إن الفهم الدقيق والتشخيص السليم للأنظمة النهرية البائدة في المملكة العربية السعودية أمراً حتمياً لا يمكن إغفاله في إدارة وحماية المستوطنات الحالية( بريدة، عنيزة، الرس....) التي تكتنف خواصرها. يبرز في أواسط المملكة العربية السعودية شبكة وادي الرمة وروافده الموروثة ( الشكل 1 )، وهي بخصائصها الراهنة عظيمة وممتدة فضلاً عن ماهيتها القديمة, ما سُطِر عنها غير كاف لبناء فهم صحيح خاصة فيما يتعلق بطبيعة صبيبها و فيضاناتها القديمة خلال أحقاب وازمنة غابرة حيث كانت المنطقة تشهد تهاطل مطري كثيف جراء توغل المؤثرات الرطبة سواء الرياح الموسمية أو أعاصير البحر المتوسط الشتوية السائدة انذك. (الشكل 1): الشبكة الهيدرولوجية لوادي الرمة وروافده بأواسط المملكة العربية السعودية. في هذه الأيام أدت الفاعلية الكبيرة والممتدة لتأثيرات الرياح الموسمية في أجزاء واسعة من أرجاء الجزيرة العربية إلى خلق تأثيرات رطبة صحبها تهاطل مطري كثيف خلال أسبوع مضى ( الشكل 2)، هذا التهاطل واكبه صبيب وجريان سيلي لا بأس فيه لكثير من تلك الشبكات النهرية المذكورة. (الشكل 2): تأثيرات الرياح الموسمية الرطبة خلال 25 ابريل 2013 في حقيقة الأمر لم يدون علمياً معلومات كافية عن تلك الأنظمة النهرية المقبورة أو المحنطة (عدا بعضاً من دراسات ظهرت بحلول 2011-2013) وكان للباحثين الجغرافين بجامعة القصيم دوراً بارزاً لا يمكن تهميشه، هذه الأودية الموروثة في حقيقتها تكتنف بريدة القصيمية ، ومنها على سبيل المثال وكما هو واضح في الشكل (3) وادي الوطاة ، وادي النقيب وادي الودِى، وادي العوسج و وادي الفاجرة، مع الأسف الشديد الظاهر حالياً أن بيئة هذه الأودية مستحلة من قبل التعدى الفلاحي في مجاريها، إلى التعدي عليها إما بطمر أو إعاقة أو عبث بمساراتها الطبيعية خاصة مما يلي شمال وغرب بريدة ليس هذا فحسب بل عمل المستثمر بمباركة من المخطط على طمر تلك الأودية و إنشاء مخططات و أحياء سكنية كانت ملاذاً للاستقرار البشري لكن بعضاً منها لم تكن مناطق مثلى للسكن . (الشكل 3): جزء من الخارطة النهرية لوادي الرمة و روافده والمحلات العمرانية في حدودها المجالية. على سبيل الإيجاز بداءً في الأيام المنصرفة في مجرى وادي الفاجرة (المقبور) بعضاً من الآثار الكارثية الجنينية ( الشكل4) التي اجتاحته أثناء مواسم التهاطل المنصرم وفي هذا إنذار لأزمة بيئية بدأ يدق ناقوسه وإن لم يُتدارك الوضع، فإن الأمر قد يخرج عن السيطرة وتتحول بعضاً من أحياء بريدة إلى مناطق كوارث وأزمات يصعب معه الاستجابة في مواجهتها خاصة إذا ما عُلم أنها تقع على ضفة شبكة وادي الرمة العظيم ( الشكل 5). ( لمزيد من المعلومات يمكن الرجوع لأدلة فيضان الرمة بإقليم القصيم خلال الهولوسين أواسط المملكة العربية السعودية. مؤتمر الجغرافيا والتغيرات العالمية المعاصرة 2013). أستاذ الجيومورفولوجيا المساعد بجامعة القصيم د . احمد بن عبد الله الدغيري .