أصدرت محكمة الدمام العامة حكماً قضائياً بخلع "نوف" من زوجها الطبيب بعد مضي أربع سنوات من إقامة الدعوى، فيما طالب زوجها بما دفعه من مهر، وقدره 30 ألف ريال، فقام والد نوف بدفع المبلغ بعد أن ابتزهم زوجها بدفع مبلغ 350 ألفاً مقابل منح "نوف" ورقة الطلاق. من جانبه أكد محامي القضية الدكتور محمد المسعود ل"سبق" صحة إصدار الحُكْم، مستغرباً قيام الزوج بطلب المبلغ، ومشيراً إلى قول الله تعالى في كتابه {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً [20] وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً [21]} سورة النساء. وأوضح المسعود أن قبض المهر بعد الدخول بالزوجة بحسب المفردة القرآنية الكريمة هو "البهتان"، وهي في دلالة معانيها تعني الباطل الذي يتحير الإنسان من شدة بطلانه؛ لأن البهت في اللغة هو التحير. ومن بشاعة هذا التصرف الوضيع والرخيص عبّر القرآن الكريم تارة أخرى عنه بالإثم فقال {بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}، والإثم يعني: البغي بغير الحق. وقد كانت العرب تعيب على الرجل رجوعه فيما يهبه إلى المرأة، ومن أقوالهم المأثورة "الراجع في هبته كالراجع في قيئه" استقذاراً وتحقيراً لهذا التصرف المعيب؛ حيث تحقق من الرجل الإفضاء، وهو كناية عن نيل الاستمتاع المشروع؛ ما يجعل الرجوع في المال تصرفاً فيه الكثير من البغي بغير الحق، خاصة إن جاء بعد "تعليق" مؤلم وموجع لسنوات طويلة، حتى تجد المرأة نفسها مكرهة على الدفع فدية لتحرير نفسها، والانخلاع من الزوجية. وأشار إلى أنه مما يؤسف له أن كثيراً من الذكور لا يحتشمون في هذا الطلب الرخيص بالولوغ في البهتان والإثم المبين حتى يكاد يكون بديلاً لنقيضه المأمور به من قِبل الله سبحانه وتعالى، وهو متعة النساء عند الطلاق، والسراح الجميل {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} [الأحزاب: 49]، وهو أمر الله سبحانه وتعالى ذاته بالتسريح بالمعروف {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 231]. وأوضح إن للقضية ذيولاً من الحقوق المعلَّقة كالضرر الناشئ من الحبس المدني، وإعاقة التعليم والعمل، وإغلاق منافذ سبل الرزق عليها، وحرمانها من النفقة مع ابنتيها طيلة أربع سنوات خلت، وحبس الوثائق الرسمية عنهم طيلة هذه المدة، خاصة وقد اعتمد المقام السامي المواثيق العالمية لحقوق الإنسان بعد إقرارها من ديوان مجلس الوزراء؛ ما يجعل كثيراً من تلك التصرفات قضايا تمس بالكرامة الإنسانية وانتهاكاً خطيراً لكرامة الإنسان واحترامه، والتعدي على حقوقه المدنية المكفولة له بحسب النظام الأساسي للحكم.