عندما يقولون عن بريطانيا أنها دولة «عظمى» لا يشترط أن يتبادر الى ذهنك حضورها الدولي الحالي، أو تاريخها في التمدد والاستعمار الماضي، حيث نشرت ثقافتها ولغتها في كل بقاع العالم، فهي لا تزال دولة «عظمى» في لغتها التي هي لسان العالم قاطبة، ولا تزال محط نظر ومستودع معظم أقليات العالم التي تعيش الاضطهاد في بلدانها، فتتجه لأحضان الحرية، ففي زيارة واحدة للندن، ومن خلال أول رؤية عابرة ستقول أن هذه المدينة هندية الطابع، فتتجه مثلاً الى شارع «اكسفور» التجاري فترى كل أجناس العالم فتغير نظرتك الأولى، بل وستجد الكثير ممن نقل ثقافته ولبسه ومطعمه، ويتجول في هذه المدينة التي تنام وتصحوا على توحيد كل ثقافات العالم في»نظام» يحترم الأفراد والجماعات، والتعبير متاح والحريات متاحة دون أن تدخل أو ضرر بحياة أو حريات الآخرين، وتتجه لشارع «يدجور رود» فتقول أنك في وسط عاصمة عربية، ثم تنعطف الى شارع ثالث فتقول أنك في قلب دولة افريقية، وبين كل ذلك تطل السنحة الأوروبية التي هي اساس تلك البلدان. أرقام السياحة البريطانية تشير الأرقام الصادرة من هيئة السياحة البريطانية بحسب تقرير الزميل أحمد غاوي في جريدة الرياض وحسب عرض إعلامي قدمه مدير التسويق في الهيئة السيد جوس كروفت الى تنامي الحركة السياحية، حسب الإحصائيات الأخيرة، بنهاية النصف الأول من 2014، زار انجلترا أكثر 16.2 مليون سائح من جميع دول العالم، وهذا يعني تتجه لتحقيق مايقارب 33 مليون سائح في هذا العام، والرقم في زيادة عدد السواح والأنفاق يرتفع تدريجيا منذ العام 2011، وبالنسبة لحصة بريطانيا من سواح الخليج الذين هم مع اليابانيين من اعلى السواح إنفاقاً على مستوى العالم، فهم قد انفقوا في بريطانيا العام الفائت 1.599 مليار جنيه استرليني، من خلال 590 الف رحلة سياحية، ومتوسط الليالي السياحية 15 ليلة سياحية، وأكثر من 107 الف من السعودية، ووفق خطط الهيئة لعام 2020م، فهي ستركز على جذب الخليج، والسعوديين بشكل خاص، فهم من أكثر الفئات التي لها دور ارتفاع الإنفاق مقارنة بالكثير من دول العالم. زيارة الإعلام السياحي للمعالم وفي هذا الصدد زار فريق الإعلام السياحي الممثل للجنة السياحة الوطنية بمجلس الغرف السعودي برحلة إلى بريطانيا بالتنسيق مع هيئة السياحة البريطانية وذلك لإطلاع والاستفادة من التجربة الثرية للسياحة في بريطانيا وذلك في الفترة من (18-27 سبتمبر)، وبمشاركة إعلاميين سعوديين، وبرئاسة عبدالرحمن الصانع نائب رئيس لجنة السياحة الوطنية بمجلس الغرف ورئيس لجنة الإعلام السياحي الفرعية. وكانت الزيارة من مطار الرياض، ثم حطت الرحلة في لندن، وكان الاستقرار الأول في فندق سيفوي فيرومنت التاريخي العريق بوسط لندن، وتعود ملكيته الحالية للأمير الوليد بن طلال وجدده كاملا بمبلغ يفوق المليار ونصف ريال، عقب سنوات قليلة من شرائه، وهو فندق كلاسيكي فخم من خمسة نجوم يحتوي على أكثر من ثلاث مئة غرفة وأربعة مطاعم فاخرة. وفي اليوم الأول للزيارة تجول الوفد في شوارع لندن العريقة بصحبة مرشد سياحي، والمرافقة الدائمة آني، وهي مسؤولة مكتب تسويق السياحة في هيئة السياحة البريطانية في دبي، وعرفنا المرشد على أهم الأماكن السياحية في طريقنا لزيارة مقر البرلمان البريطاني، وبجواره ساعة «بيج بن» الشهيرة وبالطريق زرنا قصر «وستمنستر» مكان تتويج ملوك بريطانيا والذي بني سنة 1556م، ثم قطعنا نهر التايمز حتى وصلنا (لندن إي) أو ما تعرف بعين لندن، وهي ملاصقة لنهر التايمز، وعبارة عن عجلة ضخمة استغرق بنائها أكثر