برغم قساوة السجن والقيد .. يضاف لها كبت الحرية والوحشة .. ناهيك عن سوء المبنى وتهدمه.. إلا إن إدارة سجون منطقة القصيم لم تقف طويلا لتحويل سجن مدينة بريدة إلى أحد أهم السجون الإصلاحية على مستوى العالم فبعد أن نجح مشروع العنبر المثالي والذي يستضيف الموقوفين المنضبطين بالسجن ثم يطلق إبداعهم بدورات ولقاءات وترفيه ومسابقات حتى انتهاء محكومية كل منهم .. دخل سجن بريدة التاريخ يوم أمس بعد اختلطت دموع الفرح لتعانق جدرانه معلنة انطلاقة حرية السجناء وكسرهم لأغلال السجن وغرفه الموحشة ففي تحول تاريخي لم تشهده سجون المملكة العربية السعودية وبالهمة العالية لمسؤولي إدارة سجون القصيم تم الإعلان عن تخريج أول دفعة لحملة البكالريوس من داخل السجن وكذلك الدبلومات العالية في عدد من التخصصات .. ولم يكن صباح الثلاثاء مجرد حفل تخريج كان لجامعة القصيم دور تاريخيا في جعله واقعا ملموسا بل كان كرنفالا إجتماعيا حضره أولياء أمور السجناء فالصورة كشفت عن دموع الفرح الغزيز التي تساقطت والأباء ينظرون إلى ابناءهم متفوقين قد نجحوا في تغيير حياتهم الأمر الذي خلق مشهدا دراميا يبكي حتى الصخر ويؤكد أن الهمم العالية والروح المتجددة التي تتمتع بها سجون القصيم هي أحد ملامح الإتكاء الرئيسي على معايير حقوق الإنسان التي كفلتها الدولة للجميع .. وشهد معالي مدير جامعة القصيم الأستاذ الدكتور خالد بن عبدالرحمن الحمودي، بحضور مدير إدارة سجون منطقة القصيم العميد صالح القرزعي حفل تخريج الدفعة الأولى من نزلاء سجن مدينة بريدة وحصولهم على دبلومات كلية المجتمع ببريدة في تخصصات الموارد البشرية والحاسب الآلي، في قاعة الجناح المثالي بسجن بريدة في احتفال بهيج حظي بحضور نخبة من المشايخ والمسؤولين وأولياء أمور الطلاب. وقد سلَّمهم معاليه شهادات تخرجهم كأول دفعة ضمن البرنامج التَّعليمي لجامعة القصيم في سجون بريدة الذي يُعدُّ البرنامج الأول من نوعه على مستوى المملكة في بادرة تعكس مدى استشعار مدير ومسؤولي الجامعة للدور الكبير الذي يضطلعون به تجاه المجتمع كأهم ركائز رسالة الجامعة. وبارك معاليه في كلمته خلال برنامج الاحتفاء للطلاب الخريجين ولأولياء أمورهم، داعيًا الله عزَّ وجلَّ أن يكون التخرّج دافعًا لهم ليؤدوا دورهم المنشود منهم تجاه أسرهم ومجتمعهم ووطنهم ليكونوا أعضاء فاعلين حين انتهاء محكوميتهم، مشددًا على أن الجامعة أطلقت هذه البادرة رغبة في تحقيق رؤية القيادة الرشيدة تجاه نزلاء السجون من حيث العمل على تهيئة الأجواء المناسبة لهم ليواصلوا تعليمهم ويستغلوا أوقاتهم داخل السجن بما يعود عليهم بالنَّفع والفائدة من خلال الإسهام في بناء قدراتهم العلميَّة. وأكَّد معاليه أن الجامعة تضع كل إمكاناتها في سبيل خدمة المجتمع والإسهام بفعالية في تعزيز مسيرة التطوّر الشامل الذي تشهده بلادنا في مختلف المجالات ومن ذلك خدمة نزلاء السجون من خلال تنمية مهاراتهم وقدراتهم العلميَّة ليسهموا في بناء هذا الوطن. وأعرب مدير إدارة سجون منطقة القصيم العميد صالح القرزعي عن بالغ سعادته بتخريج 13 من أبنائنا نزلاء سجن بريدة من جامعتنا (جامعة القصيم) التي فتحت لنزلاء السجون آفاقًا من العلم والمعرفة