في أجواء استثنائية من تاريخ العلاقات بين البلدين، يصل الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى الرياض، غدًا الجمعة، وسط توقعات بأن تشكل الزيارة تحولًا في عدد من الملفات التي سببت توترًا بينهما في الأشهر الأخيرة. والزيارة هي الثانية لأوباما منذ فوزه برئاسة الولاياتالمتحدة، ويصفها خبراء بالمحورية التي تعكس تمسك أمريكا بالحفاظ على التحالف الاستراتيجي بين الجانبين، والذي يزيد عمره على سبعة عقود. وتأتي الزيارة الجديدة في أجواء مغايرة لأجواء الزيارة الأولى التي جاء بعد أشهر قليلة من فوزه بالرئاسة؛ حيث حل أوباما على المنطقة عام 2009 وزار عددا من دولها في أجواء من الاستبشار بمستقبل أفضل في العلاقات مع الولاياتالمتحدة، وتفاؤل بأن أوباما سيساهم في حل الكثير من قضايا المنطقة، وعلى رأسها ملف الصراع العربي- الإسرائيلي. غير أن الزيارة المقررة غدًا تأتي وسط خلافات وتوترات بين عدد من دول المنطقة، وعلى رأسها المملكة ومصر، مع الولاياتالمتحدة، تتعلق باستنكار تلك البلدان، لما يوصف بدعم أمريكا لجماعة الإخوان المسلمين وبالتعثر في ملف سلام الشرق الأوسط، إضافة إلى ما يتعلق بتطورات الأزمة في سوريا والعلاقات مع إيران. وتوقع خبراء أن تهيمن قضايا الاستقرار الإقليمي والأزمة الإيرانية وأمن الخليج والأزمة السورية والأوضاع في مصر على المحادثات، فضلا عن توقعات بضغط الرياض لدفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وضمان انتخابات نزيهة في العراق. وتوقع واين مادسن، الكاتب المتخصص في الشؤون الدولية والضابط السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي، أن يتصدر الملفان السوري والإيراني، محادثات الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع خادم الحرمين الشريفين. وقال "مادسن"، في حوار أجرته معه "عكاظ" إن "أوباما" سيحمل خلال زيارته للمملكة العديد من المبادرات حيال إيجاد حلول لقضايا المنطقة، خاصة الأزمة السورية وعملية السلام في الشرق الأوسط. وأضاف أن الإدارة الأمريكية حريصة على تعزيز علاقاتها مع الرياض وستكون في نفس الوقت حذرة جدا في مفاوضاتها المستقبلية مع إيران عبر مجموعة (5+1)، لافتًا إلى ضرورة منع طهران من المضي قدمًا في برنامجها النووي الذي يمثل تهديدًا للأمن والسلام في المنطقة. وإضافة إلى العلاقات الثنائية، فقد كان مقررًا عقد قمة خليجية تضم قادة دول مجلس التعاون مع أوباما في الرياض، إلا أن تقارير صحفية تواترت عن إلغائها، وسط عدم تأكيد من مصادر سعودية أو أمريكية رسمية. فقد قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن الولاياتالمتحدة ألغت مؤتمر القمة بسبب الوضع السياسي المضطرب في المنطقة. وتابعت، نقلا عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، أن قرار الإلغاء جاء بناء على رغبة عدد من المسؤولين بدول مجلس التعاون. وكان موعد القمة الخليجية- الأمريكية المعلن يومي 28 و29 مارس الجاري. وبحسب ما ورد في الصحيفة ذاتها فإنه بالرغم من التعاون المشترك بين الولاياتالمتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في كثير من القضايا الأمنية والاقتصادية، وبالرغم من التعاون العسكري الوثيق بين الطرفين؛ فإن الحرب الأهلية في سوريا والملف النووي الإيراني تسببا في تكدير صفو العلاقات. وزاد من احتدام الموقف في المنطقة سحب السعودية والإمارات والبحرين سفرائها من قطر؛ ردًّا على عدم استجابة الأخيرة لمطالب الدول الثلاث بالحفاظ على أمن الخليج. وفي وقت سابق من الأسبوع، قالت صحيفة "الخليج" الإماراتية إن القمة الخليجية- الأمريكية المرتقبة ستقتصر على أوباما وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، دون حضور لبقية قادة دول مجلس التعاون. ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية، لم تسمها، أن موقف قطر "التي تغرد بعيدًا خارج سرب مجلس التعاون" حال دون اجتماع مخطط له مسبقًا بين قادة دول التعاون جميعًا وأوباما أثناء زيارة الأخير للرياض؛ ولذلك اتجهت إرادة دولة الإمارات وشقيقاتها إلى اعتبار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ممثلا لكل دول التعاون في لقاء أوباما. وأضافت "الخليج": "أن دول التعاون أرادت مواجهة الرئيس الأمريكي في هذه المرحلة الحساسة الحافلة بالأحداث والتغيرات على مستوى الإقليم والعالم بموقف واحد وصوت يتسق مع بعضه بعضًا". وقال متابعون لمجريات السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن ل"الخليج" إن إدارة أوباما تفهمت ذلك بعد أن أبلغت به. وكان الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، نائب وزير الدفاع، استبق زيارة أوباما بزيارة إلى واشنطن، الأسبوع الماضي، اجتمع خلالها بوزير الدفاع الأمريكي، تشاك هيجل، وعدد من مسؤولي وزارة الخارجية والاستخبارات.