كشفت مصادر ليبية مطلعة النقاب عن محادثات سرية يجريها ممثلون لنظام حكم العقيد الليبي معمر القذافي مع حكومات من دول التحالف الغربي المؤيدة للثوار المناهضين للقذافي؛ وقالت مصادر ليبية رسمية ل«الشرق الأوسط» إن المهندس سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد القذافي، يقود فريق عمل مكونا من عدة شخصيات ليبية رسمية وحكومية بهدف إيجاد مخرج للأزمة الليبية بما يضمن خروجا مشرفا وآمنا للقذافي من السلطة، على حد ما وصفته المصادر. وقالت المصادر للصحيفة إن «هناك قنوات حوار سرية وغير معلنة تتم في الخفاء وبعيدا عن أعين وسائل الإعلام بهدف التوصل إلى حل سياسي وسلمي». وكشفت المصادر النقاب عن أن القذافي معني عبر مبعوثيه وكبار مسؤولي نظام حكمه بالبحث عن خروج مشرف من السلطة يضمن عدم ملاحقته هو وأي من أفراد أسرته وكبار مساعديه، إلى جانب تعهد المجتمع الدولي بعدم السعي إلى اعتقاله لاحقا بأي شكل أو تحت أي ذريعة. ومن جهته، أكد مسؤول ليبي وجود تفاوت في وجهات النظر داخل عائلة القذافي ودائرة المقربين منه، وأن هناك من يدعوه إلى استكمال المعركة حتى آخر طلقة وآخر نفس، وهناك من يقول إنه حان الوقت للرحيل. وقال المسؤول الليبي ل«الشرق الأوسط»: إن «القذافي يميل إلى البقاء، لكن ما فهمته في الأحاديث الجانبية أنه مستعد للمغادرة إذا ما تلقى ضمانات كافية لإقناعه بأمنه وأمن أسرته لاحقا». وتابع المسؤول: «ضمن عائلة القذافي هناك من يقول له دعنا نرحل وكفى، وإن ابنه الأكبر محمد يتبنى هذا الخط، لكن المعتصم وهانيبال والساعدي يقفون في الجهة المقابلة ويرفضون الرحيل، بينما موقف سيف الإسلام الابن الثاني للقذافي يتراوح بين هذا وذاك»، لافتا إلى أن القذافي وعائلته مشغولون الآن بالتفكير في ماذا سيقول عنهم التاريخ، وأن القذافي لا يريد أن يكون مجرد صفحة في تاريخ الشعب الليبي تم طيها، لأنه معني بشكله وبنظرة الناس إليه طوال الوقت. إلا أن مسؤولين آخرين مقربين من القذافي قالوا في المقابل إنه ليس صحيحا على الإطلاق أن القذافي يفكر في الاستسلام وقبول ما يطرحه المتمردون (الثوار) بشأن إمكانية التجاوز عن ملاحقته، إذا ما قرر الخروج باتجاه إحدى الدول الأفريقية. وقال مسؤول التقى القذافي قبل بضعة أيام: «لم أسمع منه كلمة واحدة عن اختياره التنحي، وإنه معظم الوقت يتحدث عن المقاومة ورفض أي محاولات لإجباره على الرحيل، وهو يعتقد أنه من بنى ليبيا ومجدها وقدم لليبيين الكثير، مقابل أخطاء يراها بسيطة ويمكن التجاوز عنها». وشن الحلف الاطلسي غارات جديدة السبت على القطاع الذي يقيم فيه الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في طرابلس، بعد التعهد الاميركي والفرنسي والبريطاني في مجموعة الثماني "انهاء العمل" في ليبيا وممارسة مزيد من الضغوط لحمل القذافي على التنحي، بعدما تخلت روسيا عنه. فقد هز انفجار قوي العاصمة الليبية ليل الاحد في الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي (8,00 ت غ). وارتفعت سحابة من الدخان فوق قطاع باب العزيزية، مقر اقامة العقيد القذافي، الذي يتعرض للقصف الكثيف منذ اربعة ايام. وفي حوالى الساعة 01,00 (23,00 ت غ) ترددت اصداء انفجارين في القطاع نفسه، حيث اكد الاطلسي انه استهدف "مركزا للقيادة والتحكم". وعلى الصعيد الدبلوماسي، تلقت طرابلس الجمعة صفعة جديدة كبيرة بعدما تخلت عنها موسكو التي انضمت الى البلدان الغربية للمطالبة بتنحي العقيد القذافي. وقال الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الذي شارك في قمة مجموعة الثماني في دوفيل بفرنسا، ان "العالم لم يعد يعتبره الزعيم الليبي". وكان مدفيديف الذي رفضت بلاده حتى الان تأييد الدعوات الفرنسية والاميركية لتنحي القذافي، امتنع عن التصويت في الاممالمتحدة على القرار 1973 الذي يجيز الضربات الدولية على ليبيا. ووقع الرئيس الروسي من جهة اخرى الاعلان الختامي لمجموعة الثماني الذي يؤكد ان القذافي "فقد كل شرعية"، وعرض على شركائه "وساطته" في النزاع، معلنا عن ارسال موفد على الفور الى بنغازي، معقل التمرد الليبي في الشرق. لكن نائب وزير الخارجية الليبي خالد الكعيم قلل من