لم تتوقف الشائعات منذ أن أعلن الجيش السوري الحر عن تنفيذ عملية نوعية ضد ما يسمى «خلية الأزمة» عن الحديث عن مقتل نائب رئيس هيئة الأركان السورية وأبرز القيادات الأمنية في البلاد العماد آصف شوكت، وهو ما يؤشر إلى تحول نوعي كبير في معادلة الصراع الداخلية بين الجيشين النظامي والحر. وما عزّز هذه التكهنات تأكيدات وردت من العاصمة السورية بأن مستشفى الشامي شهد حركة غير طبيعية منذ يومين، وأغلقت حوله جميع المداخل لعدة ساعات، قيل إن الرئيس الأسد نفسه زار المستشفى لمعاينة حالة مسؤول كبير، رجح المراقبون انه صهره آصف شوكت. وذكر موقع «العربية نت» أن الرئيس الأسد وزوجته زارا مشفى الشامي صباح الاثنين عند الساعة الثامنة صباحاً، بالإضافة إلى تأكيد إغلاق طابقين في المشفى إغلاقاً تاماً، إضافة إلى إغلاق جميع الطرق المؤدية للمستشفى لما يقارب الساعتين، بحيث تمت زيارة الرئيس الأسد للمستشفى خلال تلك الساعتين. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل شبه متطابق أخباراً عن إعلان حالة الحداد ورفع الرايات السوداء في قرية المدحلة التابعة لمحافظة حمص على الساحل السوري، وهي مسقط رأس العماد شوكت، وقيام مسلحين من هذه القرية بالهجوم على مدينة تل كلخ المجاورة، وإحراق عشرات المنازل انتقاماً لمقتله. ولكن وكما اعتادت السلطات السورية على كتمان مثل هذه الأخبار، التي تعد من أسرار الدولة العسكرية والأمنية، لم يرشح شيء عن هذه الحادثة إن كانت قد حصلت فعلاً، تماماً كما حدث مع وزير الدفاع السوري السابق العماد علي حبيب الذي سرت شائعات قوية حول مقتله، ثم نفت السلطات ذلك، ليتبين بعد شهور أنه فعلاً فارق الحياة. ويتحدث ناشطو التنسيقيات عن حالة استنفار أمني غير مسبوقة في العاصمة دمشق، فبالإضافة إلى سماع إطلاق الرصاص في أنحاء العاصمة، يتحدثون عن انتشار الحواجز الأمنية وقطع الطرقات. ومن شأن مقتل آصف شوكت، إن تأكد فعلاً، أن يشكل ضربة موجعة للنظام، خصوصاً أن شوكت يعد الشخصية الأمنية الأبرز في ما يسمى خلية الأزمة، والتي تتعامل مع الثورة السورية، وتضم قادة الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى القيادات العسكرية والحزبية الأولى. وإن صحت عملية الاغتيال التي تحدث عنها الجيش السوري الحر، فإن ذلك يعد تطوراً كبيراً على صعيد عمل هذا الجيش الذي يضم منشقين عن الجيش النظامي ومتطوعين مدنيين في صفوفه، بما يؤشر على حدوث تحول نوعي على صعيد السيطرة والتحكم. لمحة ولد آصف شوكت في العام 1950 في مدينة طرطوس على الساحل السوري، وهو ذو أصل غامض، إذ يقال عن عائلته إنهم من أصل بدوي من عرب وادي خالد استوطنوا في قرية المدحلة «العلويّة» في محافظة طرطوس. انتقل شوكت في 1968 إلى دمشق لدراسة الحقوق، ولكنه عاد للالتحاق ببرنامج دراسة التاريخ، ومن المفارقات أن أطروحته كانت عن الثورة السورية الكبرى في العام 1925 وزعمائها الريفيين فقط. تطوع في الكلية الحربية أواخر 1976، وتخرج ضابط مشاة في العام 1979، والتحق في الوحدات الخاصة، حيث شارك في حوادث الصدام المسلح بين السلطة آنذاك والإخوان المسلمين، وكان يرأس سرية الاقتحام في الوحدات الخاصة في حوادث حماة الشهيرة، وقد شاركت هذه السرية في اقتحام المنازل في حي الحاضر، وقامت باعتقالات وتصفيات جسدية من أطفال وشيوخ ونساء. بعد سلسلة من العمليات التي نفذها، والتي أظهرت إخلاصاً للأسد الأب، نقله الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى القصر الجمهوري، وكلفه مهمة الحماية الأمنية الخاصة لابنته الكبرى بشرى الأسد، التي اختارت آصف شوكت شريكاً لها، ولكن شقيقها الأصغر باسل عارض هذا الزواج بقوة. وبعد موته المفاجئ في حادث سير عام 1994 تزوجت بشرى من آصف. شامي