في الوقت الذي سبق وأن كشفت فيه قضية عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي "إف بي آي"، كريغ مونتيلا، في كاليفورنيا، عن أسلوب جديد لزرع جواسيس بين المسلمين، تحدث كريغ، في حوار مطول مع صحيفة الغارديان البريطانية، مؤكداً أنه تظاهر أنه متسلم متشدد لينجح في القضاء على التهديدات المحتملة، وجاءت تصريحاته هذه لتلقي الضوء على بعض ممارسات المكتب الغامضة أخلاقياً. وفي مستهل حديثه، قال مونتيلا إنه لم يحبط حين وافق له مسؤولو الإف بي آي على ممارسة الجنس مع السيدات المسلمات أثناء قيامه بعمليته السرية التي كانت تستهدفهن. كما أنه لم يكن يخجل من تسجيل الحديث الذي كان يدور معهن في تلك الأثناء. وفي وصفه للعام الذي عمل خلاله كمخبر سري للإف بي آي من أجل اختراق المساجد الموجودة في جنوب كاليفورنيا، تابع مونتيلا حديثه بالقول :" كانوا يخبرونني، إن كان ذك سيدعم الاستخبارات، فانطلق ومارس الجنس. ولهذا قمت بذلك". وقالت الغارديان من جهتها، في هذا الصدد، إن تلك الاعترافات جاءت بمثابة الصدمة لأجهزة المراقبة الاستخباراتية الخاصة بالمجتمعات المسلمة داخل الولاياتالمتحدة خلال السنوات التي تلت هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2001. وأضافت الصحيفة أن مونتيلا تم استدعائه للمشاركة في واحدة من أكثر الأساليب التكتيكية إثارةً للجدل: التي تتمثل في استخدام "المخبرين السريين" بتلك القضايا التي يطلق عليها قضايا الفخاخ. وهي حين يقوم فيها أشخاص مشتبه بهم بتنفيذ أو تدبير "هجمات" إرهابية زائفة بناءً على طلب أو تحت الاشراف المباشر من جانب عملية سرية للإف بي آي باستخدام مخبرين سريين. وغالباً ما يكون لهؤلاء المخبرين سجلات جنائية خطيرة أو متوافر لديهم حوافز مالية لمشتبه بهم حقيقيين. وهو ما حدا بجماعات إسلامية منوطة بالحقوق المدنية إلى التساؤل عما إن كانت مجتمعاتهم تتعرض لمعاملة غير منصفة في لعبة تجسس مزورة ضدهم. وهنا، قال مونتيلا :" هذا ما كان يحدث بالضبط. فالطريقة التي كان يُسيِّر من خلالها الإف بي آي عملياته كانت ترتكز على الفخاخ .. وكنت أعلم اللعبة، وأعلم الآليات التي تتم من خلالها. إنها نكتة، نكتة حقيقية. فلم يكن هناك تعقباً حقيقياً. والأمور كلها كانت مرتبة". لكنه عبر عن ندمه الآن لاشتراكه في مثل هذا المخطط الذي أطلق عليه "Operation Flex"، لافتاً إلى أن الإف بي آي كان يضطر للاعتذار علانيةً إذا لم تكلل جهوده بالنجاح في مساعيه الرامية للقضاء على المتشددين الإسلاميين في كاليفورنيا. وتابعت الصحيفة بلفتها إلى أن المسؤولين في الإف بي آي كانوا يطلبون من مونتيلا موالاة المسلمين وتسجيل محادثاتهم، على أن يعود بكل ما لديه من معلومات مرة أخرى إلى المكتب الذي كان يطلب منه أن يتصرف باعتباره مسلم متشدد لكي يجذب متعاطفين إسلاميين إلى جانبه. وأعقبت الصحيفة بإشارتها كذلك إلى أن مونتيلا لم يكن يبدو كجاسوس، نظراً لما كان يتمته به من سمات شخصية. وأضاف مونتيلا أن المسؤولين طلبوا منه في الأخير أن يعمل في مكافحة الإرهاب، وهو ما جعله يمضي ليعمل مع اثنين من مسؤولي المكتب هما كيفن أرمسترونغ وبول ألين. وبعد أن تحدث باستفاضة عن الطريقة التي نجح من خلاها في التوغل داخل صفوف المسلمين، عبر تواجدهم في مساجد مختلفة بكاليفورنيا، لفت مونتيلا إلى أنه نجح أيضاً في تكوين علاقات وطيدة مع البعض من خلال حديثه عن الجهاد والاستشهاد. وتابع بلفته إلى وجود هدفين للإف بي آي هما الكشف عن المتشددين المحتملين واستخدام أي معلومات يكتشفها مونتيلا في تحويل المستَهدَفين إلى عملاء للمكتب. وأكدت الغارديان في الختام أن مونتيلا انضم الآن إلى تلك الدعوى القضائية التي رفعها اتحاد الحريات المدنية الأميركي ضد مكتب التحقيقات الفيدرالي ( بشأن الطريقة غير المنصفة التي استهدف من خلالها المسلمين في كاليفورنيا). ولم يرد مسؤولو المكتب على طلب تقدمت به الصحيفة إليهم من أجل الحصول على تعليق بهذا الخصوص.