من عشر سنوات، وتتسع ل 25 شخصا، وتأخذ الزوار بجولة، وكأنها «كبسولة» دوارة، وحين تصل لأقصى ارتفاع لها يمكنك مشاهدة وسط لندن، ويصل عدد الزوار لهذا الموقع فقط الى 3,5 مليون سائح سنويا. ثم اتجهنا مشيا إلى محطة المترو المواصلات الرئيسة، وهي شبكة قطارات عملاقة تحت الأرض تربط إحياء لندن بعضها ببعض، ركبنا المترو لزيارة برج (شارد)، وهو برج من استثمار للحكومة القطرية وهو أعلى ناطحت سحاب في أوروبا بني على مساحة قدرها 110 ألف متر مربع، ويطل على تعرجات نهر التايمز واجهته مكسية بالزجاج فكرة بناءه مستوحاة من صواري السفن التي ترسو على النهر وبارتفاع 306 امتار و77 دورا يحتوي على مكاتب ومطاعم وشقق سكنية تبدأ أسعارها من 5 ملايين إلى 60 مليون جنيه استرليني ومطل علوي بالأدوار العشرة الأخيرة، حيث يمكنك مشاهدة جميع إحياء لندن، وشملت جولة الوفد زيارة أحد أهم معالم لندن السياحية، وهو متحف الشمع المعروف بمدام (توسو)، والذي يجسد الشخصيات المشهور عالميا في السياسة والثقافة والفن والرياضية بصور، ويحرص السواح على أخذ صور تذكارية مع مجسمات الشموع التي لا تفرق عن الشكل الحقيقي للشخصية المجسمة. التسوق العالمي.. والطبيعة الخضراء أنفق زوار بريطانيا السنة الفائتة 4،6 مليارات جنيه استرليني على التسوق، فبريطانيا تقدّم مزيجاً جذاباً من أهم المصممين وأرقى المتاجر المجبولة بالتراث والتاريخ. كما تتشكل بين ليلة وضحاها مساحات تسويقية الى جانب متاجر يعود عمرها الى عقود مضت، ومن اشهر المتاجر في لندن والتي اطلع عليها الوفد اثناء الزيارة «هارودز» المملوك حالياً وكان قبلها لرجل الأعمال المصري الشهير الفايد، وكذلك سوق «سيلفرج» وغيرها من الأسواق والماركات التجارية العالمية، في شارع اكسفورد وغيره، حيث تجذب هذه المواقع السواح من دول الخليج بشكل خاص، وتعرض الكثير منها ماركات عالمية من مختلف السلع، واغلب هذه المراكز الكبيرة، تتيح إعادة الضريبة للسواح والزائر الأجنبي الذي لاتطبق دفع الضريبة للدولة البريطانية، والتي هي بمتوسط 10% من سعر الشراء، كتشجيع للسياحة، وخاصة أن بريطاينا من الدول الأوروبية المعروفة بغلاء المعيشة، وارتفاع اسعار اغلب السلع، وعندما تتجه في بريطانيا لجميع الجهات الأربع، وتبتعد عن المدن الكبيرة، وحتى في اطرافها ستشاهد الأراضي والجبال الخضراء على مساحات شاسعة، وتتمتع بريطانيا بعراقة تاريخية واسعة، حيث تشتهر بقلاع ومواقع تاريخية ومتاحف تراثية متنوعة، ومنها قلعة «ورك» التي زارها الوفد في مقاطعة شكسبير إنجلترا والتي تبعد عن لندن 120كم ساعة بالقطار وبنيت سنة 1100م ومساحتها 100 هكتار. ومن المواقع الهامة في لندن قصر باكنجهام، حيث يضم 775 غرفة وضعت لخدمة العائلة الملكية البريطانية، ويستطيع الزائر له الحصول على تعريف كامل بكل أماكن القصر، من خلال سماعات مخصصة للزوار، وهو تحفة معمارية وهندسية أبدع فيها الإنسان بالتصميم والتنفيذ والجمال. كادوبري.. ورنج روفر ومن المواق التي زارها الوفد مصنع الشوكولاته «كادبري»، وهو أضخم مصنع شوكولاته في إنجلترا، وإنشاء من القرن السابع عشر على يد كادبري وسميت المنتجات باسمه، وكان يجلب خاما الشوكولاته من غينا، واستفادت الشركة المالكة بتحويل المصنع إلى مزار سياحي وصل عددهم إلى 4 ملايين زائر سنويا منهم مليون من أطفال المدارس، حتى يزرع فيهم حب الشوكولاته لهذا النوع منذ نعومة أظافرهم سياسة تسويقية مدروسة، قسم المصنع إلى عدة أقسام بعض من خطوط الإنتاج يمكن مشاهدتها، الألعاب الإلكترونية منها