والتَّربية بإتاحة الفرصة لهم بإكمال دراستهم الجامعية منتظمين لا منتسبين من داخل السجن. ولفت العميد القرزعي إلى أن هذا البرنامج الرائد على مستوى المملكة أثره تعدى إلى خارج المنطقة ولله الحمد حيث حثت المديرية العامَّة للسجون مديري سجون المناطق على التواصل والتنسيق مع الجامعات في مناطقهم لتطبيق هذه التجربة أسوة بمبادرة جامعة القصيم التي تعكس مدى استشعار قياداتها لأهمية التَّعليم الجامعي تربويًّا في تعديل سلوك النزلاء حيث إنهَّم في يومهم تخرجهم هذا الصباح يتطلعون لمواصلة الدراسة والحصول على شهادة البكالوريوس، مشددًا على ثقته بأن الجامعة ستدعمهم وتحقق طموحاتهم بإذن الله. ورفع العميد القرزعي في الختام شكره وتقديره لسمو أمير منطقة القصيم وسمو نائبه لدعمهما الدائم للبرامج الإصلاحية في سجون القصيم وحرصهما المتواصل على تفقد أحوال النزلاء. وقدم الخريجون شكرهم وتقديرهم لجامعة القصيم ولإدارة سجون بريدة على إتاحتهم الفرصة لنزلاء السجن لاستكمال دراستهم واستغلال أوقات إقامتهم بالسجن بما يفيدهم وبما يعود عليهم بالنَّفع والفائدة، معاهدين الله عزَّ وجلَّ أن يكونوا لبنات بناء ليسهموا مع كافة شرائح المجتمع ببناء الوطن. وفي ختام الحفل انطلقت مسيرة الخريجين قبل أن يكرمهم معاليه بتسليمهم شهادات تخرجهم وهدايا تذكارية برفقة آبائهم في لحظات جميلة، كما كرّم مدير جامعة القصيم عددًا من المسؤولين والداعمين للجناح المثالي تقديرًا لأدوارهم الكبيرة في دعم البرنامج، فيما قدم مدير إدارة السجون درعًا تذكاريًّا لمعاليه تقديرًا لدعمه لمسيرة البرنامج التَّعليمي بالسجن وشهد الحفل قيام أحد المساجين المتفوقين بإهداء مشلح التفوق والتخرج لوالده مع قبلة وفاء كانت دلالة على قوة تحقيق الأأهداف المنشودة من وجود النزلاء بالسجن ليصبح سجن بريدة أحد مرتكزات الإصلاح الاجتماعي الحقيقية وهو الأمر الذي يشكر عليه جميع العاملين بإدارة السجون وسجن بريدة على وجه التحديد مبالغ مالية للخريجين احتفاءً بخريجي البرنامج الذين بلغ عددهم 13 خريجاً، قدم عدد من رجال البر والإحسان تبرعات مادية عبارة عن تهنئة لهؤلاء الخريجين الذين قدموا صورة رائعة للشخص الجاد الذي يسعى إلى مواصلة طلب العلم واستغلال وقت قضائه بالسجن بما يفيد؛ حيث افتتح الشيخ فهد بن إبراهيم المحيميد التبرعات بتقديم 3 آلاف ريال لكل خريج كما قدم الشيخ إبراهيم بن موسى الزويد 1000 ريال لكل خريج، كما قدمت لجنة تراحم لرعاية أسر السجناء 1000 ريال لكل خريج، فيما قدم فاعل خير كذلك 1000 ريال لكل منهم. شكرا جامعة القصيم.. شكرا سجن بريدة .. يوما بعد آخر تثبت جامعة القصيم أنها أحد أساسات المبادرات التاريخية بالمنطقة وأحد مرتكزات البناء الاجتماعي التربوي فبعد أن أطلقت مبادرتها وشراكتها يوم الأاثنين مع مكافحة المخدرات عادت يوم أمس لتقف على المنجز الأهم بتاريخ سجون مدينة بريدة بكوادرها وأساتذتها الكبار كما قامت إدارة سجن مدينة بكافة ضباطها وأفرادها ومسؤولي العنبر المثالي بدور كبير جدا وهام بعيدا عن الأضواء لجعل قيد الحرية نبراسا لهامش حرية أكبر وفضاء أوسع . إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل