حين تتوافد جموع الركب الإيماني إلى خير البقاع وأحبها إلى الله مكةالمكرمة، تستقبلهم المملكة العربية السعودية أحسن استقبال مسخرة كل إمكاناتها البشرية والمادية، فمنذ أن تطأ قدما الحاج أرض المملكة الطاهرة والوجوه الباسمة تحف به وعلى محياها ترحيب الأخوة الإسلامية وشعور المحبة. جمعية الكشافة العربية السعودية تنضم لبقية أجهزة الدولة تؤدي واجبها الإسلامي ودورها الوطني نحو ضيوف الرحمن وفق خطط ودراسات يجري الإعداد لها على امتداد العام، ويأتي معسكر خدمة الحجيج واسطة العقد في أنشطة جمعية الكشافة العربية السعودية. ويزيد عدد المنتمين إلى الجمعية على أكثر من 160 ألف عضو يمثلون مراحل الحركة الكشفية التي تترقى من البراعم- فالشبل- ثم الكشاف- فالكشاف المتقدم- فالجوال ثم القيادات، ورواد الحركة الكشفية. ويعود اهتمام جمعية الكشافة العربية السعودية بمعسكرات الخدمة العام في الحج إلى عام 1382ه، إذ أن خدمة ضيوف الرحمن كانت نواة العمل الكشفي في المملكة, ومنذ ذلك الحين وجمعية الكشافة العربية السعودية، تتخذ من موسم الحج مرتكز أنشطتها السنوية وواسطة العقد في برامجها التي ترفع شعار ( الخدمة العامة ) وعلى امتداد تلك السنوات الطويلة أتاحت جمعية الكشافة العربية السعودية لآلاف الشباب السعودي فرصة المشاركة في خدمة ضيوف الرحمن وأداء جزء من واجب الوطن الذي يشرفون بالانتماء إليه، إذ يستغرق الإعداد لمعسكرات الخدمة العامة في الحج شهور السنة كلها، ويعد الأسبوع الأخير من شهر ذي القعدة هو بداية العمل الكشفي في تلك المعسكرات التي تستقطب أبرز الكفاءات الكشفية في المملكة قادة وكشافة. وتشهد الفترة من 1 إلى 7 ذي الحجة العمل الميداني في معسكرات الخدمة، حيث تنطلق الفرق في مسح ميداني يستغرق الفترتين الصباحية والمسائية تدون خلالهما أدق التفاصيل عن كل قطعة في منى وعرفات من حيث الموقع، والمساحة، وغيرها من المعلومات الضرورية في العمل. وشهد المسح والإرشاد في معسكرات الخدمة التي تقيمها جمعية الكشافة العربية السعودية نقلة في دقة العمل وشموليته وأسلوبه فبعد أن كان التصنيف والرسم والإحصاء تتم جميعها يدوياً، اعتمدت الجمعية الحاسب الآلي في تنفيذ كل ما يتعلق بالمسح والإرشاد وفق أحدث البرامج الحاسوبية المناسبة، إذ يتم إدخال أكثر من 5000 معلومة مسحية إلى الحاسب بشكل يومي فغدت البيانات والأدلة أدق في معلوماتها وأشمل في محتوياتها، وأبهى في إخراجها، كما أتاح الحاسب الآلي للعمل المسحي والإرشادي في معسكرات الجمعية بلوغ آفاق جدية يتم خلالها تقديم خدمات عامة لضيوف الرحمن ولمؤسسات الدولة لم تكن متوافرة من العمل اليدوي، وعندما يتم استكمال البيانات الخاصة بمناطق المشاعر المقدسة يبدأ العمل على إصدار الدليل الإرشادي الذي يتسم بالدقة والشمولية للمرافق العامة الحكومية والأهلية العاملة في الحج، وتتسابق تلك الجهات للحصول على نسخ منه ليسهل عليها أداء مهامها تجاه ضيوف الرحمن، وإضافة إلى الدليل الإرشادي يصدر عن الجمعية الدليل الإلحاقي لحملات الحج الداخلية مشتملاً على مواقع المخيمات ومؤسسات الطوافة التابعة لها وما جاورها من الهيئات الحكومية والأهلية. وفي اليوم الثامن من ذي الحجة ينطلق العمل الإرشادي في المشاعر الطاهرة متزامناً مع توافد ضيوف الرحمن إلى منى وفق نظام المناوبة على مدار الأربع والعشرين ساعة، ولا يقتصر شأن جمعية الكشافة العربية السعودية في موسم الحج على الإرشاد فقط بل إن من مهامها الأساسية التعاون مع الأجهزة الحكومية والمؤسسات الرسمية حيث تخصص الجمعية فرقاً كشفية تساند تلك الجهات في عملها، فلجمعية الكشافة إستراتيجية العمل المشترك مع الجهات الحكومية المختلفة، لذا تقدم الجهات الحكومية بطلبات للجمعية من أجل تكليف عدد من الأفراد للإسهام معها في موسم الحج، ومن تلك الجهات وزارة الحج, حيث تقوم بإرشاد الحجاج التائهين واصطحابهم إلى مقرات مخيماتهم في منى وعرفات من المهام التي تضطلع بها وزارة الحج, وفوضت وزارة الحج جمعية الكشافة في القيام بهذه المهمة الإنسانية الجليلة، فجندت الجمعية بدورها أكثر من 3500 كشاف وجوال للقيام بها بدءً من يوم الثامن من ذي الحجة وعبر مراكز إرشاد الحجاج الموزعة على منى وعرفات حيث يستقبل أفرد الكشافة الحجاج التائه مهيئين له المكان المناسب الذي يتوفر على المياه المبردة والوجبات الصحية ريثما يستدل مسئولو الكشافة على موقع مخيمه ثم يكليف أحد الكشافة باصطحابه. وكثيراً ما يحمل الكشاف متاع الحاج أو يدفعه على كرسي متحرك إن كان مريضاً أو كبيراً في مشوار قد يستغرق ساعات تحت أشعة الشمس دون أن تفارقه الابتسامة التي تعلو محياه، يفعل ذلك كله مستشعراً سمو المهمة التي يؤديها، مبتغياً الأجر والثواب من الله عز وجل، ومتطلعاً إلى دعوة صادقة من ذلك الحاج الذي بلغ به اليأس والضياع مبلغه، فكان خلاص محنته على يد فتى الوطن " الكشاف" وفي مقر الإرشاد خصصت جمعية الكشافة العربية السعودية قسماً للأطفال التائهين يقوم على شأنه قادة كشفيين مؤهلون للتعامل مع تلك الفئة العمرية، لترعاهم وتعتني بهم حتى يستدل منهم على مخيماتهم أو يصل ذووهم لتسلمهم رسمياً في أجواء من مشاعر العطف والحنان. وتوفد جمعية الكشافة فرقاً إلى وزارة التجارة والصناعة وتسند إليها تنظيم وقوف الحجاج أمام مواقع توزيع الموارد الغذائية، وتبليغ الوزارة عن أي نقص في المواد الغذائية والتأكد من صلاحية المواد الغذائية وتوزع التسعيرات الصادرة عن الوزارة على المحلات والتأكد من التزام الباعة بها. وتقديراً من جمعية الكشافة العربية السعودية لجهود أمانة العاصمة المقدسة في موسم الحج فإن الجمعية تساند الأمانة في النهوض بأعبائها حيث تتولى جوانب عدة من أعمال الأمانة ومن ذلك متابعة عمال النظافة ومراقبة أدائهم, ومتابعة المحلات التجارية المخالفة لشروط البيع والتبليغ عنها، وإلزام باعة المواد الغذائية والمحلات التجارية بالنظافة، والتأكد من حصول العاملين في المطاعم على الرخص المطلوبة ومنع الافتراش في الممرات والطرق العامة. وتنهض وزارة الصحة بجهود كبرى في مجال الرعاية الصحية لضيوف الرحمن ولذلك تحرص جمعية الكشافة على مساندتها بعدد وافر من الفرق الكشفية وفق نظام فتري على مدار اليوم والليلة في المستشفيات المنتشرة في مكة ومنى وعرفات ويتولى أفراد الكشافة إرشاد الحجاج والمرضى التائهين ومرافقتهم إلى مقر مخيماتهم بعد مغادرة المستشفى وتنظم دخول المرضى إلى العيادات الخارجية والتخصصية في مستشفى أجياد العام، ومستشفيات المشاعر وتولي بعض مهام الاستقبال داخل المستشفيات بإرشاد المرضى نحو مرافق المستشفى وعيادته وإرشاد المرضى إلى المراكز الصحية حول الحرم و المحافظة على الهدوء والنظام داخل المستشفيات والتعاون مع الشؤون الإدارية واللجان الإشرافية والفنية في المستشفيات. وتوفد جمعية الكشافة فرقاً إلى البنك الإسلامي وتسند إليها تنظيم دخول وخروج الحجاج للمسلخ, وإرشاد الحجاج لمواقع بيع الهدي والأضاحي. ويسهم الكشافة والجوالة مع الأمانة العامة للتوعية الإسلامية بمكةالمكرمة في الحج وتتمثل هذه المشاركة في تنظيم الحضور في المحاضرات والندوات التي تقيمها الأمانة العامة، والمساعدة في توزيع الكتب والأقراص المدمجة الإسلامية التي تقوم الأمانة بتأمينها، وتنظيم المستفتين الذين يسالون عن بعض أحكام الحج في الدخول على أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ.