حذّر مختصون في مجال التعليم من تردي معنويات المعلم السعودي نتيجة عدم حصوله على الكثير من الحقوق التي يطالب بها، والتي لا تقف على حقه في الحصول على فروقات رواتبه لسنوات طويلة، عُيِّن خلالها على درجة أقل من التي يستحقها، بل تتجاوز ذلك إلى حقه في الحصول على نقل لمدينته الأصلية، وانتهاء بإعادة هيبته التي بدأت في التآكل نتيجة تجرأ طلاب على الاعتداء على معلمين في حالات تكررت كثيراً. وفيما حاولت وزارة التربية والتعليم حسم تباين الدرجات الوظيفية للمعلّمين بمنح درجات إضافية لعدد من دفعات المعلّمين والمعلّمات المتضرّرين من تباين درجاتهم الوظيفية، بعد نقلهم للمستوى الرابع والخامس، لم ترقَ هذه الخطوة إلى مستوى حل الخلاف بين الوزارة والمعلمين الذين كانوا قد رفعوا شكواهم للقضاء الإداري (محكمة المظالم)، بيد أن الأخيرة قررت رد الدعوى لعدم الاختصاص، قبل أن يستأنف ممثلون عن المعلمين الحكم. وقد صرفت محكمة المظالم نظهرها عن الشكوى بناء على قرار توصيات اللجنة الوزارية المكونة من وزارة التعليم ووزارة المالية ووزارة الخدمة الاجتماعية والتي تنص على أن يعدل راتب المعلم لأقرب مرتب له، لأن تعديل الوضع يكلف الدولة أعباء مالية ضخمة، ويفتح الباب لجهات أخرى لمطالبات مماثلة، خاصة وأن حجم هذه الفروقات يتجاوز ال50 مليار ريال. ويخشى المهتمون بالعملية التعليمية في السعودية أن يؤثر هذا الخلاف على مستوى المعلمين المحبطين، مما قد يضر بمستقبل الطلاب لاحقا، ويؤكد المشرف التربوي عبدالسلام الثميري في حديثة ل"العربية.نت" أن المعلمين مشغولو الذهن بهذا الأمر بشكل كبير، ويقول: "أبرز مطالبات المعلمين الحصول على الدرجة المستحقة لهم، حتى وإن كانت الوزارة ترى أن هذا الأمر مستحيل، ولكنه يظل حقا من حقوقهم، ويرون أنه سلب منهم، كما يطالبون منذ سنوات بتأمين طبي وأندية خاصة بهم". وعود لا تتحقق يؤكد الثميري، وهو مدير مدرسة سابق، أن المعلمين يريدون أن يعاملوا مثل العاملين في القطاع العسكري ويقول: "يريد المعلمون أن يعاملوا مثل القطاعات العسكرية والشركات الكبيرة مثل ارامكو وغيرها. أكبر عدد للمنسوبين في القطاعات هو لقطاع التعليم الذي يضم أكثر من 600 ألف معلم ومعلمة، ولكن الوزارة تعدهم ولكن لا تنفذ هذه الوعود". ويضيف: "الأمر الأهم بالنسبة لهم هيبة المعلم. لم يعد للمعلم هيبة ومازال يتعرض للاعتداء من الطلاب والسبب في ذلك الوزارة. المشكلة أن الوزارة صارت ضدهم، ومع أنهم يسمون هذا العالم بعام المعلم، ولكن لم يتحسن أي شيء في أوضاع المعلم". ويعترف الثميري أن مستوى التعليم سيتأثر سلبا بما يحدث، ويضيف: "سيؤثر هذا على مستواهم العملي. وتردي التعليم لا يلام فيه المعلم فقط، بل الوزارة أيضا؛ فهي من وظفت المعلم، وهي بالتالي مسئوله عن تردى أداءه". ويتابع: "أغلب المعلمين محبطين، بسبب عملية النقل المتأخرة لسنوات طويلة، أضف إليها الدرجة المستحقة التي يرون أنها حق من حقوقهم، خاصة وأن المعلم يعاني من ضغوطات كبيرة تختلف عن أي موظف آخر، ومازال السلم الوظيفي للتعليم كما هو منذ سنوات طويلة، ولم يطله التغيير، في وقت طال التغيير سلم رواتب كثير من الموظفين والعسكريين، وهو يعاني في فصل صغير يضم 40 طالبا في جو غير عملي إطلاقا، ولكل طالب منهم وضعه الخاص". حقوق مهدرة ومن جانبه يؤكد المعلم بدر الشمري، وهو منشئ موقع صوت المعلمين والمعلمات على الإنترنت، للمطالبة بحقوقهم المهدرة، في حديث مع "العربية.نت" أنه من الطبيعي أن يتأثر أداء المعلم نتيجة الظلم الذي يقع عليه، وقد يؤثر هذا على أمانته العلمية. ويقول: "من الطبيعي أن تؤثر هذه الأمور على مستوى المعلم وأداءه وربما حتى على أمانته العلمية، فهذا أمر خطير ولكن للأسف الوزارات المعنية لم تعمل وفق الأنظمة وخالفتها ولم يقروا لوائح الوظائف التعليمية بل أقروا لائحة أخرى، هي المادة 18، وهي لائحة الوظائف العامة والتي لا علاقة للمعلمين بها، والتي تقول أن يرقى المعلم لأقرب راتب له". ويتابع: "نحن كمعلمين لا نريد ترقيات ولكن نريد تطبيق سلم الرواتب الخاص بالوظائف التعليمية الذي أقر عام 1981 وعدل عام 1982، وأن نعطى الدرجة المستحقة لنا وفق سنوات خدمتنا الحقيقة، كما يفترض أن تعاد لنا كل المبالغ التي استقطعت من رواتبنا كل تلك السنوات، هذا حق لنا". ويرى الشمري أن مشكلة النقل لا تقل أهمية عن الفروقات، ويضيف: "مشكلة النقل من أكبر المشاكل التي نعاني منها، فقد يجلس المعلم عشر سنوات وهو يطالب أن ينقل إلى عائلته". ويشدد الشمري الذي جند نفسه لمهمة متابعة حقوق زملائه المعلمين أن أوضاعهم تسوء في ظل عدم اهتمام الوزارة بهم، ويقول: "وضع المعلم السعودي سيئ، وهو أسوأ من أي دولة مجاورة. نحن لا نريد سوى حقوقنا فقط". ويتابع باستغراب: "الغريب أن المعلم الجديد ينال حقه كاملا بينما من عين قبل عشر سنوات يعاني من الاقتطاع من مرتبه حتى يتقاعد. صحيح قل الضرر على بعض الدفعات ولكن كثير من المعلمين مازالوا يعانون من تعينهم على درجات أقل من التي يستحقونها وحتى بعض الزيادات التي ننالها مخجلة ولا تتجاوز العشرة ريالات". ويتهم الشمري صراحة وزارة التعليم بعدم الاهتمام بقضاياهم، ويقول: "لم يهتم وزير التربية الحالي بالقضية ولم ينظر فيها بالشكل المناسب، عكس الوزير السابق الذي كان متحمسا لحلها ولكن ديوان الخدمة المدنية وقف حائلا في طريق الحلول". وهو يرى أن من حقهم المطالبة بكل حقوقهم حتى لو عن طريق الضغط على الوزارة ويقول :"لا ألوم من يحاول الحصول على حقوقه لأنه يعاني ويشعر بالإذلال للحصول على ما يريد. أنا شخصيا قابلت العديد من المسؤولين ولكن لم نعرف ماذا يحدث ولماذا نحرم من أبسط حقوقنا". حرمان مقصود وفي مقالة له نشرها على مواقع تعلمية متخصصة يؤكد المعلم نواف بن حمود البليهد أن الظروف الحالية لا تساعد المعلمين على أداء عملهم كما يجب، مشددا على أن العاملين في الوزارة يحاربون المعلم، ولا يردون إنصافه. ويقول: "السبب الأساسي في حرمان المعلم من حقوقه هو أن بعض من في أروقة الوزارة وبعض من يملك القرار ينظر إلى المعلم على أنه هو الموظف الحكومي المدلل الذي يخرج مبكرا ويتمتع بأكثر قدر من الإجازات، ولا لوم عليهم في ذلك، لأنهم لم يعيشوا أزمة إدارة حصة دراسية واحدة في غرفة لا يتجاوز حجمها 7 أمتار في 7 أمتار ويوجد بها ثلاثين طفلا أو ثلاثين مراهقا، لكن استمرار الفشل هو أن يتولى هؤلاء دراسة مطالب المعلمين ووضع النظريات والخطط المستقدمة من بيئات اجتماعية وتربوية مختلفة تمام الاختلاف عن بيئتنا الاجتماعية والتربوية ليطبقوها على أبنائنا، ثم بعد ذلك نستغرب الفشل الذريع في ضعف إعداد وتأهيل مخرجنا النهائي وهو الطالب". يشار إلى أنه من غير المرجح أن ينتهي الخلاف سريعا بين المعلمين ووزارة التعليم بالسعودية، وهو ما يتوقع أن يدفع ثمنه الطلاب في بالفصول.