في قرار يعتبر بمثابة "نكسة" لإدارة الرئيس جورج بوش، أعلنت المحكمة العليا الامريكية الخميس 13-6-2008 أن الدستور يضمن للمعتقلين في غوانتانامو حق مراجعة القضاء الفيدرالي. وتعتبر هذه المرة الثالثة التي ترفض فيها اعلى هيئة قضائية امريكية تبريرات الحكومة حول هذا الاحتجاز في قاعدة غوانتاناموالامريكية في كوبا والتي لا تزال تؤوي 270 معتقلا، رغم الشجب الدولي شبه الكامل. وفي 2004 ثم في 2006, اعتبر القضاة ان المعتقلين يمكنهم مراجعة القضاء الفدرالي, لكنهم استندوا حينها الى نصوص قانونية عدل الكونغرس موادها منذ ذلك الوقت. واعتبرت المحكمة العليا الخميس, بغالبية خمسة اصوات مقابل اربعة, ان قاعدة غوانتانامو تعمل وكأنها على الاراضي الاميركية وبالتالي يفترض ان تطبق فيها نصوص الدستور ولو انها تقع على الاراضي الكوبية رسميا. وقالت المحكمة العليا في القرار الذي صاغه القاضي انطوني كينيدي, ان المعتقلين "يتمتعون بالحق الدستوري بالمطالبة بالنظر في قانونية احتجازهم". وكتب القاضي "القوانين والدستور مكتوبة لتستمر وتبقى قابلة للتطبيق في ظروف استثنائية. يمكن الجمع بين الحرية والأمن, وفي نظامنا, هناك جمع بينهما في اطار القانون". ورفض البيت الابيض التعليق على القرار فورا. وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو من روما حيث يقوم الرئيس الاميركي بزيارة رسمية, ان مساعدي بوش لا يزالون يدرسون قرار المحكمة. الا ان المحكمة العليا شددت على وجوب حل مسألة السلطة التي يتمتع بها الرئيس لاحتجاز المتقدمين بشكاوى, على ان تعالج كل حالة بمفردها لدى قضاة محاكم البداية في المحكمة الفدرالية في واشنطن. وانتقد رئيس المحكمة جون روبرتس ضمنا القرار, وقال في شرح مكتوب لموقف الاقلية "ان رؤية النتائج العملية المتواضعة لقرار الاكثرية الطموح تدفعنا الى التفكير بان هذا القرار لا يتعلق بتاتا في الواقع بالمعتقلين انما بالتحكم بالسياسة الفدرالية" ضد العدو. ورحب رئيس نقابة المحامين الامريكيين وليام نيوكوم من جهته بقرار المحكمة, معتبرا انه "يساعد على اعادة مصداقية الولاياتالمتحدة كرسول ونموذج لدولة القانون في العالم". ورأى ستيفن شابيرو, المدير القانوني في جمعية "ايه سي ال يو" النافذة المدافعة عن الحريات, ان القرار "يرفض بقوة عدم شرعية السياسة الفاشلة للادارة في غوانتانامو. ويفترض ان يكون بداية النهاية لعمل المحاكم العسكرية الاستثنائية". ومن شأن قرار المحكمة العليا فعلا ان يتيح للمعتقلين اجبار الحكومة على تقديم مجمل العناصر التي تبرر احتجازهم, وهو امر ترفض الادارة الامريكية حتى الآن القيام به متذرعة بالامن القومي. كما يسمح القرار للمعتقلين بمراجعة المحاكم الفدرالية في قضايا تتعلق باحتمال تعرضهم لسوء معاملة وخصوصا من اجل نقض قانونية المحاكم العسكرية. وستبدأ المحاكمات الاولى لمعتقلي غوانتانامو هذا الصيف في قاعة جديدة انشئت في القاعدة العسكرية الامريكية. وقد ارجئت هذه المحاكمات مرات عدة حتى الآن. وقد يكون سليم حمدان, اليمني الذي كان يعمل سائقا وحارسا شخصيا لاسامة بن لادن, اول من تشملهم المحاكمة. وكانت شكوى اولى تقدم بها حمدان في اساس قرار للمحكمة صدر في يونيو 2006 وقضى بعدم صلاحية المحاكم العسكرية الاستثنائية. وهناك شكوى جديدة في الاطار نفسه مقدمة الى قاض فدرالي في واشنطن كان ينتظر صدور قرار المحكمة العليا ليتأكد من امتلاكه صلاحية النظر في القضية.