اكد الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله «الحرص على استقرار لبنان في مثل هذا الوضع الموجود في المنطقة»، معتبراً أن «من يريدون أخذ العراق وسورية إلى حرب أهلية مصممون على نشر الفوضى في المنطقة ومنها لبنان، وما يساعد على الفتنة أو يدفع إليها يجب تجنبه». وأشار إلى «وجود إصرار من بعض الدول العربية على رفض الحل السياسي في سورية». وإذ أكد أن سياسة «النأي بالنفس مثلت تسوية للحفاظ على الحكومة» دعاها إلى أن «تتحمل مسؤوليتها وأن تكون فاعلة»، مشدداً على أن «تهديدات إسرائيل لا تخيفنا ولا نخضع لتأثيراتها». وقال نصرالله في احتفال أقامه «حزب الله» في بلدة النبي شيت البقاعية في ذكرى «القادة الشهداء» وأسبوع والد الأمين العام السابق للحزب السيد عباس الموسوي: «بهذه المقاومة حررنا أرضنا واستعدنا أسرانا وحققنا لشعبنا الأمن والاستقرار والطمأنينة وحطمنا أخطر المشاريع الأميركية والإسرائيلية التي كانت تستهدف لبنان خصوصاً عام 2006 ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كان يعني تقسيم المنطقة على أساس تفجيري وتدميري لتبقى إسرائيل الدولة الأقوى، وبهذه المقاومة حمينا ونحمي بلدنا ونواجه كل التحديات والتهديدات». وأضاف: «بالأمس سمعنا كلاماً نُقل عن نتانياهو يهدد بضرب لبنان وتدميره وينكر وجود لبنان، لا أعلم هل فعلاً هو قال الكلام أو لا، فتشنا في الإعلام الإسرائيلي ولم نجده، وسواء قاله أم لا فهو منسجم مع العقلية الإسرائيلية، عقلية تهديد دائم بشطب الآخرين وتدميرهم وإلغائهم، وقام هذا الكيان على القتل والترهيب واغتصاب المقدسات والاعتداء على الشعوب العربية وما زال». وقال: «اليوم في فلسطين يستمر عمل هذا العدو بقتل الفلسطينيين والاحتفاظ بآلاف الأسرى في ظروف قاسية والاعتداء على حرمة المقدسات المسيحية والإسلامية. لذا يجب أن نفتش عن الأيدي الإسرائيلية التي تقف خلف الكثير من الممارسات في العالم والفوضى في منطقتنا، على سبيل المثال حرق المصاحف في أميركا وأفغانستان، هذا النمط الذي اسمه الاعتداء على المقدسات هو عقليتهم وربما الدفع نحو صراع ديني في العالم، فالمشروع الصهيوني يريد تحويل الصراع إلى مسيحي إسلامي وطائفي». وتطرق نصرالله إلى التفجيرات التي حصلت في بغداد بالسيارات المفخخة، وسأل: «لماذا هذه الاستباحة لدماء العراقيين؟ من يريد تدمير العراق؟ يجب أن نسلم بأن هناك اختراقاً كبيراً جداً لمجموعات تكفيرية من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، والآن ما يوجد في العالم العربي من قتل هنا وهناك يجب البحث عن الإسرائيلي فيه، والتنبيه إلى أن المشروع الأميركي الإسرائيلي الفعلي عند العجز عن السيطرة على السلطة هو تدمير البلد وإشاعة الفوضى فيه، ونحن تعلمنا أن لا نخاف. لا نتانياهو ولا باراك ولا أولمرت ولا حالوتس ولا الجنرالات الكبار يخيفوننا، فليهددوا بما شاؤوا، ونقول للسيد عباس إن العشرات صاروا عشرات الآلاف يحملون عزمك ودمك وتصميمك على صنع النصر لهذا البلد». واعتبر أن هذه «التصريحات هي جزء من حرب نفسية ونحن أيضاً نخوض حرباً نفسية مع العدو ويجب أن نكون يقظين لما يجري حولنا في داخل الكيان وفي منطقتنا وبلدنا». ورأى أن «المنطقة تمر بمرحلة حساسة وإعادة صياغة لها، ولا أحد يستطيع التعاطي مع موضوع لبنان على أنه جزيرة، نحن جزء من هذه المنطقة ودولها وأمننا من أمنها وما يُخطط لها يخطط لبلدنا، لذلك عندما يُخطط شيء لها لا يستطيعون أن يتجاهلوا دور لبنان بفعل وجود المقاومة والمعادلة الثلاثية الجيش والشعب والمقاومة». وأعلن أن «حكاية النأي بالنفس مثلت تسوية لتستمر الحكومة وإلا أين النأي بالنفس؟ يجب أن نعي ونلتفت إلى ما يجري في المنطقة، والتهديد الأكبر هو الإسرائيلي والأولوية لمواجهته وفي مثل هذا الوضع الموجود في هذه المنطقة نتشدد في حرصنا على الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان، ومن يريد الفوضى في المنطقة يريد الفوضى في لبنان، ومن يريدون أخذ العراق وسورية إلى حرب أهلية أو ليبيا إلى حرب قبلية هؤلاء مصممون على نشر الفوضى في المنطقة ومنها لبنان، وبالتالي ما يساعد على الفتنة أو يدفع إليها يجب تجنبه في القول والعمل». وقال: «يمكن لكل واحد أن يعبر عن مواقفه، وكل منا يستطيع أن يعبر عن موقفه من الأحداث في سورية من دون أن يلجأ إلى لغة التحريض لأنه يجب إبعاد لبنان عن هذا الأمر. حتى في ما يجري في المنطقة استطاع اللبنانيون أن يحفظوا الاستقرار الأمني والسياسي في بلدهم وهذا ما يجب أن نحرص عليه، وأمام محاولات إحداث فتن في منطقتنا يجب أن تبقى منهجية التعاطي هي محاصرة الفتنة في كل بلد والعمل على منع امتدادها والعمل على إخمادها في ساحتها». وقال: «نحن نحزن لكل دم يسفك في أي مكان، ولكن لا يكفي أن نتألم. يجب أن نبحث عن الأداء الذي يسد أبواب الصراع». ولفت إلى «أهمية الحفاظ على الحكومة الحالية من أجل الاستقرار لكن هذا لا يجوز أن يكون حجة لدى مكونات الحكومة لعدم الإنتاجية، أي أن عذرهم أن الحكومة محافظة على الاستقرار في البلد هذا أمر غير صحيح، عندما تكون الحكومة تتحمل مسؤولية البلد أمنياً، سياسياً، اقتصادياً وإدارياً يجب أن تكون فاعلة». وقال: «هناك من يريد تعطيل الحكومة وإسقاطها، اليوم أنا أجدد الدعوة والحرص والتأكيد على وجوب أن تبادر الحكومة إلى عقد اجتماعات جديدة، جماعة 14 آذار يقولون إن الحكومة حكومة حزب الله. كلام فارغ، لكن سموها كذلك لتحريض الأميركيين والإسرائيليين عليها ولكي تقاطعها الدول العربية، ولكن يعرفون أنها ليست كذلك، ونحن في هذه الحكومة أكثر المكونات تواضعاً أو استفادة منها، نبذل كل جهد ونؤجل ملفات لمصلحة بقاء الحكومة واستمرارها وتعاون أفرقائها لتنجز شيئاً، ولكن هذه الحكومة يجب أن تتحمل مسؤوليتها». وذكّر «بضرورة أن تعود الحكومة إلى الإنتاج في ملف النفط وغيره لأن البلد لا يمكن أن يعيش على العجز والدين الذي سيزيد، نتانياهو يعمل ليلاً ونهاراً إذ إن ما يجري في الحدود الاقتصادية لفلسطين هو عملية نهب تقوم بها حكومة إسرائيل لأموال شعب فلسطين، وفي الوقت الذي يناقش البعض في لبنان في سلاح المقاومة يبحث العدو كيف يمكن أن يحمي منشآته من المقاومة، وهذا الملف مفتوح في شكل دائم، هل تتصورون عندما تأتي أميركا وأوروبا لتقديم مساعدات للبنان، هل بسبب سواد عيونه؟ كلا لأن المطلوب مشروع ودور سياسي للبنان». وقال: «سنبقى نحذر من الإشاعات والتشويهات خصوصاً في ما يعني المقاومة وحزب الله، ويجب ألا نتأثر بما يقال ولا نتدخل بمواقف الآخرين». وتناول نصرالله الوضع السوري، مجدداً الدعوة إلى «حل المشكلات بطريقة الحلول السياسية، وكل التنظير الذي كان علينا في لبنان من العرب، عندما تصل النوبة إليهم نرى كيف يعالجون الأمور»، وقال: «هناك إصرار على أنهم يرفضون الحل السياسي في سورية، مبادرة السلام العربية التي أطلقت بعد سنة 2000 قيل إنها لن تبقى طويلاً على الطاولة، لكن مع سورية لا حل سياسياً، من يتحمل مسؤولية القتال والخراب؟ هناك طرفان يتقاتلان، ولكن لنرى من يرفض أي حوار ومن الذي يدفع باتجاه المزيد من القتال»، مؤكداً أن «لا حلف الناتو ولا أميركا مستعدان لإرسال قوات إلى سورية، يحرضون ويرسلون سلاح في المقابل لإيصاد الأبواب في أي مكان لحل سياسي». وتابع: «في أي مكان يجب البحث عن حل سياسي ورأب الصدع، وفي البحرين أيضاً حتى لو أرادت الحكومة الوصول لحل سياسي ممنوع ذلك، في بلد من البلدان مطلوب الإصلاح والخضوع للإرادة الشعبية وفي بلد آخر يُمنع الحوار»، معتبراً أن «المشروع الأميركي الإسرائيلي هو تدمير المنطقة وإيجاد صراع طائفي». وقال: «أنا لست خائفاً من أن الأميركيين سيصححون صورتهم، مهما اختلفنا هناك حقيقة على امتداد العالم العربي هي الوعي تجاه المشاريع الأميركية والإسرائيلية، وطالما الغرب يتبنى إسرائيل التي تدمر المساجد والكنائس وتقتل لن تكون إسرائيل ولا أميركا مقبولتين وبالتالي يريدون أخذ المنطقة إلى الصراع، هنا الحاجة إلى الوعي والإخلاص لهذه الأولويات لنتمكن من أن نعبر بمنطقتنا هذه المرحلة».