لتسلية ومنها بذكاء بترغيب الزائر بتلك المنتجات والاهم الأطفال، وعرضت مجسمات شخصية قديمة تحكي قصة تطور صناعة الشوكولاته على مدى أكثر من قرن ونصف. ومن زيارات الوفد، زيارة متحف سيارات الدفع الرباعي من نوع «رنج روفر» البريطانية، وأخذونا بجولة في ارض تم تحويلها إلى تضاريس شديدة القسوة لبيان قدرة هذه السيارة العالية الجودة القيادة في التضاريس الصعبة، بعدها دخلنا صالة العرض فشاهدنا عشرات الأنواع من السيارات القديمة والتي يرجع البعض منها إلى أول سيارة تم صنعها، وسيارات ذات الأشكال العجيبة. هلتون.. وملوري من الفنادق التي سكنها الوفد السعودي اثناء هذه الزيارة، فندق هيلتون بارك، المطل على الحديقة المشهورة في لندن «الهايد بارك»، ويزورها اغلب سواح لندن، وهو فندق فخم، وبمطاعم وصالات متعددة للمناسبات ويوجد عدد من موظفيه يتحدثون العربية، وينزل به العديد من العرب والخليجين، وهو قريب من السفارة السعودية، وفي حي «ماي فير» الشهير، وقريب لشارع العرب، وشارع كسفور وهارودز، وقريب منه العديد من المطاعم العربية، ومحطات المترو، كما سكن الوفد بفندق (ملوري كوت) والذي يبعد عن لندن 155 كم، ويقع وسط غابة في منطقة (وارويك شايرا) ويحتوي على 32 غرفة فقط، حيث كان قصرا لأحد الأثرياء فتم تحويله إلى منتجع صغير بغرف مؤثثة بشكل ممتاز ومتسعة، يحتوي الفندق على مطعم فاخر وصالة حفلات تسع ل 20شخص، ويعمل فيه أكثر من خمسين موظفا لخدمة نزلائه، ومعظم زبائنه من طبقة أثرياء الانجليز. ومن الفعاليات التي حضرها الوفد في لندن، مسرحية «الملك الأسد» في مسرح «ليكيم» العريق والذي بني منذ 500 سنة ويستوعب أكثر من الفي مشاهد، وعمر المسرحية 10 سنوات وتعرض مرتين يوميا، وشاهدها أكثر من 15 مليون زائر، وهي مستوحاة لقصة خيالية من التراث شرق أفريقيا، شخصياتها من حيوانات الغابة وبطلها الأسد، وتستخدم فيها تقنيات ومؤثرات عالمية، وإتقان وجودة في الإخراج تجعل المشاهد ينبهر خلال ساعة ونصف، هي عمر المسرحية. النظافة.. ثم النظافة نظافة الأماكن السياحية على كثرة الزوار، وتوفير الخدمات المساندة كالمطاعم ودورات المياه واللوحات الإرشادية، هي من أهم سمات المواقع السياحية البريطانية، وجميع الأماكن تفرض رسوم دخول، ومن تلك الرسوم يصرف على هذا المكان ليظل مزارا سياحيا متكامل الخدمات، ويوفر ايضاً فرص عمل، فضلاً عن توفير دخل اقتصادي هام للدولة، وايضاً النظافة جيدة في محطات واستراحات وموتيلات الطرق، التي تنتشر على معظم الطرق السريعة، وتوفر الخدمات من مطاعم متنوعة واسواق ومقاهي تقدم الخدمات بشكل تنافسي جيد. «طيران ناس».. راعٍ للرحلة طيران ناس الطيران الاقتصادي المتميز كان هو الراعي الرسمي للرحلة الإعلامية الى بريطانيا، والذي بدء مؤخراً رحلات الدولية الى مطار «قيت ويك» ورافق الإعلاميين في الرحلة مدير العلاقات العامة في طيران ناس محمد الهدلق، والذي تابع ووقف على راحة رفقاء الرحلة، وقدم لهم معلومات عن خطوات ناس التطويرية، وعن طائرة ناس الحديثة من نوع ايرباص 330، التي تعمل على خط الرياض - لندن، وتتوفر مقاعد للدرجة الاقتصادية ورجال الأعمال بأسعار مخفضة وتنافسية على مدار العام، مع تركيز على تقديم خدمات جيدة، وعناية بالمسافر من الخدمات الأرضية وعلى متن الطائرات، ومن خلال فريق اصبح محترفا في عالم الطيران، وكان للزميل الهدلق من طيران ناس دور في احتفال الوفد بعيدنا الوطني ال84 زميلنا حيث أحضر معه العلم السعودي، والتقطنا الصور التذكارية في القعلة الإنجليزية التاريخة «يورك».