيل البيانات تلك يقدم صورة كبيرة عن حال المدينة لكشف كل ما يجري فيها سواء كان اختناقا مروريا أو تلوثا في الهواء أو استفحال مشكلة الضجيج ودرجة الأوزون في الهواء، ويظهر أيضا كيف تتأثر باقي شوارع المدينة لدى وقوع حادث مرور بعيد. أجهزة التقاط الإنارة أصبحت تتولى التبليغ عن وجود مصابيح معطلة تستدعي استبدالها، وكذلك فهي تتولى تخفيف الإنارة حسب ضوء النهار. هل قلت ري الأشجار في الحديقة؟ نعم هناك أجهزة استشعار تتولى ضبط عملية الري. حمع النفايات؟ نعم تم تدارك تلك الناحية. ولا خير في المعلومات إن لم تكن متاحة للجميع وعمل المدينة يتمتع بالشفافية، وهو ما يحصل في نبض المدينةPulse of the Cityوهو اسم تطبيق متاح للسكان للتبليغ عن أعطال الخدمات مثل تسرب المياه أو متاعب في الكهرباء وما شابهه، حركة حافلات نقل الركاب تلغي انتظار أي شخص يود استخدامها بتبليغه بمكان الحافلة كل لحظة والوقت المناسب لملاقاته على الموقف.. هناك كم هائل من المعلومات التي تتوفر في نظام المدينة الرقمي من أسعار العقارات وحتى التغيرات الديمغرافية، كم عدد السكان كل يوم وبعض التفاصيل عنهم، هي جانب من المعلومات الكبيرة المتاحة للجميع. كذلك هو الحال مع اقتراحات السكان لصناع القرار في المدينة، حيث تتوفر قنوات اتصال رقمي توصل صوت كل ساكن فيها. وعندما كانت ساحة البلدة وسيلة للتواصل المباشر بين أهلها في الأزمنة الغابرة فإن الأدوات الرقمية تضمن بكسر عزلة السكان في العصر الرقمي. تغلبت المدينة على مخاوف مثل الخصوصية وإساءة الاستخدام أو نية الحكومة مراقبة الجميع بعد أن جرى العمل بشفافية، وأثمرت هذه التجربة الناجحة حيث أعلن مؤخرا عن تلقي المدينة استثمارات كبيرة من شركة فيروفيال التي تملك مطار هيثرو، لبناء مركز أبحاث عن المدن الذكية هنا. (ترجمة موجزة عن المقال الكامل والمتوفر على الرابط أدناه) http://www.spiegel.de/international/...-a-888480.html