عندما تصل عقارب الساعة إلى السابعة مساء بتوقيت المملكة سيحبس سكان المعمورة أنفاسهم لمتابعة واحدة من أهم المباريات التي عرفتها ملاعب العالم، والتي تجمع بين قطبي الكرة الإسبانية (ريال مدريدوبرشلونة) في لقاء الكلاسيكو الأشهر على مر التاريخ، والذي سيكون ملعب سانتياجو برنابيو بالعاصمة مدريد مسرحًا له وشاهدًا على مجرياته، وذلك ضمن الجولة التاسعة لليجا. لقاء الليلة هو امتداد لسلسلة طويلة من المواجهات الكروية الساخنة بين الفريقين اللذين اختلطت لدى جماهيرهما الكرة بالسياسة، فهو واحدٌ من المواجهات التي تحمل نتائجها دلالات عديدة لدى الجماهير أكثر بكثير من كونها تؤثر على ترتيب الفريقين في جدول الدوري الإسباني، خاصة أن هذه الأيام بالذات تشهد جدلا ساخنًا وصراعًا دستوريًّا في إسبانيا بين مؤيدي ومعارضي انفصال إقليم كاتالونيا (معقل برشلونة) عن الدولة الإسبانية التي يرمز لها ريال مدريد. أما على صعيد الصراع الكروي بين الريال والبارسا، فكالعادة ستكون المواجهة عنوانًا بارزًا لجولة جديدة من الصراع التقليدي بين البرتغالي كريستيانو رونالدو نجم الريال، والأرجنتيني ليونيل ميسي نجم برشلونة. فكلا اللاعبين بدأ الموسم بأفضل ما يكون؛ حيث تمكن رونالدو من تسجيل 15 هدفًا في سبع مباريات في الدوري الإسباني تمثل نصف ما سجله الفريق الملكي في المسابقة حتى الآن. كما أن لقاء الليلة يعتبر الكلاسيكو رقم 25 بين رونالدو وبرشلونة، فعندما كان يلعب لمانشستر يونايتد الإنجليزي خاض البرتغالي الفذ ثلاث مباريات أمام برشلونة، ومع الريال خاض 21 مباراة. أما ميسي فهو على أبواب تحطيم رقم قياسي جديد بعدما سجل في شباك فريق إيبار هدفه رقم 250 في الدوري الإسباني، ليصبح قاب قوسين أو أدنى من تحطيم رقم تيلمو زارا الهداف التاريخي للدوري الإسباني برصيد 251 هدفًا، وهو الرقم الذي ما زال صامدًا منذ 59 عامًا. وعلى الرغم من أن ميسي أكد أنه لا يهتم كثيرًا بتحطيم الأرقام القياسية، مفضلا التركيز على تحقيق الانتصارات لفريقه، فمن المؤكد أن الفوز على الريال وتحطيم رقم قياسي أمام أعين أنصار الفريق الأبيض سيجعل للفوز طعمًا آخر، وسيزيد من جرعة المرارة في حلوق المدريديين. غير أن الصدام الحامي بين الريال وبرشلونة له ملابسات خاصة ربما تجعل حظوظ الضيوف أكبر من أصحاب الأرض، والسبب الأبرز في ذلك هو أن الريال سيفتقد -على الأرجح- خدمات الويلزي جاريث بايل الذي غاب عن مواجهة ليفربول الإنجليزي في دوري أبطال أوروبا للإصابة، ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى تعافيه من الإصابة، وهذا سيعني شيئًا واحدًا هو أن رونالدو سيتحمل بمفرده عبء إحراز الأهداف في شباك المتألق برافو حارس برشلونة، ولن يكون بمقدوره التعاون إلا مع الفرنسي كريم بن زيمة والكولومبي خاميس رودريجيز، والأول يعيبه بطء الحركة، وسهولة مراقبته، بينما الثاني سيشارك للمرة الأولى في واحدة من جولات الكلاسيكو الإسباني، بما يعني افتقاده خبرة التعامل مع هذه المواجهات الكبيرة. على جانب آخر، تبدو متاعب لويس إنريكي -مدرب برشلونة- بسيطة للغاية، حيث يفكر في عدم الدفع ببيكيه في خط الدفاع، ولو اتخذ هذا القرار فلديه الكثير من الخيارات، لكن في المقابل فإن إنريكي لديه ترسانة هجومية جبارة تتمثل في خط وسط يجيد القيام بالواجبات الهجومية على أكمل وجه، وينجح على الدوام في حصار المنافس في نصف ملعبه بما يُعطي الأفضلية للكتالونيين، ومن أمام خط الوسط تتوافر كتيبة من المهاجمين الأفذاذ يأتي على رأسهم ميسي ويعاونه البرازيلي نيمار، وقد ازدادت قوة هجوم برشلونة بإعلان مدرب الفريق صراحة عن أنه سيشرك الأوروجوياني لويس سواريز في اللقاء بعد انتهاء إيقافه رسميًّا على خلفية قيامه بعضّ المدافع الإيطالي جورجيو كيلليني في مونديال البرازيل، ولذلك فمن المتوقع أن يتحول هجوم برشلونة الليلة إلى ما يشبه مثلث برمودا العجيب الذي يبتلع كل من يتجرأ على الاقتراب منه.