اهمية هذا التحول. وقال في مؤتمر صحافي ان "مجموعة الثماني قمة اقتصادية. ونحن لسنا معنيين بقراراتها". ورفض في الوقت نفسه احتمال المصالحة مع موسكو، مؤكدا ان طرابلس "لن تقبل اي وساطة تهمش خطة الاتحاد الافريقي للسلام ... وكل مبادرة خارج اطار الاتحاد الافريقي سترفض بما في ذلك من روسيا". اما في بنغازي، فقد رحب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار الليبيين السبت ب"الموقف (الجديد) الذي اعلنته" روسيا. وقال مصطفى عبد الجليل في تصريح للصحافيين ان الثوار ينتظرون وصول "وفد روسي في وقت قريب"، واضاف "نتوقع وصولهم الاسبوع المقبل". وكرر "للمرة الاخيرة" موقف المجلس الوطني الانتقالي الذي "ليس في وارد القبول بمفاوضات لا تستند الى تنحي القذافي لوضع حد للنزاع". واندلعت ثورة غير مسبوقة منتصف شباط/فبراير ضد نظام العقيد القذافي الذي مارس قمعا عنيفا عليها، تحولت الى حرب اهلية. ودفعت الثورة بنحو 750 الف شخص الى الفرار بحسب الاممالمتحدة كما اسفرت عن الاف القتلى بحسب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو-اوكامبو الذي طلب اصدار مذكرة توقيف ضد معمر القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية. وفي دوفيل، حذر الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي دعا مرة اخرى الى تنحي الزعيم الليبي، من ان التحالف الدولي "سينهي العمل" في ليبيا. واعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من جانبه ان عمليات الاطلسي في ليبيا قد دخلت "مرحلة جديدة". وتأكيدا لرغبتهما في تسريع العمليات العسكرية من خلال الاقتراب الى ميدان المعركة، سترسل باريس ولندن مروحيات قتالية قادرة على ان تستهدف بمزيد من الدقة انصار القذافي في وسط المدن. كذلك اعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر ان مشاركة القوات المسلحة لبلاده في العمليات في ليبيا ستكون لفترة محدودة. وميدانيا، قصف الحلف الاطلسي ثكنة الحرس الشعبي القريبة من مقر اقامة القذافي القريب من وسط المدينة. وكان الاطلسي ذكر انه استهدف مستودعا للاليات العسكرية. وقد انهارت اجزاء من الجدران الضخمة لحرم الثكنة جراء القاء عشرات القذائف في الايام الاخيرة على الموقع المليء بالمستودعات التي قالت السلطات انها قد افرغتها. وكانت مدينة القريات في منطقة مزده في جنوبطرابلس، تعرضت ايضا للغارات، كما ذكرت وكالة الانباء الليبية. من جهة اخرى، قتل مقاتلان من الثوار الجمعة خلال مواجهات مع قوات موالية للعقيد القذافي على بعد 285 كلم جنوب شرق اجدابيا (شرق). وقال جمال منصور قائد الثوار في اجدابيا "حصلت مواجهات مع قوات القذافي. وقتل اثنان من الثوار في موقع 103 النفطي". وكان الثوار تحدثوا عن معارك متفرقة حول مدينة جالو في الجنوب الشرقي الذي يسيطر عليه الثوار. وفي مصراتة المدينة الاستراتيجية التي حاصرتها قوات القذافي على مدى اسابيع قبل ان يطردهم الثوار من المطار، اشار شاهد لفرانس برس الى ان الوضع يبدأ يعود "طبيعيا". واضاف انه تمت ازالة حواجز عدة ويقوم عمال بتنظيف المدينة واعادت محال عدة فتح ابوابها. لكن بحسب مصادر طبية فإن قوات القذافي لا تزال تقصف مصراتة وتخلف ضحايا مدنيين. واتهم الحلف الاطلسي من جهة اخرى القوات الموالية للقذافي باقامة "حقل الغام" حول هذه المدينة الواقعة على بعد 200 كلم شرق طرابلس. وقال القائد الاعلى لعمليات الحلف الاطلسي شارل بوشار ان الهدف هو "منع تحرك السكان" و"استعادة المدينة من الثوار". الى ذلك، اعلنت سلطات الطيران المدني المالطية ان طائرتي ميراج فرنسيتين من طراز اف-1 قامتا بهبوط اضطراري السبت في هذا البلد بعدما نفد منهما الوقود. وهي رابع مرة تضطر طائرات ميراج تشارك في عمليات الحلف الاطلسي في ليبيا للهبوط في مالطا. وعلى الصعيد الدبلوماسي، اعترفت السنغال السبت بالمجلس الوطني الانتقالي الذي يقود المعارضة الليبية المسلحة "كممثل شرعي للشعب الليبي"، بحسب بيان للرئاسة السنغالية تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه. وبذلك تحذو السنغال حذو فرنسا وايطاليا وقطر وغامبيا والاردن اضافة الى بريطانيا بحكم الامر الواقع.